التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأنعام / الآیة 136 سورة الأنعام / الآیة 137

لإقتلاع جذور الشرک وعبادة الأصنام من الاذهان یعود القرآن إلى ذکر العادات والتقالید والعبادات الخرافیة السائدة بین المشرکین، ویثبت فی بیان واضح أنّها خرافیة ولا أساس لها، فقد کان کفّار مکّة وسائر المشرکین یخصصون لله سهماً من مزارعهم وأنعامهم، کما کانوا یخصصون سهماً منها لأصنامهم أیضاً، قائلین: هذا القسم یخصّ الله، وهذا القسم یخصّ شرکاءنا أی الأصنام: (وجعلوا لله ممّا ذرأ من الحرث والأنعام نصیباً فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشرکائنا ).

على الرغم من أنّ الآیة تشیر إلى نصیب الله فقط، ولکن العبارات التّالیة تدل على أنّهم کانوا یخصصون نصیباً للأصنام أیضاً، جاء فی بعض الرّوایات: أنّهم کانوا یصرفون ما یخصصونه لله على الأطفال والضیوف، والنصیب المخصص للأصنام من الزرع والأنعام کانوا یصرفونه على خدم الأصنام والقائمین على معابدها والأضاحی وعلى أنفسهم أیض (1).

أمّا سبب اعتبارهم الأصنام شرکاءهم فیعود إلى کونهم یرونها شریکة لهم فی أموالهم وحیاتهم.

وتعبیر (ممّا ذرأ ) أی ممّا خلق، یشیر إلى بطلان مزاعمهم، إذ إنّ کل أموالهم وما یملکون هو ممّا خلق الله فکیف یجعلون نصیباً منه لله ونصیباً منه للأصنام؟!

ثمّ تشیر الآیة إلى واحد من أحکامهم العجیبة وهو الحکم بأنّ ما خصصوه لشرکائهم لا یصل إلى الله، ولکن ما خصصوه لله یصل إلى شرکائهم (فما کان لشرکائهم فلا یصل إلى الله وما کان لله فهو یصل إلى شرکائهم ).

اختلف المفسّرون بشأن المقصود من هذه الآیة، ولکن آراءهم کلّها تدور حول حقیقة واحدة، هی أنّه إذا أصاب نصیب الله ضرر على أثر حادثة قالوا: هذا لا أهمیّة له لأنّ الله لا حاجة به إلیه، ولکن إذا أصاب الضرر نصیب أصنامهم عوّضوا عنه من نصیب الله، قائلین: إنّ الأصنام أشدّ حاجة إلیه.

کما أنّهم إذا نفذ الماء المار بمزرعة الله إلى مزرعة الأصنام قالوا: لا مانع من ذلک، فالله لیس محتاجاً، ولکن إذا حدث العکس منعوا الماء المتسرب إلى مزرعة الله، قائلین: إنّ الأصنام أحوج!

وفی الختام تدین الآیة هذه الخرافات فتقول: (ساء ما یحکمون ).

إنّ قبح عملهم ـ فضلا عن قبح عبادة الأصنام ـ یتبیّن فی الاُمور التّالیة:

على الرغم من أنّ کل شیء هو من خلق الله، وملک له دون منازع، وأنّه هو الحاکم على کل الکائنات وهو مدبرها وحافظها فإنّهم إنّما کانوا یخصصون جانباً من ذلک کله لله، وکأنّهم هم المالکون الأصلیون، وکأنّ حق التقسیم بیدهم، (إنّ جملة (ممّا ذرأ ) تشیر إلى هذا کما قلنا).

لقد کانوا فی هذا التقسیم یلزمون جانب الأصنام ویفضلون ما لها على ما لله، لذلک لم یکونوا یهتمون بما یصیب نصیب الله من ضرر، ولکنّهم کانوا یجبرون کل ضرر یصیب نصیب الأصنام من نصیب الله، فکان هذا تحیّزاً إلى جانب الأصنام ضدّ الله!

یتبیّن من بعض الرّوایات أنّهم کانوا یهتمون إهتماماً کبیراً بحصة الأصنام، فقد کان خدم الأصنام والقائمون على معابدها وکذلک المشرکون یأکلون من حصة الاوثان، بینما کانوا یخصصون حصة الله للأطفال وللضیوف، وتدل القرائن على أنّ الأغنام السمینة والمحاصیل الزارعیة الجیّدة کانت من نصیب الأصنام، أی لمصلحة السدنة الخاصّة. (2)

کل هذا دلّ على أنّهم فی هذا التقسیم لم یکونوا یعترفون لله حتى بمنزلة مساویة لمنزلة الأصنام.

فأىّ حکم أقبح وأدعى إلى العار من أن یعتبر إنسان قطعة من الحجر أو الخشب الذی لا قیمة له أرفع من خالق عالم الوجود، هل هناک هبوط فکریّ أحط من هذا؟


1. تفسیر المنار، ج 8، ص 122.
2. بحارالانوار، ج 9، ص 92 و207; وتفسیر العیاشی، ج 7، ص 89.
سورة الأنعام / الآیة 136 سورة الأنعام / الآیة 137
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma