التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأعراف / الآیة 101 ـ 102 سورة الأعراف / الآیة 103 ـ 108

فی هاتین الآیتین رکّز القرآن الکریم على العبر المستفادة من بیان قصص الماضین، والخطاب متوجه هنا إلى الرّسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) إلاّ أنّ الهدف هو الجمیع، یقول القرآن الکریم أوّلا: هذه هی القرى والأقوام التی نقص علیک قصصهم: (تلک القرى نقصّ علیک من أنبائها ) (1).

ثمّ یقول: لم یکن إهلاکهم قبل إتمام الحجّة علیهم، بل لقد جاءهم الأنبیاء أوّلا بالبراهین الجلیة وبذلوا قصارى جهدهم فی إیقاظهم وإرشادهم (ولقد جاءتهم رسلهم بالبیّنات ).

ولکنّهم قاوموا الأنبیاء وخالفوا دعوتهم، وأصروا ولجّوا فی عنادهم، ولم یکونوا على إستعداد لأن یؤمنوا بما کذبوا به من قبل، بل استمروا على تکذیبهم حتى مع مشاهدتهم البینات: (فما کانوا لیؤمنوا بما کذّبوا من قبل ).

من هذه الجملة یستفاد أنّ الأنبیاء الإلهیین قاموا بدعوتهم وإرشادهم مراراً وتکراراً، ولکن المشرکین لجوا فی عنادهم، وبقوا متصلبین فی مواقفهم المتعنتة الرافضة، وأعرضوا عن قبول دعوة الأنبیاء حتى بعد وضوح الکثیر من الحقائق.

وفی العبارة اللاحقة یبیّن تعالى علّة هذا التعنت واللجاج: (کذلک یطبع الله على قلوب الکافرین ).

یعنی أنّ الذین یسیرون فی درب خاطیء، ویستمرون فی السیر فی ذلک الطریق، ینتقش الانحراف والکفر على قلوبهم نتیجة تکرار العمل السیء، ویتجذر الفساد فی نفوسهم، کما یثبت النقش على السکة (والطبع فی اللغة نقش صورة على شیء کالسکة) وهذا فی الحقیقة هو أثر العمل وخاصیته.

وقد نسب إلى الله هو تعالى مسبب الأسباب، وهو منشأ تأثیر کل مؤثر، فهو یهب الفعل هذه الخاصّیة عند تکراره، حیث یجعله «مَلَکة» فی نفس الشخص.

ولکن من الواضح والبیّن أن مثل الضلال لیس له أی صفة جبریة وقهریة، بل إنّ موجد الأسباب هو الإنسان وإن کان التأثیر بأمر الله تعالى (فتأمّل).

وفی الآیة اللاحقة یبیّن تعالى قسمین آخرین من نقاط الضعف الأخلاقی لدى هذه الجماعات، والتی تسببت فی ضلالها وهلاکها.

فی البدایة یقول: إنّهم کانوا لا یحترمون العهود والمواثیق بل ینقضونها (وما وجدنا لأکثرهم من عهد ).

وهذا العهد یمکن أن یکون إشارة إلى «العهد الفطری» الذی أخذه الله على جمیع عباده بحکم الجبلة والفطرة، لأنّه عندما أعطاهم العقل والذکاء والقابلیة، کان مفهوم ذلک هو أخذ العهد والمیثاق منهم بأن یفتحوا عیونهم وآذانهم، ویروا الحقائق ویسمعوها، وهذا هو ما أشارت إلیه الآیات الأخیرة من هذه السورة أی الآیة 173 وهو المعروف بـ «عالم الذّر» الذی سنشرحه بإذن الله فی ذیل تلک الآیات.

کما أنّه یمکن أن یکون إشارة إلى العهد الذی کان الأنبیاء الإلهیّون یأخذونه من الناس، وکان أکثر الناس یقبلونه، ولکنّهم ینقضونه.

أو یکون إشارة إلى جمیع المواثیق «الفطریة» و«التشریعیة».

وعلى کل حال فإنّ روح نقض المیثاق کان من أسباب معارضة الأنبیاء والإصرار على سلوک طریق الکفر والنفاق، والإبتلاء بعواقبها المشؤومة.

ثمّ یشیر القرآن الکریم إلى عامل آخر إذ یقول: (وإن وجدنا أکثرهم لفاسقین ).

یعنی أن روح التمرد والتجاوز على القانون، والخروج عن نظام الخلقة والقوانین الإلهیّة، کان عاملا آخر من عوامل استمرارهم على الکفر، وإصرارهم على مخالفة الدعوة الإلهیّة.

ویجب الإنتباه إلى أن الضمیر فی «أکثرهم» یرجع إلى جمیع الأقوام والجماعات السالفة.

وما ورد فی الآیة من أن أکثرهم ینقضون العهد إنّما هو من باب رعایة حال الأقلیات التی آمنت بالأنبیاء السابقین، وبقیت وفیّة لهم، وهذه الجماعات المؤمنة وإن کانت قلیلة وضئیلة العدد جدّاً بحیث إنّها ما کانت تتجاوز أحیاناً اُسرة واحدة، ولکن روح الواقعیة وتحری الحق المتجلّیة فی کل آیات القرآن أوجبت أن لا یتجاهل القرآن الکریم حق هذه الجماعات القلیلة أو الأفراد المعدودین، بل یراعیها فلا یصف جمیع الأفراد فی المجتمعات السالفة بالانحراف والضلال ونقض العهد والفسق.

وهذا موضوع جمیل جدّاً، وجدیر بالإهتمام، وهو ما نشاهده ونلحظه فی آیات القرآن کثیراً.


1. «نُقُصُّ» من مادة «قص» وقد مر شرحها فی ذیل الآیة 7 من هذا السورة.
سورة الأعراف / الآیة 101 ـ 102 سورة الأعراف / الآیة 103 ـ 108
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma