التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأنعام / الآیة 80 ـ 83 ما معنى «الظلم» هنا؟

تعقیباً على ما جرى بحثه فی الآیات السابقة بشأن استدلالات إبراهیم (علیه السلام)التوحیدیة، تشیر هذه الآیات إلى ما دار بین إبراهیم والأقوام المشرکة من عبدة الأصنام، الذین بدأوه بالمحاجّة (وحاجه قومه ).

فردّ علیهم إبراهیم (علیه السلام) قائلا: لماذا تجادلوننی فی الله الواحد الأحد وتخالفوننی فیه، وهو الذی وهبنی من الدلائل المنطقیة الساطعة ما هدانی به إلى طریق التوحید (قال أتحاجّونّی فی الله وقد هدان ).

یتّضح فی هذه الآیة بجلاء أنّ قوم إبراهیم المشرکین من عبدة الأصنام کانوا یحاولون جهدهم وبأىّ ثمن أن یبعدوا إبراهیم عن عقیدته ویرجعوه إلى عبادة الأصنام، ولکنّه بکلّ شجاعة وجرأة ردّ علیهم بالدلائل المنطقیة الواضحة.

لا تشیر هذه الآیات إلى المنطق الذی توسّل به قوم إبراهیم لحمله على ترک عقیدته، ولکن یبدو من جواب إبراهیم أنّهم قد حذّروه وهددوه بغضب آلهتهم وعقابها فی محاولة لإرعابه وإخافته، لأنّنا على أثر ذلک نسمع إبراهیم یستهین بتهدیدهم ویؤکّد لهم أنّه لا

یخشى أصنامهم التی لا حول لها ولا قوّة فی إیصال أىّ أذى إلیه (ولا أخاف ما تشرکون به... )فما من أحد ولا من شیء بقادر على أن یلحق بی ضرراً إلاّ إذا شاء الله: (إلاّ أن یشاء ربّی شیئاً ) (1).

یظهر من هذه الآیة أنّ إبراهیم (علیه السلام) سعى لإتخاذ إجراء وقائی تجاه حوادث محتملة، فیؤکّد أنّه إذا أصابه فی هذا الصراع شیء ـ فرضاً ـ فلن یکون لذلک أىّ علاقة بالأصنام، بل یعود إلى إرادة الله، لأنّ الصنم الذی لا روح فیه ولا قدرة له على أن ینفع نفسه أو یضرّها، لا یتأتى له أن ینفع أو یضرّ غیره.

ویضیف إلى ذلک مبیّناً أنّ ربّه على درجة من سعة العلم بحیث یسع علمه کلّ شیء: (وسع ربّی کلّ شیء علماً ).

هذه العبارة ـ فی الواقع ـ دلیل على العبارة السابقة التی تقول: إنّ الأصنام لا قدرة لها على النفع والضرر، لأنّها لا تملک العلم ولا المعرفة اللازمین لمن یرید أن ینفع أو یضرّ، إنّ الله الذی أحاط علمه بکلّ شیء هو وحده القادر على أن یکون منشأ النفع والضرر، فلم إذن أخشى غضب غیر الله؟!

ثمّ یحرّک فیهم روح البحث والتفکیر فیخاطبهم قائلا: (أفلا تتذکّرون ).

فی الآیة التّالیة ینهج إبراهیم منطقاً استدلالیاً آخر، فیقول لعبدة الأصنام: کیف یمکننی أن أخشى الأصنام ویستولی علیّ الخوف من تهدیدکم، مع إنّی لا أرى فی أصنامکم أثراً للعقل والإدراک والشعور والقوة والعلم، أمّا أنتم فعلى الرغم من إیمانکم بوجود الله وإقرارکم له بالعلم والقدرة، ومعرفتکم بأنّه لم یأمرکم بعبادة هذه الأصنام، فانّکم لا تخافون غضبه: (وکیف أخاف ما أشرکتم ولا تخافون أنّکم أشرکتم بالله ما لم ینزّل به علیکم سلطاناً ) (2).

إنّنا نعلم أنّ عبدة الأصنام لم یکونوا ینکرون وجود الله خالق السموات والأرض، ولکنّهم کانوا یشرکون الأصنام فی عبادته ویعتبرونها شفیعة لهم عنده، کونوا منصفین إذن وقولوا: (فأىّ الفریقین أحقّ بالأمن إن کنتم تعلمون ).

یستند منطق إبراهیم (علیه السلام) هنا إلى منطق العقل القائم على الواقع، إنّکم تهددوننی بغضب الأصنام، مع أنّ تأثیرها وهمٌ من الأوهام، ولکنّکم بعدم خشیتکم من الله العظیم الذی نؤمن به جمیعاً، ونعتقد بوجوب اتباع أمره تکونون قد ترکتم أمراً ثابتاً، وتمسکتم بأمر وهمی، ولم یصدر اللّه تعالى إلینا أمراً بعبادة الأصنام.

فی الآیة التّالیة جواب یدلی به إبراهیم على سؤال کان هو قد ألقاه فی الآیة السابقة (وهذا أسلوب من أسالیب الاستدلال العلمی، فقد یسأل المتکلم سؤالا عن لسان المخاطب ثمّ یبادر إلى الإجابة علیه مباشرة کدلیل على أنّ الجواب من الوضوح بحیث ینبغی أن یعرفه کلّ شخص)، یقول: إنّ المؤمنین الذین لم یمزجوا إیمانهم بظلم، هم الآمنون وهم المهتدون (الذین آمنوا ولم یلبسوا إیمانهم بظلم اُولئک لهم الأمن وهم مهتدون ).

ثمّة روایة عن أمیرالمؤمنین علی (علیه السلام) تؤیّد کون هذه الآیة إستکمالا لحوار إبراهیم مع عبدة الأصنام (3).

بعض المفسّرین یرى أنّ من المحتمل أن تکون هذه الآیة بیاناً إلهیّاً، ولیست مقولة قالها إبراهیم، إلاّ أنّ ما ذکرناه ـ فضلا عن تأیید الروایة المذکورة له ـ أکثر إنسجاماً مع ترتیب الآیات ووضعها، أمّا القول بأنّ هذه الآیة لسان حال عبدة الأصنام، وإنّهم قالوها بعد تیقّظهم على أثر سماع أدلة إبراهیم، فأمر بعید الاحتمال جدّاً.


1. هذا أشبه بالإستثناء المنقطع، فقد نفى عن الأصنام کلّ قدرة على النفع والضرر، وأثبتها لله، وللمفسّرین آراء اُخرى فی تفسیر هذه الآیة، غیر أنّ ما قلناه أقرب.
2.«السلطان» بمعنى التفوّق والإنتصار، ولمّا کان الدلیل والبرهان من أسباب الفوز والإنتصار، فقد یوصفان بالسلطان أیضاً، کما هو الحال هنا، أی لا وجود لأىّ دلیل على السماح بعبادتها وهذا ما لم یستطع إنکاره عابد صنم، لأنّ أمراً کهذا ینبغی أن یصدر عن طریق العقل والمنطق، أو عن طریق الوحی والنبوة، وعبادة الأصنام مفتقرة إلى کلیهما.
3. تفسیر مجمع البیان، ج 4، ص 100.
سورة الأنعام / الآیة 80 ـ 83 ما معنى «الظلم» هنا؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma