اعرفوا واهب النعم!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأنعام / الآیة 46 ـ 49 سورة الأنعام / الآیة 50

الخطاب ما یزال موجّهاً إلى المشرکین.

فی هذه الآیات حثّ استدلالی على إیقاظهم ببیان آخر یعتمد غریزة دفع الضرر، فیبدأ بالقول: إنّه إذا سلب منکم الله النعم الثمینة التی وهبها لکم، مثل السمع والبصر، وأغلق على قلوبکم أبواب التمییز بین الحسن والسیء، والحقّ والباطل، فمن یا ترى یستطیع أن یعید إلیکم تلک النعم؟ (قل أرأیتم إن أخذ الله سمعکم وأبصارکم وختم على قلوبکم من إله غیر الله یأتیکم به ).

فی الواقع، کان المشرکون أنفسهم یعتقدون أنّ الخالق والرازق هو الله، وکانوا یعبدون الأصنام للإستشفاع بها عند الله.

والقرآن یحثّهم على الإتجاه المباشر نحو الله، مصدر کلّ الخیرات والبرکات بدل الإتجاه إلى أصنام لا قیمة لها.

وإضافة إلى ما کان یحمله عبدة الأصنام من اعتقاد بالله، فإنّ القرآن استجوب عقولهم

هنا لإبداء رأیها وحکمها فی أمر أصنام لا تملک هی نفسها عیناً ولا أذناً ولا عقلا ولا شعوراً، فهل یمکنها أن تهب أمثال هذه النعم للآخرین؟!

ثمّ تقول الآیة: اُنظر إلى هؤلاء الذین نشرح لهم الآیات والدلائل بمختلف الوسائل، ولکنّهم مع ذلک یعرضون عنها: (اُنظر کیف نصرّف الآیات ثمّ هم یصدفون ).

وفیما یتعلّق بمعنى «ختم» وسبب ورود «سمع» بصیغة المفرد، و«أبصار» بصیغة الجمع فی القرآن راجع المجلد الأوّل من هذا التّفسیر.

«نصرف» من «التصریف» بمعنى «التغییر»، والکلمة هنا تشیر إلى مختلف الاستدلالات فی صور متنوعة.

و«یصدفون» من «صدف» بمعنى «الجانب» و«الناحیة» أی إنّ المعرض عن شیء یدیر وجهه إلى جانب أو ناحیة اُخرى.

وهذه الکلمة تستعمل بمعنى الإعراض أیضاً، ولکنّه «الإعراض الشدید» کما یقول الراغب الأصفهانی.

تشیر الآیة الثّانیة - بعد ذکر هذه النعم الثلاث «العین والأذن والإدراک» التی هی منبع جمیع نعم الدنیا والآخرة ـ إلى إمکان سلب هذه النعم کلّها دفعة واحدة، فتقول: (قل أرأیتکم إن أتاکم عذاب الله بغتة أو جهرة هل یهلک إلاّ القوم الظّالمون )(1).

«بغتة» بمعنى «فجأة» و«جهرة» بمعنى «الظاهر» والعلانیة، والمألوف استعمال «سرّاً» فی مقابل «جهرة» لا «بغتة»، ولکن لمّا کانت مقدمات العمل المباغت خافیة غالباً، إذ لولا خفاؤها لما کان مباغتاً، فإنّ فی «بغتة» یکمن معنى الخفاء والسریة أیضاً.

والقصد هو أنّ القادر على إنزال مختلف العقوبات، وسلب مختلف النعم هو اللّه وحده، وإنّ الأصنام لا دور لها فی هذا أبداً، لذلک لیس ثمّة ما یدعو إلى اللجوء إلیها، لکن الله لحکمته ورحمته لا یعاقب إلاّ الظالمین.

ومن هذا یستفاد أنّ للظلم معنى واسعاً یشمل أنواع الشرک والذنوب، بل إنّ القرآن یعتبر الشرک ظلماً عظیماً، کما قال لقمان لابنه: (لا تشرک بالله إنّ الشرک لظلم عظیم )(2).

الآیة الثالثة تشیر إلى مرکز الأنبیاء، فتقول: لیست الأصنام العدیمة الروح هی وحدها العاجزة عن القیام بأىّ أمر، فإنّ الأنبیاء العظام والقادة الإلهیین أیضاً لا عمل لهم سوى إبلاغ الرسالة والإنذار والتبشیر، فکل ما هنالک من نعم إنّما هی من الله وبأمره، وأنّهم إن أرادوا شیئاً طلبوه من الله: (وما نرسل المرسلین إلاّ مبشّرین ومنذرین ).

والاحتمال الآخر فی ربط هذه الآیة بالآیات السابقة هو أنّ تلک الآیات کانت تتکلّم عن البشارة والإنذار، وهنا یدور القول على أنّ هذا هو هدف بعثة الأنبیاء، فهم مبشرون ومنذرون.

ثمّ تقول: إنّ طریق النجاة ینحصر فی أمرین، فالذین یؤمنون ویصلحون أنفسهم (ویعملون الصالحات) فلا خوف علیهم من العقاب الإلهی، ولا حزن على أعمالهم السابقة. (فمن آمن وأصلح فلا خوف علیهم ولا هم یحزنون ).

أمّا اُولئک الذین لا یصدّقون بآیاتنا، بل یکذّبون بها فإنّ عقابهم على فسقهم وعصیانهم عذاب من الله: (والذین کذّبوا بآیاتنا یمسّهم العذاب بما کانوا یفسقون ).

من الجدیر بالإنتباه أنّ الآیة ذکرت عقاب الذین یکذبون بآیات الله بعبارة (یمسّهم العذاب )، فکأنّ هذا العقاب یطاردهم فی کل مکان حتى یشملهم بأشدّ ما یکون من العذاب.

کذلک ینبغی القول أنّ لکلمة «فسق» معنى واسعاً أیضاً، یشمل کل أنواع العصیان والخروج عن طاعة الله وعبودیته وحتى الکفر فی بعض الأحیان، وهذا المعنى هو المقصود فی هذه الآیة، لذلک لا محل للبحوث التی عقدها الفخر الرازی ومفسّرون آخرون بشأن معنى «الفسق» وشمولها الذنوب، ومن ثمّ الدفاع عن ذلک.


1. شرحنا معنى «أرأیتکم» عند تفسیر الآیة 40 من هذه السورة وقلنا: لیس هناک ما یدعوا إلى اعتبار المعنى «أخبرونی» بل المعنى هو «أعلمتم»؟
2. لقمان، 13.
سورة الأنعام / الآیة 46 ـ 49 سورة الأنعام / الآیة 50
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma