هل یمکن قلب العصا إلى حیة عظیمة؟!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
المواجهة بین موسى وفرعون: سورة الأعراف / الآیة 109 ـ 112

على کل حال لا شک فی أنّ تبدیل «العصا» إلى حیة عظیمة معجزة، ولا یمکن تفسیرها بالتحلیلات المادیة المتعارفة، بل هی من وجهة نظر الإلهی الموحد ـ الذی یعتبر جمیع قوانین المادة محکومة للمشیئة الربانیة ـ لیس فیها ما یدعو للعجب فلا عجب أن تتبدل قطعة من الخشب إلى حیوان بقوة ما فوق الطبیعة.

ویجب أن لا ننسى أن جمیع الحیوانات فی عالم الطبیعة توجد من التراب، والأخشاب والنباتات هی الاُخرى من التراب، غایة ما هنالک أن تبدیل التراب إلى حیة عظیمة یحتاج عادة إلى ملایین السنین، ولکن فی ضوء الإعجاز تقصر هذه المدّة إلى درجة تتحقق کل تلک التحولات والتکاملات فی لحظة واحدة وبسرعة، فتتخذ القطعة من الخشب ـ التی تستطیع وفق الموازین الطبیعیة أن تتغیّر إلى هذه الصورة بعد مضی ملایین السنین ـ تتخذ مثل هذه الصورة فی عدّة لحظات.

والذین یحاولون أن یجدوا لمعاجز الأنبیاء تفسیرات طبیعیة ومادیة وینفوا طابعها الإعجازی، ویظهروها فی صورة سلسلة من المسائل العادیة مهما کانت هذه التفاسیر مخالفة لصریح الکتب السماویة. إنّ هؤلاء یجب أن یوضحوا موقفهم: هل یؤمنون بالله وقدرته ویعتبرونه حاکماً على قوانین الطبیعة، أم لا؟ فإذا کانوا لا یؤمنون به وبقدرته، لم یکن کلام الأنبیاء ومعجزاتهم إلاّ لغواً لدیهم. وإذا کانوا مؤمنین بذلک، فما الداعی لنحت مثل هذه التّفسیرات والتبریرات المقرونة بالتکلف والمخالفة لصریح الآیات القرآنیة. (وإن لم نر أحداً من المفسّرین ـ على ما بینهم من اختلاف السلیقة ـ عمد إلى هذا التّفسیر المادی ، ولکن ما قلناه قاعدة کلیة).

ثمّ إنّ الآیة اللاحقة تشیر إلى المعجزة الثّانیة للنّبی موسى (علیه السلام) التی لها طابع الرجاء والبشارة، یقول تعالى: (ونزع یده فإذا هی بیضاء للناظرین ).

«نزع» تعنی فی الأصل أخذ شیء من مکان، مثلا أخذ العباءة من الکتف واللباس عن البدن یعبر عنه فی اللغة العربیة بالنزع فیقال: نزع ثوبه ونزع عباءته، وهکذا أخذ الروح من البدن یطلق علیه النزع. وبهذه المناسبة قد یستعمل فی الإستخراج، وقد جاءت هذه اللفظة فی الآیة الحاضرة بهذا المعنى.

ومع أنّ هذه الآیة لم یرد فیها أی حدیث عن محل إخراج الید، ولکن من الآیة 32 من سورة القصص (اسلک یدک فی جیبک تخرج بیضاء ) (1) یستفاد أنّ موسى کان یدخل یده فی جیبه ثمّ یخرجها ولها بیاض خاص، ثمّ تعود إلى سیرتها وحالتها الاُولى.

ونقرأ فی بعض الأحادیث والرّوایات والتفاسیر أنّ ید موسى کانت مضافاً إلى بیاضها تشعّ بشدّة، ولکن الآیات القرآنیة ساکتة عن هذا الموضوع، مع عدم تناف بینهما.

إنّ هذه المعجزة والمعجزة السابقة حول العصا ـ کما قلنا سابقاً ـ لیس لها جانب طبیعی وعادی، بل هی من صنف خوارق العادة التی کان یقوم بها الأنبیاء، وهی غیر ممکنة من دون تدخل قوة فوق طبیعیة فی الأمر.

وهکذا أراد موسى بإظهار هذه المعجزة أن یوضح هذه الحقیقة، وهی أن برامجه لاتتضمن جانب الترهیب والتهدید فقط، بل الترهیب والتهدید للمخالفین والمعارضین، والتشویق والإصلاح والبناء والنورانیة للمؤمنین.


1. تفسیر مجمع البیان، ج 4، ص 323.
المواجهة بین موسى وفرعون: سورة الأعراف / الآیة 109 ـ 112
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma