تنازع القادة والاتباع فی جهنم!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأعراف / الآیة 38 ـ 39 سورة الأعراف / الآیة 40 ـ 41

فی هذه الآیة یواصل القرآن الکریم بیان المصیر المشؤوم للمکذبین بآیات الله.

وقد صوّرت لنا الآیات السابقة وضعهم عند حلول الموت، وسؤال الملائکة القابضة للأرواح لهم، وهنا یرسم لنا ما یجری بین الجماعات المظلّة والغاویة، وبین من تعرضوا للإغواء فی یوم القیامة.

ففی یوم القیامة یقول الله لهم: التحقوا بمن یشابهکم من الجن والإنس ممن سبقوکم، وذوقوا نفس مصیرهم النّار (قال ادخلوا فی أُمم قد خلت من قبلکم من الجنّ والإنس فی النّار ).

إنّ هذا الأمر یمکن أن یکون بشکل أمر تکوینی، یعنی أن یجعلهم جمیعاً فی مکان واحد، أو یکون شبیهاً بأمر تشریعی یصدر إلیهم یسمعونه بآذانهم، ویکونون مجبورین على إطاعته.

وعندما یدخل الجمیع فی النّار تبدأ مصادماتهم مع زملائهم وأشباههم فی المسلک، وهی مصادمات عجیبة، فکلّما دخلت جماعة منهم فی النّار لعنت الاُخرى واعتبرتها سبباً

لشقائها ومسؤولة عن بلائها ومحنتها (کلّما دخلت أُمّة لعنت أختها ). (1)

ولعلنا قلنا مراراً: إنّ ساحة القیامة وما یجری فیها انعکاس واسع وکبیر لمجریات هذه الدنیا. فلطالما رأینا فی هذا العالم الجماعات والفرق والأحزاب المنحرفة تلعن إحداها الاُخرى، وتبدی تنفرها منها، على العکس من أنبیاء الله، والمؤمنین الصالحین، والمصلحین الخیّرین، فإنّ کل واحد منهم یؤیّد برنامج الآخر، ویعلن عن إرتباطه به واتحاده معه فی الأهداف والغایات.

إلاّ أنّ الأمر لا ینتهی إلى هذا الحدّ، بل عندما یستقر الجمیع ـ بمنتهى الذلّة والصغار ـ فی الجحیم والعذاب الألیم، تبدأ کل واحدة منها برفع شکایتها إلى الله من الاُخرى.

ففی البدایة یبدأ المخدوعون المغرّر بهم بعرض شکایتهم، وحیث إنّهم لا یجدون مناصاً ممّا هم فیه یقولون: ربّنا إنّ هؤلاء المُغوین هم الذین أضلونا وخدعونا، فضاعف یا ربّ عذابهم، عذاباً لضلالهم وعذاباً لإضلالهم إیّاناً، وهذا هو ما یتضمّنه قوله تعالى: (حتى إذا ادّارکوا فیها جمیعاً قالت أُخراهم لأُولیهم ربّنا هؤلاء أضلّونا فآتهم عذاباً ضعفاً من النّار ).

ولا شک أنّ هذا الطلب منطقی ومعقول جدّاً، بل إنّ المضلین سینالون ضعفاً من العذاب حتى من دون هذا الطلب، لأنّهم یتحملون مسؤولیة انحراف من أضلوا أیضاً دون أن ینقص من عذابهم شیء، ولکن العجیب هو أن یقال لهم فی معرض الإجابة على طلبهم: سیکون لکلتا الطائفتین ضعفان من العذاب ولیس للمضلین فقط (قال لکلٍّ ضعفٌ ولکن لا تعلمون ).

ومع الإمعان والدقة یتّضح لماذا ینال المخدوعون المضلَّلون ضعفاً من العذاب أیضاً، لأنّه لا یستطیع أئمّة الظلم والجور ورؤوس الإنحراف والضلال أن ینفّذوا لوحدهم برامجهم، بل هؤلاء الأتباع المعاندُون المتعصبون لأسیادهم هم الذین یمدون قادة الضلال ورؤوس الانحراف بالقوّة والمدّد الذی یوصلهم إلى أهدافهم الشریرة، وعلى هذا یجب أن ینال الأتباع ضعفاً من العذاب أیضاً، عذاباً لضلالهم هم، وعذاباً لمساعدتهم للظالمین وإعانتهم قادة الانحراف.

ولهذا نقرأ فی حدیث معروف عن الإمام الکاظم(علیه السلام) حول أحد شیعته یدعى صفوان، حیث نهاه عن التعاون مع هارون الرشید قائلا: «یا صفوان کلّ شیء منک حسن جمیل ما خلا شیئاً واحداً».

قلت: جعلت فداک أی شیءً؟

قال(علیه السلام): إکراؤک جمالک من هذا الرجل (هارون الرشید العباسی).

قلت: والله ما أکریته أشراً ولا بطراً ولا للصید ولا للهو، ولکنّی أکریته لهذا الطریق (یعنی طریق مکّة)...

فقال لی(علیه السلام): یاصفوان أیقع کراؤک علیهم؟ قلت: نعم جعلت فداک.

فقال لی: أتحبّ بقاءهم حتى یخرج کراؤک. قلت: نعم.

قال(علیه السلام): «من أحبّ بقاءهم فهو منهم، ومن کان منهم کان ورد النّار». (2)

وفی الآیة اللاحقة ینقل القرآن الکریم جواب قادة الضلال والانحراف بأنّه لیس بیننا وبینکم أی تفاوت، فإذا قلنا فقد أیدتم، وإذا خطونا فقد ساعدتم، وإذا ظلمنا فقد عاونتم، وإذن فذوقوا بإزاء أعمالکم عذاب اللّه الألیم، (وقالت أُولهم لأُخراهم فما کان لکم علینا من فضل فذوقوا العذاب بما کنتم تکسبون ).

والمقصود من «الاُولى» الطائفة الاُولى أی القادة (قادة الضلال الانحراف) والمقصود من «الاُخرى» الأتباع، والأنصار.


1. التعبیر «بالاُخت» کنایة عن الإرتباط الفکری والصّلة الرّوحیة بین هذه الفرق المنحرفة، وحیث إنّ الاُمّة مؤنث لفظی، لهذا عبّر عنها بالاُخت، لا الأخ.
2. وسائل الشیعة، ج 11، ص 259.
سورة الأعراف / الآیة 38 ـ 39 سورة الأعراف / الآیة 40 ـ 41
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma