العالِم المنحرف «بلعم بن باعوراء»:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
التّفسیر سورة الأعراف / الآیة 179 ـ 181

کما لاحظنا أنّ الآیات السالِفة لم تذکر اسم أحد بعینه، بل تحدثت عن عالم کان یسیر فی طریق الحق ابتداءً وبشکل لا یفکر معه أحد بأنّه سینحرف یوماً، إلاّ أنّه نتیجةً لإتّباعه لهوى النفس وبهارج الدنیا انتهى إلى السقوط فی جماعة الضالین وأتباع الشیاطین.

غیر أنّنا نستفید من أغلب الرّوایات وأحادیث المفسّرین أنّ هذا الشخص یسمّى (بعلم بن باعوراء) الذی عاصر النّبی موسى (علیه السلام) وکان من مشاهیر علماء بنی إسرائیل، حتى أنّ موسى (علیه السلام) کان یعوّل علیه کداعیة مقتدر، وبلغ أمره أن دعاءه کان مستجاباً لدى الباری جل وعلا، لکنّه مال نحو فرعون وإغراءاته فانحرف عن الصواب، وفقد مناصبه المعنویة تلک حتى صار بعدئذ فی جبهة أعداء موسى (علیه السلام) (1) . (2)

إلاّ أنّنا نستبعد ما یحتمله بعضهم من أنّ المقصود هو (أمیة بن الصلت) الشاعر المعروف فی زمان الجاهلیة، الذی کان بادیء أمره ونتیجة لإطلاعه على الکتب السماویة ینتظر نبی آخر الزمان، ثمّ حصل له هاجس أنّ النّبی قد یکون هو نفسه، ولذلک بعد أن بُعث النّبی (صلى الله علیه وآله)أصابه الحسد له وعاداه. (3)

وبعید کذلک ما إحتمله بعضهم من أنّه کان (أبا عامر) الراهب المعروف فی الجاهلیة، الذی کان یبشر الناس بظهور رسول الإسلام (صلى الله علیه وآله) لکنّه بعد ظهوره صار من أعدائه (4) لأنّ جملة (واتل) وکلمة (نبأ) وجملة (فاقصص القصص) تدل على أنّ تلک الاُمور لا تتعلق بأشخاص عاصروا الرسول (صلى الله علیه وآله)، بل بأقوام سابقین، مضافاً إلى تلک فإنّ سورة الأعراف من السور المکیة وقضیتا ]أبی عامر الراهب[ و]أمیة بن الصلت[ تتعلقان بحواث المدینة.

ولکن بما أن أشخاصاً على غرار «بلعم» کانوا موجودین فی عصر النّبی (صلى الله علیه وآله) کـ (أبی عامر) و(أمیة بن الصلت) فإنّ الآیات محل البحث تنطبق على هذه الموارد فی کل عصر وزمان، وإلاّ فإنّ مورد القصّة هو «بلعم بن باعوراء» لاغیر.

وقد نقل تفسیر (المنار) عن النّبی (صلى الله علیه وآله) أنّ مثل بلعم بن باعوراء فی بنی إسرائیل کاُمیة بن أبی الصلت فی هذه الاُمّة. (5)

وورد عن الإمام الباقر (علیه السلام) أنّه قال: «الأصل من ذلک بلعم، ثمّ ضربه الله مثلا لکل مؤثر هواه على هوى الله من أهل القبلة». (6)

ومن هذا یتبیّن أنّ الخطر الأکید الذی یهدّد المجتمعات الإنسانیة هو خطر المثقفین والعلماء الذین یسخّرون معارفهم للفراعنة والجبّارین لأجل أهوائهم ومیولهم الدنیویة (والإخلاد إلى الأرض)ویضعون کل طاقاتهم الفکریة فی سبیل الطاغوت الذی یعمل ما فی - وسعه لإستغلال مثل هذه الشخصیات لإغفال وإضلال عامّة الناس.

ولا یختص الأمر بزمن النّبی موسى (علیه السلام) أو غیره من الأنبیاء، بل حتى بعد عصرالنّبی الکریم (صلى الله علیه وآله) إلى یومنا هذا نجد أمثال بلعم بن باعوراء وأبی عامر الراهب وأمیة بن الصلت، یضعون علومهم ومعارفهم ونفوذهم الاجتماعی من أجل الدرهم والدینار، أو المقام، أو لأجل الحسد، تحت اختیار المنافقین وأعداء الحق والفراعنة أمثال بنی أمیة وبنی العباس وسائر الطواغیت.

ویمکن معرفة اُولئک العلماء من خلال أوصاف أشارت إلیها الآیات محل البحث، فإنّهم ممن نسی ربّه واتبع هواه، وهم ذوو نزَوات سخّروها للرذیلة بدل التوجه نحو الله وخدمة خلقه، وبسبب هذا التسافل فقدوا کل شیء ووقعوا تحت سلطة الشیطان ووساوسِه، فسهل بیعهم وشراؤهم، وهم کالکلاب المسعورة التی لا ترتوی أبداً، ولهذه الاُمور ترک هؤلاء سبیل الحقیقة وضلوا عن الطریق حتى غدوا أئمّة الضلال.

ویجب على المؤمنین معرفة مثل هؤلاء الأشخاص والحذر منهم واجتنابهم.

والآیتان التالیتان ـ کنتیجة عامّة وشاملة لقضیة (بلعم) وعلماء الدین الذین أحبّوا الدنیا - فتقول اُولاهما (ساء مثلا القوم الّذین کذّبوا بآیاتنا وأنفسهم کانوا یظلمون).

فما أفحش ظلم الإنسان لنفسه وهو یسخّر ملکاته المعنویة وعلومه النافعة التی بإمکانها أن تعود علیه وعلى مجتمعه بالخیر، ویضعها تحت اختیار المستکبرین وأصحاب القدرة الدنیویة ویبیعها بثمن بخس فیؤدّی ذلک إلى سقوطه وسقوط المجتمع والآیة الاخیرة تحذّر الإنسان وتؤکّد له أنّ الخلاص من مثل هذا الانحراف وما یکیده الشیاطین لا یمکن إلاّ بتوفیق وتسدید من الله عزّوجلّ: (من یهد الله فهو المهتدی ومن یضلل فاُولئک هم الخاسرون).

وتقدم کرّات بأنّ (الهدایة) و(الإضلال) الإلهیین لا یعدان إجباراً ولا بدون حساب أو دلیل، ویقصد بهما إعداد الأرضیة للهدایة وفتح سبلها أو إیصادها، وذلک بسبب الأعمال الصالحة أو الطالِحة التی صدرت من الإنسان من قبْل، وعلى أیّة حال فالتصمیم النهائی بیَد الإنسان نفسه...

فبناءً على هذا فإنّ الآیة محل البحث تنسجم مع الآیات المتقدمة التی تذهب إلى أصل حریة الإرادة... ولا منافاة بین هذه الآیة وتلکم الآیات بتاتاً.


1. فی التوراة الحالیة نجد ورود قضیة «بلعم بن باعوراء» أیضاً، إلاّ أنّ التوراة تبرؤه فی النهایة من الانحراف، یراجع بذلک سفر الأعداد الباب 22.
2. بحارالانوار، ج 13، ص 377، باب 13 (تمام قصة بلعم بن باعورا و...).
3. بحارالانوار، ج 13، ص 379 و380.
4. بحارالانوار، ج 13، ص 380.
5. تفسیر المنار، ج 9، ص 114.
6. تفسیر مجمع البیان، ج 4، ص 500.
التّفسیر سورة الأعراف / الآیة 179 ـ 181
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma