التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأنعام / الآیة 138 ـ 139 سورة الأنعام / الآیة 140

تشیر هذه الآیات إلى بعض الأحکام الخرافیة لعبدة الاوثان، والتی تدل على قصر نظرتهم وضیق تفکیرهم، وتکمل ما مرّ فی الآیات السابقة.

تذکر فی البدایة أقوال المشرکین بشأن من لهم الحق فی نصیب الأصنام من زرع وأنعام، وتبیّن أنّهم کانوا یرون أنّها محرّمة إلاّ على طائفة معیّنة: (وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا یطعمها إلاّ من نشاء بزعمهم ).

ومرادهم المتولّون اُمور الأصنام والمعابد، والمشرکون کانوا یذهبون إلى أنّ لهؤلاء وحدهم الحق فی نصیب الأصنام.

یتّضح من هذا أنّ القسم الأوّل من الآیة یشیر إلى کیفیة تصرّفهم فیما یخصصونه للأصنام من الزرع والأنعام.

«الحجر» هو المنع، ولعلها مأخوذة کما یقول الراغب الأصفهانی فی «المفردات» من الحجر، وهو أن یبنى حول المکان بالحجارة لیمنع عمّا وراءه، وحجر إسماعیل سمّی بذلک لأنّه مفصول عن سائر أقسام المسجد الحرام بجدار من حجر، وعلى هذا الاعتبار یطلق على «العقل» اسم «الحجر»، أحیاناً، لکونه یمنع المرء من إرتکاب الأعمال القبیحة، وإذا ما وضع

أحد تحت رعایة أحد وحمایته قیل: إنّه فی حجره، والمحجور هو الممنوع من التصرف فی ماله (1).

ثمّ تشیر الآیة إلى واحدة اُخرى من خرافاتهم تقضی بمنع رکوب بعض الدواب: (وأنعام حرّمت ظهورها ).

الظاهر أنّها هی الحیوانات التی مرّ ذکرها فی تفسیر الآیة 103 من سورة المائدة، وهی «السائبة» و«البحیرة» و «الحام» (انظر التفسیر المذکور لمزید من التوضیح).

ثمّ تشیر إلى القسم الثّالث من الأحکام الباطلة فتقول: (وأنعام لا یذکرون اسم الله علیها ).

ولعلها إشارة إلى الحیوانات التی کانوا یذکرون أسماء أصنامهم علیها فقط عند ذبحها، أو هی المطایا التی کانوا یحرّمون رکوبها للذهاب إلى الحج، کما جاء ذلک فی تفسیر «مجمع البیان» و «التّفسیر الکبیر» و «المنار» و «القرطبی» نقلا عن بعض المفسّرین، وفی کلتا الحالتین کان الحکم خرافیاً لا أساس له.

والأعجب من ذلک أنّهم لم یقنعوا بتلک الأحکام الفارغة، بل راحوا ینسبون إلى الله کل ما یخطر لهم من کذب: (افتراء علیه ).

وفی ختام الآیة، وبعد ذکر تلک الأحکام المصطنعة، تقول إنّ الله: (سیجزیهم بما کانوا یفترون ).

نعم، إذا أراد الإنسان ـ بفکره الناقص القاصر ـ أن یضع القوانین والأحکام، فلا شک أنّ کل طائفة سوف تضع من القوانین ما ینسجم وأهواءهم ومطامعهم، فیحرّمون على أنفسهم أنعم الله دون سبب، أو یحللون على أنفسهم أفعالهم القبیحة، وهذا هو سبب قولنا إنّ الله وحده هو الذی یسنّ القوانین لأنّه یعلم کل شیء ویعرف دقائق الاُمور، وهو سبحانه بمعزل عن الأهواء.

الآیة التّالیة تشیر إلى حکم خرافی آخر بشأن لحوم الحیوانات، یقضی بأنّ حمل هذه الأنعام یختص بالذکور، وهو حرام على الزوجات، أمّا إذا خرج ما فی بطونها میتاً، فکلّهم شرکاء فیه: (وقالوا ما فی بطون هذه الأنعام خالصة لذکورنا ومحرّم على أزواجنا وإن یکن میتة فهم فیه شرکاء ).

ولابدّ من الإشارة إلى أنّ (هذه الأنعام ) هی الحیوانات التی ذکرناها من قبل.

یرى بعض المفسّرین أنّ عبارة (ما فی بطون هذه الأنعام ) تشمل لبن هذه الأنعام، ولکن عبارة (وإن یکن میتة ) تبیّن أنّ المقصود هو الجنین الذی إذا ولد حیّاً فهو للذکور، وإنّ ولد میتاً ـ وهو ما لم یکن مرغوباً عندهم ـ فهم جمیعاً شرکاء فیه بالتساوی.

هذا الحکم لا یقوم ـ أوّلا ـ على أىّ دلیل، وهو ـ ثانیاً ـ قبیح وبشع فیما یتعلّق بالجنین المیت، لأنّ لحم الحیوان المیت یکون فی الغالب فاسداً ومضراً، ثمّ هو ـ ثالثاً ـ نوع من التمییز بین الرجل والمرأة، بجعل الطیّب للرجال فقط، وبجعل المرأة شریکة فی الفاسد فقط.

و یشجب القرآن هذا الحکم الجاهلی، ویقرر أنّ الله سوف یعاقبهم على هذه الأوصاف، (سیجزیهم وصفهم ).

«الوصف» هنا یشیر إلى ما کانوا ینسبونه إلى الله، کأن ینسبون إلیه تحریم هذه اللحوم بالرغم من أنّ المقصود هو الصفة أو الحالة التی تستولی على المذنب على أثر تکرار الإثم، وتجعله مستحقاً للعقاب، وختاماً تقول: (إنّه حکیم علیم ).

فهو علیم بأعمالهم وأقوالهم وإتهاماتهم الکاذبة، کما أنّه یعاقبهم وفق حساب وحکمة.


1.«حجر» فی هذه الآیة وصفیة، بمعنى محجور، ویستوی فیها المذکر والمؤنث.
سورة الأنعام / الآیة 138 ـ 139 سورة الأنعام / الآیة 140
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma