التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأعراف / الآیة 1 ـ 3 سورة الأعراف / الآیة 4 ـ 5

فی مطلع هذه السّورة نواجه مرّة اُخرى «الحروف المقطَّعة» وهی هنا عبارة عن: الألف واللام والمیم والصاد.

وقد سبقت منّا أبحاثٌ مفصّلة عند تفسیر هذه الحروف فی مطلع سورة «البقرة» وکذا «آل عمران».

وهنا نلفت النظَر إلى تفسیر آخر من التفاسیر المطروحة فی هذا الصعید استکمالا للبحث وهو: أنّه یمکن أن یکون أحد الأهداف لهذه الحروف هو جلب إنتباه المستمعین، ودعوتهم إلى السکوت والإصغاء، لأنَّ وجود هذه الحروف فی مطلع الکلام موضوع عجیب لم یسبق له مثیل فی نظر العرب، ومن شأنها أن تثیر فی العربی حبّ الاستطلاع، وتدعوه إلى متابعة الکلام إلى نهایته.

ومن الإتفاق أنّ غالب السور المبدوءة بالحروف المقطّعة هی السور التی نزلت فی مکّة، ونحن نعلم أنّ المسلمین فی مکّة کانوا أقلیّة، وکان أعداؤهم وخصومهم خصوماً ألدّاء، اشتد عنادهم إلى درجة أنّهم ما کانوا على استعداد حتى لاستماع کلام رسول الله (صلى الله علیه وآله)، بل ربّما أثاروا ضجیجاً، ورَفَعوا الأصوات فی وجه رسول الله (صلى الله علیه وآله) عند قراءته للآیات القرآنیة لیضیع فی زحمتها وخضمها نداؤهُ (صلى الله علیه وآله)، وهو ما أشارت إلیه بعض الآیات (مثل الآیة 26 من سورة فصلت والسجدة).

کما أنّنا نقرأ فی بعض الرّوایات والأحادیث المرویة عن أهل البیت (علیهم السلام) أنّ هذه الحروف رموز وإشارت إلى أسماء الله، فـ : «المص» فی السورة المبحوثة مثلا إشارة إلى جملة: أنا الله المقتدر الصادق. (1)

وبهذا الطریق یکون کلّ واحد من الحروف الأربعة صورة مختصرة عن أحد أسماء الله تعالى.

ثمّ إنّ موضوع إحلال الصیاغات المختصرة محلّ الصیاغات المفصَّلة للکلمات کان أمراً رائجاً من قدیم الزمان، وإن حصل مثل هذا فی عصرنا أیضاً بشکل أوسع، حیث اختصِرت الکثیر من العبارات الطویلة، وکذا أسامی المؤسسات أو الهیئات فی کلمة قصیرة أو أحرف معدودة.

على أنّ ثمّة نقطةً تستحقُ التنویه بها هنا، وهی أنّ التفاسیر والتحالیل المختلفة عن «الحروف المقطعة» لا تتنافی ولا تتناقض فیما بینها، ویمکن أن تکون جمیع التفاسیر بطوناً مختلفة من بطون القرآن.

ثمّ یقول تعالى فی الآیة اللاحقة: (کتابٌ أُنزِلَ إلَیکَ فلا یکن فی صدرک حَرَجٌ منه ).

و«الحرج» فی اللغة یعنی الشعور بالضیق وأىّ نوع من أنواع المعاناة، والحرج فی الأصل یعنی مجتمع الشجر الملتفّ أوّلا ثمّ المنتشر، وهو یُطلق على کلّ نوع من أنواع الضیق.

إنَّ العبارة الحاضرة تسلّی النّبی (صلى الله علیه وآله) وتطمئن خاطره بأنّ هذه الآیات نازلة من جانب الله تعالى فیجب أن لا یشعر (صلى الله علیه وآله) بأیّ ضیق وحرج، لا من ناحیة ثقل الرسالة الملقاة على عاتقه، ولا من ناحیة ردود فعل المعارضین والأعداء الألدّاء تجاه دعوته، ولا من ناحیة النتیجة المتوقّعة من تبلیغه ودعوته.

هذا ویمکن إدراک المشکلات التی کانت تعرقل حرکة النّبی (صلى الله علیه وآله) إدراکاً کاملا إذا عرفنا أنّ هذه السورة من السور المکّیة، ونحن وإن کنّا نعجز عن تصوّر جمیع الجزئیات والتفاصیل المرتبطة بحیاة رسول الله (صلى الله علیه وآله) وصحبه فی المحیط المکّی، وفی مطلع الدّعوة الإسلامیة، ولکن مع الإلتفات إلى حقیقة أنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) کان علیه أن یقوم بنهضة ثوریة فی جمیع المجالات والأصعدة فی تلک البیئة المتخلّفة جدّاً وفی مدّة قصیرة، یمکن أن نتصوّر على نحو الاجمال أبعاد وأنواع الصعاب التی کانت تنتظره.

وعلى هذا الأساس یکون من الطبیعی أن یعمد الله سبحانه إلى تسلیة النّبی وتطمینه بأن لا یشعر بالضیق والحرج، وأن یطمئنَّ إلى نتیجة جهوده.

ثمّ یضیف تعالى فی الجملة اللاحقة أنّ الهدف من نزول هذا الکتاب العزیز هو إنذار الناس وتحذیرهم من عواقب نوایاهم وأعمالهم الشریرة، وتذکیر المؤمنین الصادقین، إذ یقول: (لتنذر به وذکرى للمؤمنین ) (2).

هذا ومجیء قضیة «الإنذار» فی صورة الأمر العام الموجّه للجمیع، واختصاص «التذکیر» بالمؤمنین خاصّة، إنّما هو لأجل أنَّ الدعوة إلى الحق، ومکافحة الانحرافات یجب أن تتمّ بصورة عامّة وشاملة، ولکن من الواضح أنّ المؤمنین هم وحدهم الذین ینتفعون بهذه الدعوة، اُولئک الذین تتوفر لدیهم أرضیات مستعدّة لقبول الحق، وقد أبعدوا عن أنفسهم روح العناد واللجاج وسلّموا أمام الحقائق.

وقد جاءت هذه العبارة بعینها فی مطلع سورة البقرة إذ یقول تعالى: (ذلک الکتاب لا ریبَ فیه هدىً للمتّقین ) (وللمزید من التوضیح راجع تفسیر الآیة 2 من سورة الحمد).

ثمّ إنّه سبحانه یوجّه خطابه إلى عامّة الناس ویقول: (اتّبعوا ما أُنزل إلیکم من ربّکم )وبهذا الطریق یکون قد بدأ الحدیث عن رسول الله (صلى الله علیه وآله) ومهمّته ورسالته، وانتهى بوظیفة الناس وواجبهم تجاه الرسالة.

وللتأکید یضیف سبحانه قائلا: (ولا تتّبعوا من دونه أولیاء ) فلا تتبعوا غیر أوامر الله، ولا تختاروا ولیاً غیر الله.

وحیث إنّ الخاضعین للحق والمتذکّرین قلیلون، لذا قال فی ختام الآیة: (قلیلا ما تذکّرون ).

ومن هذه الآیة یستفاد أنّ الإنسان یواجه طریقین (أو خیارین) إمّا القبول بولایة الله وقیادته، وإمّا الدخول تحت ولایة الآخرین، فإذا سلک الطریق الأوّل کان الله ولیَّه، وأمّا إذا دخل تحت ولایة الآخرین فإنّ علیه ـ حینئذ ـ أن یخضع فی کلّ یوم لواحد من الأرباب، وأن یختار ربّاً جدیداً.

وکلمة «الأولیاء» التی هی جمیع «ولی» إشارة إلى هذا المعنى.


1. بحارالانوار، ج 89، ص 373; تفسیر صافی، ج 2، ص 179.
2. وعلى هذا الأساس فإنّ جملة ( لتنذر )تتعلّق ب «أنزل» ولیس بجملة ( فلا یکن ) ولعلّ جعل هذه الجملة (أی جملة لتنذر) بعد جملة «فلا یکن فی صدرک حرج» لأَجل أنّه یجب أوّلا إعداد النّبی فی طریق الدعوة، ثمّ إقتراح الهدف - وهو الإنذار، ـ علیه (تأمل جیّداً).
سورة الأعراف / الآیة 1 ـ 3 سورة الأعراف / الآیة 4 ـ 5
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma