ما هو میزان الأعمال یوم القیامة؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
التّوفیق بین آیات المساءلة فی القرآن: سورة الأعراف / الآیة 10

لقد وقع کلام کثیر بین المفسّرین والمتکلمین حول کیفیة وزن الأعمال یوم القیامة، وحیث إنّ البعض تصوّر أنّ وزن الأعمال ومیزانها فی یوم القیامة یشبه الوزن والمیزان المتعارف فی هذه الحیاة، ومن جانب آخر لم یکن للأعمال البشریة وزن، وخفة وثقل یمکن أن یُعرَف بالمیزان، لهذا لابدّ من حلّ هذه المشکلة عن طریق فکرة تجسّم الأعمال، أو عن طریق أنّ الأشخاص أنفسهم یوزنون بدل أعمالهم فی ذلک الیوم.

حتى أنّه روی عن «عبید بن عمیر» أنّه قال: «یؤتى بالرجل الطویل العظیم فلا یزن جناح بعوضة» إشارة إلى أنّ اُولئک الأشخاص کانوا فی الظاهر أصحاب شخصیات کبیرة، وأمّا فی الباطن فلم یکونوا بشیء; (1) ولکن لو ترکنا مسألة المقارنة والمقایسة بین الحیاة فی ذلک العالم والحیاة فی هذا العالم، وعلمنا بأنّ کلّ شیء فی تلک الحیاة یختلف عمّا علیه فی حیاتنا هذه، تماماً مثلما تختلف أوضاع الفترة الجنینیة عن أوضاع الحیاة الدنیا، وعلمنا ـ أیضاً ـ أنّه لیس من الصحیح أن نبحث ـ فی فهم معانی الألفاظ ـ عن المصادیق الحاضرة والمعیّنة دائماً، بل لابدّ أن ندرس المفاهیم من حیث النتائج، اتضحت وانحلت مشکلة «وزن الأعمال فی یوم القیامة».

وتوضیح الأمر هو: أنّنا لو کنّا نتلفظ فیما مضى من الزمن بلفظ المصباح کان یتبادر إلى ذهننا صورة وعاء خاص فیه شیء من الزیت، ونصب فیه فتیل من القطن، وربّما أیضاً تصوَّرنا زجاجة وضعت على النّار لتحفظها من الإنطفاء بسبب الریاح، على حین یتبادر من لفظ المصباح إلى ذهننا الیوم جهاز خاص لا مکان فیه للزیت، ولا للفتیل، أمّا ما یجمع بین مصباح الامس ومصباح الیوم، هو الهدف من المصباح والنتیجة المتوخاة أو المتحصلة منه، یعنی الأداة التی نزیل بها الظلمة.

والأمر فی قضیّة «المیزان» على هذا الغرار، بل وفی هذه الحیاة ذاتها نرى کیف أنّ الموازین تطوّرت مع مرور الزمن تطوّراً کبیراً، حتى أنّه بات یُطلق لفظ المیزان على وسائل التوزین الاُخرى، مثل مقیاس الحرارة، ومقیاس سرعة الهواء وامثال ذلک.

اذن، فالمسلّم هو أنّ أعمال الإنسان توزن فی یوم القیامة بأداة خاصّة لا بواسطة موازین مثل موازین الدنیا، ویمکن أن تکون تلک الأداة نفس وجود الأنبیاء والأئمّة والصالحین، وهذا ما یستفاد ـ أیضاً ـ من الأحادیث المرویة عن أهل البیت (علیهم السلام).

ففی بحار الأنوار ورد عن الإمام الصادق (علیه السلام) فی تفسیر قوله تعالى: (وَنَضَعُ المَوازینَ القسط ) (2) أنّه قال: «والموازین الأنبیاء، والأوصیاء، ومن الخلق من یَدخُل الجنّة بغیر حساب» (3).

وجاء فی روایة اُخرى: إنّ أمیر المؤمنین والأئمّة من ذریته (علیهم السلام) هم الموازین (4).

ونقرأ فی إحدى زیارات الإمام أمیرالمؤمنین المطلقة: السلام على میزان الأعمال.

وفی الحقیقة أنّ الرجال والنساء النموذجیین فی العالم هم مقاییس لتقییم أعمال العباد، فکل من شابههم کان له وزن بمقدار مشابهته لهم، ومن بعد عنهم کان خفیف الوزن، أو فاقد الوزن من الأساس.

بل إنّ أولیاء الله فی هذا العالم هم أیضاً مقاییس للوزن والتقییم، ولکن حیث إنّ أکثر الحقائق فی هذا العالم تبقى خلف حجب الإبهام والغموض، تبرز فی یوم القیامة بمقتضى قوله تعالى: (وبرزوا لله الواحد القهّار ) (5) وتنکشف هذه الحقائق وتنجلی للعیان.

ومن هنا یتّضح لماذا جاء لفظ المیزان فی الآیة بصیغة الجمع: «الموازین» لأنّ أولیاء الله الذین یوزَن بهم الأعمال متعددون.

ثمّ إنّ هناک احتمالا آخر أیضاً، وهو أنّ کل واحد منهم کان متمیّزاً فی صفة معیّنة، وعلى هذا یکون کلّ واحد منهم میزاناً للتقییم فی إحدى الصفات والأعمال البشریة، وحیث إنّ أعمال البشر وصفاتهم مختلفة، لهذا یجب أن تکون المعاییر والمقاییس متعددة.

ومن هنا أیضاً یتّضح أنّ ما جاء فی بعض الرّوایات والأخبار، مثل ما ورد عن الإمام الصادق (علیه السلام) حیث سألوه: ما معنى المیزان؟ قال: «العدل» لا ینافی ما ذکرناه، لأنّ أولیاء الله، والرجال والنساء النموذجیین فی هذا العالم هم مظاهر للعدل من حیث الفکر، والعدل من حیث العقیدة، والعدل من حیث الصفات والأعمال (تأملوا) (6).

ثمّ إنّه تعالى یقول فی المقطع الآخر من الآیة: (فمن ثقلت موازینُه فاُولئک همُ المفلحون * ومن خفّت موازینه فاُولئک الذِین خَسروا أنفسَهم بِما کانوا بآیاتنا یَظلمون ).

إنّ من البدیهی أنّ المراد من الخفّة والثقل فی الموازین لیس هو خفة وثقل نفس المیزان، بل قیمة ووزن الأشیاء التی توزن بواسطة تلک الموازین، وتُقاس بتلک المقاییس.

ثمّ إنّ فی التعبیر بجملة «خسروا أنفسهم» إشارة لطیفة إلى هذه الحقیقة، وهی أنّ هؤلاء قد أصیبوا بأکبر الخسارات، لأنّ الإنسان قد یخسر ماله، أو منصبه، ولکنّه قد یخسر أصل وجوده من دون أن یحصل على شیء فی مقابل ذلک، وتلک هی الخسارة الکبرى، والضرر الأعظم.

إنّ فی التعبیر بـ«کانوا بآیاتنا یظلمون» فی آخر الآیة إشارة إلى أنّ مثل هؤلاء لم یظلموا أنفسهم فحسب، بل ظلموا ـ کذالک ـ البرامج الإلهیّة الهادیة، لأنّ هذه البرامج کان ینبغی أن تکون سبلا للهدایة ووسائل للنجاة، ولو أنّ أحداً تجاهلها، ولم یکترث بها، فلم یحصل منها هذا الأثر، کان ظالماً لها.

وقد جاء فی بعض الرّوایات والأخبار أنّ المراد من الآیات هنا هم أئمّة الهدى (علیهم السلام)، على أنّ هذا النمط من التّفسیر ـ کما أسلفنا مراراً ـ لا یعنی حصر مفهوم الآیة فیهم، بل هم المصادیق الأتمّ والأظهر للآیات الإلهیّة.

هذا، وفسّر بعض المفسّرین الظلم فی الآیة بالکفر والإنکار، وهذا المعنى لیس بعیداً عن مفهوم الظلم، إذ قد ورد الظلم فی بعض الآیات القرآنیة الأخرى بهذا المعنى.


1. رویت هذه الروایة من عبید بن عمیر فی تفسیر مجمع البیان، ج 4، ص 220; وتفسیر جامع البیان، ج 8، ص 162، وظاهر العبارة یوحی بأنّ الکلام هو لعبید ولیس لرسول الله (صلى الله علیه وآله).
1. الأنبیاء، 47.
2. بحار الأنوار، ج 7، ص 252 و251.
3. المصدر السابق.
4. إبراهیم، 48.
1. تفسیر نورالثقلین، ج 2، ص 5; وتفسیر المیزان، ج 8، ص 16.
التّوفیق بین آیات المساءلة فی القرآن: سورة الأعراف / الآیة 10
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma