قد یتوهمّ أنّ الآیة الحاضرة التی تبیّن أصلین من الاُصول المنطقیة المسلّمة لدى جمیع
الأدیان والشرائع (أی مبدأ: لا یعمل أحد إلاّ لنفسه، ولا یعاقب أحد بذنب غیره) تتنافى مع الآیات القرآنیة الاُخرى، کما لا توافق جملة من الرّوایات فی هذه المجال، لأنّ الله تعالى یقول فی سورة النحل الآیة 25: (لیحملوا أوزارهم کاملة یوم القیامة ومن أوزار الذین یضلّونهم بغیر علم ).
فإذا لم یحمل أحدٌ وزر أحد فکیف یحمل هؤلاء المضلِّون وزر الضالّین أیضاً.
کما أنّ الأحادیث المرتبطة بـ«السُنّة الحَسنة» و«السنّة السیئة» المرویة بطرق الشیعة والسنّة، تتنافى مع مفهوم الآیة الحاضرة کقول رسول الله (صلى الله علیه وآله): «من سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً کان لَهُ أجر من عَمِلَ بها من غیر أن ینقصَ من اُجورهم شیء، ومن سَنَّ سَنّةً سیئة کان علیه وزرُ مَن عمل بها من غیر أن ینقصَ من أوزارِهم شیءٌ». (1)
ولکن الإجابة على هذا السؤال واضحة، فإنّ الآیة المبحوثة هنا تقول: إنّه لا یحمل أحد وزر أحد من دون سبب، ولکن الآیات والرّوایات المشار إلیها سلفاً تقول: إذا کان الإنسان مؤسِّساً لعمل صالح أو سىّء یعمل وفقه الآخرون، أی کان له «التسبیب» والدلالة فی قیام الآخرین بعمل معیّن، وکانت له بالتالی دخالة فی وقوعه، فإنّه ـ بلا شک ـ یشترک معهم فی نتائجه وعواقبه، لأنّه یعتبر ـ فی الحقیقة ـ عمله وفعله، فلا مناص من أن یتحمّل تبعاته إن خیراً فخیر، وإن شراً فشرّ، لأنّه هو الذی وضع بیده أساسه الذی قام علیه صرح العمل، وارتفع بنیانه.