من عوامل انحرافهم الاُخرى التکبّر والعناد اللذین تشیر إلیهما هذه الآیة، أنّ المتکبّر المکابر انسان عنید فی العادة، لأنّ التکبّر لا یسمح لهم بالإستسلام للحق والحقیقة، والأفراد المتصفون بهذه الصفة یکونون عادة معاندین مکابرین، ینکرون حتى الاُمور الواضحة القائمة على الدلیل والبرهان، بل ینکرون حتى البدیهیات، کما نراه بأمّ أعیننا فی المتکبرین من أبناء مجتمعاتنا.
یشیر القرآن هنا إلى الطلب الذی تقدّم به جمع من عبدة الأصنام (یقال أنّ هؤلاء هم نضر بن الحارث وعبد الله بن أبی أمیة، ونوفل بن خویلد الذین قالوا لرسول الله (صلى الله علیه وآله): لن نؤمن حتى ینزل الله کتاباً مع أربعة من الملائکة!) (1) ویقول: (ولو نزّلنا علیک کتاباً فی قرطاس فلمسوه بأیدیهم لقال الذین کفروا إن هذا إلاّ سحر مبین ).
أی إنّ عنادهم قد وصل حدّاً ینکرون فیه حتى ما یشاهدونه بأعینهم ویلمسونه بأیدیهم فیعتبرونه سحراً لکیلا یستسلموا للحقیقة، مع أنّهم فی حیاتهم الیومیة یکتفون بعشر هذه الدلائل للإیمان بالحقائق ویقتنعون بها، وما هذا إلاّ بسبب ما فیهم من أنانیة وتکبّر وعناد.
وبهذه المناسبة فإنّ «القرطاس» هو کل ما یکتب علیه، سواء أکان ورقاً أو جلداً أو ألواحاً، أمّا اطلاقه الیوم على الورق فذلک لانتشار تداول الورق أکثر من غیره للکتابة.