یعود الکلام مرّة اُخرى إلى المشرکین، ویدور الاستدلال حول وحدانیة الله وعبادة الواحد الأحد عن طریق تذکیرهم باللحظات الحرجة والمؤلمة التی تمرّ بهم فی الحیاة، ویستشهد بضمائرهم، فهم فی مثل تلک المواقف ینسون کلّ شیء، ولا یجدون غیر الله ملجأ لهم.
یأمر الله سبحانه نبیّه أن: (قل أرأیتکم إن أتاکم عذاب الله أو أتتکم الساعة أغیر الله تدعون إن کنتم صادقین )(1).
الحالة النفسیة التی تصوّرها هذه الآیة لا تنحصر فی المشرکین، بل فی کلّ إنسان حین یتعرّض إلى الشدّة وحوادث الخطر وقد لا یلجأ الإنسان فی الحوادث الصغیرة والمألوفة إلى الله، إلاّ أنّه فی الحوادث الرهیبة والمخیفة ینسى کلّ شیء وإن ظلّ فی أعماقه یحس بأمل فی النجاة ینبع من الإیمان بوجود قوّة غامضة خفیّة، وهذا هو التوجّه إلى الله وحقیقة التوحید.
حتى المشرکون وعبدة الأصنام لا یخطر لهم التوسل بأصنامهم، بل ینسونها فی مثل هذه الظروف تماماً، فتقول الآیة: (بل إیّاه تدعون فیکشف ما تدعون إلیه إن شاء وتنسون ما تشرکون ).