النّوائب المتنوعة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأعراف / الآیة 130 ـ 131 سورة الأعراف / الآیة 134 ـ 136

فی هاتین الآیتین اُشیر إلى مرحلة اُخرى من الدروس المنبهة التی لقّنها الله لقوم فرعون، فعندما لم تنفع المرحلة الاُولى، یعنی أخذهم بالجدب والسنین وما ترتب علیه من الأضرار المالیة فی إیقاظهم وتنبیههم، جاء دور المرحلة الثّانیة وتمثلت فی عقوبات أشدّ، فأنزل الله علیهم نوائب متتابعة مدمِرة، ولکنّهم ـ وللأسف ـ لم ینتبهوا مع ذلک.

وفی الآیة الاُولى من الآیات المبحوثة یقول القرآن الکریم من باب المقدمة لنزول النّوائب: إنّهم بقوا یلجّون فی إنکار دعوة موسى، وقالوا: مهما تأتنا من آیة وترید أن تسحرنا بها فإنّنا لن نؤمن بک: (وقالوا مهما تأتنا من آیة لتسحرنا بها فما نحن لک بمؤمنین ).

إنّ التعبیر بـ «الآیة» لعلّه من باب الإستهزاء والسخریة، لأنّ موسى (علیه السلام) وصف معاجزه بأنّها آیات الله، ولکنّهم کانوا یفسرونها بالسحر.

إنّ لحن الآیات والقرائن یفید أنّ الجهاز الإعلامی الفرعونی الذی کان ـ تبعاً لذلک العصر ـ أقوى جهاز إعلامی، وکان النظام الحاکم فی مصر یستخدمه کامل الاستخدام إنّ هذا الجهاز الإعلامی قد عبّأ قواه فی توکید تهمة السحر فی کل مکان، وجعلها شعاراً عاماً ضد موسى (علیه السلام)، لأنّه لم یکن هناک تهمة منها أنسب بالنسبة إلى معجزات موسى (علیه السلام)للحیلولة دون إنتشار الدعوة الموسویة ونفوذها المتزاید فی الأوساط المصریة.

ولکن حیث إنّ الله سبحانه لا یعاقب اُمّة أو قوماً من دون أن یتمّ علیهم الحجّة قال فی

الآیة اللاحقة: نحن أنزلنا علیهم بلایا کثیرة ومتعددة لعلهم یتنبهون... فقال أولا: (فأرسلنا علیهم الطوفان ).

وکلمة «الطوفان» مشتقّة من مادة «الطوف» على وزن «خَوف» وتعنی الشیء الذی یطوف ویدور، ثمّ اُطلقت هذه اللفظة على الحادثة التی تحیط بالإنسان، ولکنّها أطلقت ـ فی اللغة ـ على السیول والأمواج المدمرة التی تأتی على کل شیء فی الأغلب، وبالتالی تدمر البیوت، وتقتلع الأشجار من جذورها.

ثمّ سلط الجراد على زروعهم وأشجارهم (والجراد ).

وقد جاء فی الأحادیث أن هجوم أسراب الجراد کان عظیماً جدّاً إلى درجة أنّها وقعت فی أشجارهم وزروعهم أکلا وقضماً وإتلافاً، حتى أنّها أفرغتها من جمیع الغصون والأوراق، وحتى أنّها أخذت تؤذی أبدانهم، بحیث تعالت صیحاتهم واستغاثاتهم.

وکلّما کان یُصیبهم بلاء کانوا یلجأون إلى موسى (علیه السلام) ویسألونه أن یطلب من الله أن یرفع عنهم ذلک البلاء، فقد فعلوا هذا بعد الطوفان والجراد أیضاً، وقبِل موسى (علیه السلام)، وارتفع عنهم البلاء ولکنّهم مع ذلک لم یکفّوا عن لجاجهم وتعنتهم.

وفی المرّة الثّالثة سلط علیهم القمل (والقمّل ).

وأمّا ما هو المراد من «القمل» فقد وقع فیه کلام بین المفسّرین، ولکن الظاهر أنّه نوع من الآفات الزراعیة التی تصیب الغلات، وتفسدها وتتلفها.

وعندما خفت أمواج هذا البلاء، واستمرّوا فی عنادهم سلط الله علیهم فی المرحلة الرّابعة، الضفادع، فقد تزاید نسل الضفادع تزایداً شدیداً حتى أنّه تحول إلى بلاء عظیم عکّر علیهم صفو حیاتهم: (والضفادع ) (1).

ففی کل مکان کانت الضفادع الصغیرة والکبیرة تزاحمهم، حتى فی البیوت والغرف والموائد وأوانی الطعام، بحیث ضاقت علیهم الحیاة بما رحبت، ولکنّهم مع ذلک لم یخضعوا للحق، ولم یسلّموا.

وفی هذا الوقت بالذات سلّط الله علیهم (والدّم ).

قال البعض: إنّ داء الرعاف (وهو نزیف الدم من الأنف) شاع بینهم کداء عام، واُصیب الجمیع بذلک. ولکن أکثر الرّواة والمفسّرین ذهبوا إلى أنّ نهر النیل العظیم تغیر وصار لونه کلون الدم، بحیث صار تعافه الطباع، ولم یعد قابلا للإنتفاع. (2)

وقال تعالى فی ختام ذلک: إنّ هذه الآیات والمعاجز الباهرة ـ رغم أنّها أظهرت لهم حقانیة موسى ـ ولکنّهم استکبروا عن قبول الحق وکانوا مجرمین. (آیات مفصّلات فاستکبروا وکانوا قوماً مجرمین ).

وفی بعض الرّوایات نقرأ أنّ کل واحدة من هذه البلایا کانت تقع فی سنة واحدة، یعنی أنّه أصابهم الطوفان فی سنة، والجراد فی سنة اُخرى، والآفات الزراعیة فی سنة ثالثة، (3)وهکذا، ولکن نقرأ فی بعض الرّوایات أنّه کان یفصل بین کل بلاء وآخر شهر واحد لا أکثر، (4)وعلى أی حال لاشک أنّها کانت تقع بصورة منفصلة، وفی فواصل زمینة مختلفة (کمایقول القرآن: مفصّلات) کی تکون هناک فرصة للتفکر والتنبه والیقظة.

هذا والجدیر بالإنتباه أنّنا نقرأ فی الرّوایات أن هذه البلایا کانت تصیب آل فرعون وقومه خاصّة، وکان بنو إسرائیل فی معزل عن ذلک، (5) ولا شک أنّ هذا نوع من الإعجاز، ولکن یمکن أن نبرر قسماً من ذلک بتبریر علمی معقول، لأنّنا نعلم أنّ أجمل نقطة فی بلد مثل مصر هی شاطئا النیل وضفتاه، وکانت هذه الشواطیء والضفاف برمتها تحت تصرف الفرعونیین والقبطیین ومحل سکناهم، فقصورهم الجمیلة الشامخة، ومزارعهم الخضراء وبساتینهم العامرة، کانت فی هذه الضفاف. وبطبیعة الحال کان نصیب بنی إسرائیل الذین کانوا عبیداً للفرعونیین والقبطیین هی النقاط النائیة والصحاری البعیدة الشحیحة الماء.

ومن الطبیعی أنّ الطوفان عندما یحدث یکون الأقرب إلى الخطر ضفتا النیل وشاطئاه ومن یسکنها، وکذا عندما کانت الضفادع تخرج من الماء، وکذا انقلاب الماء إلى هیئة الدم کان یظهر فی میاه الفرعونیین الذین کانوا یسکنون إلى جانب النیل دون بنی إسرائیل، وأمّا الجراد والآفات النباتیة فقد کانت تتعرض لها المناطق الزراعیة والبساتین الخضراء الوفیرة المحصول فی الدرجة الاُولى.

کل ما قیل فی الآیات السابقة جاء فی التوراة أیضاً، ولکن ثمّة فروق واضحة بین محتویات القرآن الکریم وما جاء فی التوراة (راجع سفر الخروج الفصل السابع إلى العاشر من التوراة).


1. «الضّفادع» جمع «ضفدعة» وقد جاء ذکر هذا البلاء فی الآیة بصورة الجمع، ولکن البلایا السابقة جاءت فی صورة المفرد. ولعل هذا یفید أن الله سلّط علیهم أنواعاً مختلفة من الضفادع.
2. تفسیر مجمع البیان، ج 4، ص 340، ذیل الآیة مورد البحث.
3. المصدر السابق.
4. المصدر السابق.
5. المصدر السابق.
سورة الأعراف / الآیة 130 ـ 131 سورة الأعراف / الآیة 134 ـ 136
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma