1ـ فلسفة خلق الشیطان وحکمة إمهاله

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
إبلیس أوّل القائلین بالجبر: 2ـ فرضیة تطوّر الأنواع وخلقة آدم

فی مثل هذه الأبحاث تتبادر إلى الأذهان ـ عادة ـ أسئلة متنوعة ومختلفة أهمّها سؤالان:

السؤال الأول: لماذا خلق الله الشیطان، مع أنّه علم بأنّه سیکون منشأ للکثیر من الوساس والضلالات؟

السؤال الثانی: بعد أن ارتکب الشیطان مثل تلک المعصیة الکبیرة، لماذا قبل الله طلبه فی الإمهال، وتأخیر الأجل؟

وقد أجبنا على السؤال الأوّل: فی المجلد الأوّل من تفسیرنا هذا (الأمثل) وقلنا:

أوّلا: إنّ خلق الشیطان کان فی بدایة الأمر خلقاً جیّداً، لا عیب فیه، ولهذا احتل موقعاً فی صفوف المقرّبین إلى الله، وبین ملائکته العظام، وإن لم یکن من جنسهم ثمّ إنّه بسوء تصرّفه فی حریته بنى على الطغیان والتمرّد، فطرد من ساحة القرب الإلهی، واختصَّ باسم الشیطان.

ثانیاً: إنّ وجود الشیطان لیس غیرَ مضرٍّ بالنسبة لسالکی طریق الحقّ فحسب، بل یعدُّ رمزاً لتکاملهم أیضاً، لأنّ وجود مثل هذا العدوّ القویّ فی مقابل الإنسان یوجب تربیة الإنسان وتکامله وحنکته، وأساساً ینبثق کلّ تکامل من بین ثنایا التناقضات والتدافعات، ولا یسلک أىّ کائن طریق کماله ورشده إلاّ إذا واجه ضدّاً قویّاً، ونقیضاً معانداً.

فتکون النتیجة أنّ الشیطان وإن کان بحکم إرادته الحرّة مسؤولا تجاه أعماله المخالفة، ولکن وساوسه لن تضرّ عباد الله الذین یریدون سلوک طریق الحقّ، بل یکون مفیداً لهم بصورة غیر مباشرة.

والجواب على السؤال الثانی: یتّضح ممّا قلناه فی الجواب على الاعتراض الأوّل، لأنّ

مواصلة الشیطان لحیاته کقضیة سلبیة یکون وجودها ضروریاً لتقویة نقاط إیجابیة، لا یکون غیر مضرٍّ فحسب، بل هو مؤثّر ومفید أیضاً، فإنّه مع غضّ النظر عن الشیطان، هناک مجموعة من الغرائز المختلفة فی داخِلنا، وهی بوقوفها فی الطرف الآخر من قوانا العقلیة والروحیة تشکّلان ساحة صراع وتناقض قویّین، وفی مثل هذه الساحة یتحقق تقدّم الإنسان وتکامله، وتربیته ورشده. واستمرار حیاة الشیطان ـ هو الآخر ـ لتقویة عوامل هذا التناقض المثمر المفید.

وبعبارة اُخرى: إنّ الطریق المستقیم یتمیّز دائماً بالالتفات إلى الطرق المنحرفة حوله ولولا هذه المقایسة والمقارنة لما أمکن تمییز الطریق المستقیم عن الطریق المنحرف.

کلّ هذا بغض النظر عن أنّنا نقرأ فی بعض الأحادیث أنّ الشیطان بعد قیامه بذلک الذنب، عرّض سعادته ونجاته فی العالم الآخر للخطر بصورة کلّیة، ولهذا فإنّه طلب من الله تعالى أن یعطیه عمراً طویلا فی هذه الدنیا فی مقابل عباداته التی کان قد أتى بها قبل ذلک، وکانت العدالة الإلهیّة تقتضی قبول مثل هذا الطلب.

إنّ النقطة المهمّة الاُخرى التی یجب الإنتباه إلیها ـ أیضاً ـ هی أنّ الله تعالى وإن کان ترک الشیطان حرّاً فی القیام بوساوسه، ولکنّه من جانب آخر لم یدع الإنسان مجرّداً من الدفاع عن نفسه.

لأنّه أوّلا: وهبه قوّة العقل التی یمکن أن توجد سدّاً قویّاً منیعاً فی وجه الوساوس الشیطانیة خاصّة إذا لقیت تربیة صالحة.

وثانیاً: جعل الفطرة النقیّة وحبّ التکامل فی باطن الإنسان کعامل فعّال من عوامل السعادة.

وثالثاً: یبعث الملائکة التی تلهم الخیرات إلى الذین یریدون أن یعیشوا بمنأى عن الوساوس الشیطانیة، کما یصرّح القرآن الکریم بذلک إذ یقول: (إنّ الذین قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا تتنزّل علیهم الملائکة ) (1) إنّها تنزل علیهم لتقویة معنویاتهم بإلهامهم ألوان البشارات والتطمینات لهم.

ونقرأ فی موضوع آخر: (إذ یوحی ربُّک إلى الملائکة أنّی معکم فثبّتوا الذین آمنوا ) (2)وسدّدوا خطاهم فی طریق الحق.


1. فصّلت، 30.
2. الأنفال، 12.
إبلیس أوّل القائلین بالجبر: 2ـ فرضیة تطوّر الأنواع وخلقة آدم
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma