جانب من نعم الله على بنی إسرائیل:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأعراف / الآیة 159 ـ 160 سورة الأعراف / الآیة 161 ـ 162

فی الآیات الحاضرة إشارة إلى حقیقة رأینا نظیرها فی القرآن الکریم، وهذه الحقیقة هی تحری القرآن للحق، واحترامه لمکانة الأقلیات الدینیة الصالحة، یعنی أنّه لم یکن لیصف جمیع بنی إسرائیل بأسرهم بالفساد والإفساد، وبأنّ هذا العرق القومی برمته ضالّ متمرد من دون إستثناء، بل اعترف بأنّ منهم أقلیة صالحة غیر موافقة على أعمال الأکثریة، وقد أولى القرآن الکریم اهتماماً خاصّاً بهؤلاء فیقول: (ومن قوم موسى أُمّة یهدون بالحقّ وبه یعدلون ).

إنَّ هذه الآیة قد تشیر إلى فریق صغیر لم یسلّموا للسامریّ ودعوته، وکانوا یدافعون عن دین موسى دائماً وأبداً، أو إلى الفرق والطوائف الصالحة الاُخرى التی جاءت بعد موسى (علیه السلام).

ولکن هذا المعنى یبدو غیر منسجم مع ظاهر الآیة، لأن «یهدون» و«یعدلون» قعل مضارع، وهو على الأقل یحکی عن زمان الحال، یعنی عصر نزول القرآن، ویثبت وجود مثل هذا الفریق فی ذلک الزمان، إلاّ أن نقدّر فعل «کان» فتکون الآیة إشارة إلى الزمان الماضی، ونعلم أن التقدیر من دون قرینة خلاف الظاهر.

وکذلک یمکن أن یکون ناظراً إلى الأقلیة الیهودیة الذین کانوا یعیشون فی عصر رسول الله (صلى الله علیه وآله) والذین اعتنقوا الإسلام تدریجاً وبعد مطالعة دعوة النّبی ومحتوى رسالته، وانضموا إلى صفوف المسلمین الصادقین. وهذا التّفسیر ینسجم أکثر مع ظاهر الفعلین المضارعین المستعملین فیها.

وما جاء فی بعض روایات الشیعة والسنّة من أنّ هذه الآیة إشارة إلى فریق صغیر من بنی إسرائیل یعیشون فیما وراء الصین، عیشة عدل وتقوى وتوحید وعبودیة الله تعالى فغیر مقبول، لأنّه مضافاً إلى عدم موافقته لما نعلمه من جغرافیا العالم الیوم، ومضافاً إلى أنّ التواریخ الحاضرة الموجودة لا تؤید هذا الموضوع، فإنّ الأحادیث المذکورة غیر معتبرة من حیث السند، ولا یمکن أن یُعتمد علیها کأحادیث صحیحة حسب قواعد علم الرجال.

وفی الآیة اللاحقة یشیر القرآن الکریم إلى عدّة أقسام من نعم الله على بنی إسرائیل.

النعمة الاُولى: فیقول: (وقطّعناهم اثنتى عشرة أسباطاً أُمماً ) وهذا التقطیع والتقسیم إنّما هو لأجل أن یسودهم نظام عادل، بعید عن المصادمات الخشنة.

وواضح أنّه عندما یکون فی شعب من الشعوب تقسیمات إداریة صحیحة ومنظمة، ویخضع کل قسم من تلک الأقسام لقیادة قائد قدیر، فإنّ إدارتهم ورعایة العدالة بینهم تکون أسهل، ولنفس هذا السبب عمدت جمیع الدول إلى مثل هذا العمل وأخذت بهذه القاعدة.

و«أسباط» جمع سبط (بفتح السین وبکسرها) تعنی فی الأصل الإنبساط فی سهولة، ثمّ یطلق السبط والأسباط على الأولاد وبخاصّة الأحفاد لأنّهم امتداد العائلة.

والمراد من الأسباط ـ هنا ـ هو قبائل بنی إسرائیل وفروعها، الذین کان کل واحد منها منشعباً ومنحدراً من أحد أولاد یعقوب (علیه السلام).

والنّعمة الاُخرى هی: أنّه عندما کان بنو إسرائیل متوجهین إلى بیت المقدس وأصابهم العطش الشدید الخطیر فی الصحراء، وطلبوا من موسى (علیه السلام) الماء، أوحی إلیه أن اضرب بعصاک الحجر... ففعل فنبع الماء فشربوا ونجوا من الهلاک (وأوحینا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاک الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عینا ).

وقد کانت الینابیع هذه مقسمة بین أسباط بنی إسرائیل بحیث عرف کل سبط منهم نبعه الذی یشرب منه (قد علم کلّ أناس مشربهم ).

ویستفاد من هذه الجملة أنّ هذه الینابیع الإثنى عشر التی نبعت من تلک الصخرة العظیمة کانت معلّمة بعلامات ومتمیز بعضها عن بعض بفوارق، بحیث کان یعرف کل فریق من فرق بنی إسرائیل نبعه المختص به والمقرّر له، لا یقع بینهم أی خلاف ویسود النظم والإنضباط فی جماعتهم، ویتمّ الشرب بصورة أسهل وأفضل.

والنّعمة الثالثة هی: أنّ الله تعالى أرسل لهم ـ فی تلک الصحارى الملتهبة حیث لا سقف ولا ظلال ـ سحباً ظلّلتهم (وظلّلنا علیهم الغمام ).

والنّعمة الرّابعة: إنزال المنّ والسلوى علیهم کغذائین لذیذین ومقویین (وأنزلنا علیهم المنّ والسلوى ).

ثمّ إنّ المفسّرین أعطوا تفسیرات متنوعة لهذین الغذاءین «المنّ» و«السلوى» اللذین أنزلهما الله على بنی إسرائیل فی تلک الصحراء القاحلة (وقد ذکرنا هذه التفاسیر عند دراسة الآیة 57 من سورة البقرة) وقلنا بأنّه لا یبعد أنّ «المن» کان نوعاً من العسل الطبیعی الذی کان فی بطون الجبال المجاورة، أو عصارات وإفرازات نَباتیة کانت تظهر على أشجار کانت نابتة هنا وهناک فی تلک الصحراء، و«السلوى» نوع من الطیر الحلال اللحم شبیه بالحمام. (1)

ثمّ یقول الله تعالى: وقلنا (کلوا من طیّبات ما رزقناکم ).

ولکنّهم أکلوا وکفروا النعمة ولم یشکروها وبذلک ظلموا فی الحقیقة أنفسهم (وما ظلمونا ولکن کانوا أنفسهم یظلمون ).

ویجب الإنتباه إلى أنّ مضمون هذه الآیة جاء فی الآیات 57 و60 من سورة البقرة مع فارق بسیط، غایة ما فی الأمر أنّه عبر عن نبوع الماء من الصخر هنا بـ «انبجست» وهناک بـ «انفجرت»، وحسب اعتقاد جماعة من المفسّرین أنّ التفاوت بین هاتین العبارتین هو أنّ «انفجرت» تعنی «خروج الماء بدفع، وکثرة» و«انبجست» تعنی «خروج الماء بقلّة» ولعل هذا التفاوت لأجل الإشارة إلى أنّ عیون الماء المذکورة لم تنبع من الصخرة العظیمة دفعة حتى یصیر ذلک سبباً لإستیحاشهم وخوفهم وقلقهم، ولا تکون لهم قدرة على تنظیم المیاه المتدفقة وحصرها، بل خرجت ابتداءً بهدوء وقلّة، ثمّ توسعت المجاری وکثرت المیاه النابعة.

وذهب بعض المفسّرین إلى أنّ هاتین الکلمتین ترجعان إلى مفهوم واحد.


1. لمزید الایضاح لـ ( منّ والسلوى ) راجع الى هذا التفسیر ذیل الآیة 57 من سورة البقرة.
سورة الأعراف / الآیة 159 ـ 160 سورة الأعراف / الآیة 161 ـ 162
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma