التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأعراف / الآیة 31 ـ 32 1ـ الزّینة والتّجمل من وجهة نظر الإسلام

الحدیث فی هاتین الآیتین یتناسب مع قصّة آدم فی الجنّة، وکذلک یتناول مسألة اللباس وسائر مواهب الحیاة، وکیفیة الاستفادة الصحیحة منها.

فی البدایة یأمر جمیع أبناء آدم ضمن دستور عام أبدی، یشمل جمیع الأعصار والقرون، أن یتخذوا زینتهم عندما یذهبون إلى المساجد (یا بنی آدم خذوا زینتکم عند کلّ مسجد ).

هذه الجملة یمکن أن تکون إشارة إلى کل «زینة جسمانیة» ممّا یشمل لبس الثیاب المرتبة الطاهرة الجمیلة، وتمشیط الشعر، واستعمال الطیب والعطر وما شابه ذلک کما یمکن أیضاً أن تکون إشارة إلى کل «زینة معنویة» یعنی الصفات الإنسانیة والملکات الأخلاقیة، وصدق النیة وطهارتها وإخلاصها.

وإذا رأینا أنّ بعض الرّوایات الإسلامیة تشیر ـ فقط ـ إلى اللباس الجیّد أو تمشیط الشعر، أو إذا رأینا أنّ بعضها الآخر یتحدث ـ فقط ـ عن مراسیم صلاة العید وصلاة الجمعة، فإنّ ذلک لا یدل على الإنحصار، بل الهدف هو بیان مصادیقها الواضحة (1).

وهکذا إذا رأینا أنّ طائفة اُخرى من الرّوایات تفسّر الزینة بالقادة الصالحین (2)، فإنّ کل ذلک یدل على سعة مفهوم الآیة الذی یشمل جمیع أنواع الزینة الظاهریة والباطنیة.

وهذا الحکم وإن کان یتعلق بجمیع أبناء آدم فی کل زمان ومکان، إلاّ أنّه ینطوی ضمناً على ذم عمل قبیح کان یقوم به جماعة من الأعراب فی العهد الجاهلی عند دخولهم فی المسجد الحرام والطواف بالکعبة المعظمة، حیث کانوا یطوفون بالبیت المعظم عراةً من دون ساتر یستر عوراتهم، کما أنّه یتضمن ـ أیضاً ـ نصیحة لأولئک الذین یرتدون عند إقامة الصلاة أو الدخول إلى المساجد ثیاباً وسخة خلقة أو ألبسة تخصّ المنزل، ویشترکون فی مراسیم عبادة وهم على تلک الهیئة المزریة، الأمر الذی نشاهده الیوم ـ وللأسف ـ بین بعض الغفلة السذج من المسلمین، فی حین أننا مکلّفون ـ طبقاً للآیة الحاضرة، والرّوایات الواردة فی هذا الصعید ـ بأن نرتدی لدى إرتیادنا للمساجد أفضل ثیابنا وألبستنا.

ثمّ فی العبارة اللاحقة یشیر سبحانه إلى مواهب اُخرى، یعنی الأطعمة والأشربة الطاهرة الطیبة، ویقول: (وکلوا واشربوا ).

ولکن حیث إنّ الإنسان حریص بحکم طبیعته البشریة، یمکن أن یسیء استخدام هذین التعلیمین، وبدل أن یستفید من نعمة اللباس والغذاء الصحیح بالشکل المعقول والمعتدل، یسلک سبیل الإسراف والتبذیر والبذخ، لهذا أضاف مباشرة قائلا: (ولا تسرفوا إنّه الله لا یحبّ المسرفین ).

وکلمة «الإسراف» کلمة جامعة جدّاً بحیث تشمل کل إفراط فی الکم والکیف، وکذا الأعمال العابثة والإتلاف وما شابه ذلک، وهذا هو أسلوب القرآن خاصّة، فهو عند الحث على الاستفادة من مواهب الحیاة والطبیعة یحذّر فوراً من سوء إستخدامها، ویوصی برعایة الإعتدال.

وفی الآیة اللاحقة یعمد إلى الردّ ـ بلهجة أکثر حدّةً ـ على من یظن أنّ تحریم أنواع الزینة والتزین والإجتناب من الأطعمة الطیبة الحلال علامة الزهد، وسبباً للتقرب إلى الله فیقول: أیّها النّبی (قل من حرّم زینة الله التی أخرج لعباده والطّیّبات من الرزق

إذا کانت هذه الاُمور قبیحة فإنّ الله تعالى لا یخلق القبیح، وإذا خلقها الله لیتمتع بها عباده فکیف یمکن أن یحرّمها؟ وهل یمکن أن یکون هناک تناقض بین جهاز الخلق، وبین التعالیم الدینیة؟!

ثمّ أضاف للتأکید: (قل هی للّذین آمنوا فی الحیاة الدنیا خالصة یوم القیامة )أی إنّ هذه

النعم والمواهب قد خلقت للمؤمنین فی هذه الحیاة، وإن کان الآخرون ـ أیضاً ـ یستفیدون منها رغم عدم صلاحیتهم لذلک، ولکن فی یوم القیامة حیث الحیاة الأعلى والأفضل، وحیث یتمیز الخبیث عن الطیب، فإنّ هذه المواهب والنّعم ستوضع تحت تصرف المؤمنین الصالحین فقط، ویحرم منها الآخرون حرماناً کلیّاً.

وعلى هذا الأساس فإنّ ما هو للمؤمنین فی الدنیا والآخرة، وخاص بهم فی العالم الآخر کیف یمکن أن یحرّم علیهم؟ إنّ الحرام هو ما یورث مفسدة، لا ما هو نعمة وموهبة.

هذا وقد احتمل أیضاً فی تفسیر هذه العبارة من الآیة أنّ هذه المواهب وإن کانت فی هذه الدنیا ممزوجة بالآلام والمصائب والبلایا، إلاّ أنّها توضع تحت تصرف المؤمنین وهی خالصة من کل ذلک فی العالم الآخر (ولکن التّفسیر الأوّل یبدو أنّه أنسب).

وفی ختام الآیة یقول من باب التأکید: (کذلک نفصّل الآیات لقوم یَعْلَمون ).


1. للإطلاع على هذه الرّوایات راجع تفسیر البرهان ج 2، ص 9 و10; وتفسیر نورالثقلین ج 2، ص 18 و19.
2. المصدر السابق.
سورة الأعراف / الآیة 31 ـ 32 1ـ الزّینة والتّجمل من وجهة نظر الإسلام
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma