لابد من المربی والقابلیّة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأعراف / الآیة 57 ـ 58 سورة الأعراف / الآیة 59 ـ 64

فی الآیات الماضیة مرّت إشارات عدیدة إلى مسألة «المبدأ» أی التوحید ومعرفة الله، من خلال الوقوف على أسرار الکون، وفی هذه الآیات ضمن بیان طائفة من النعم الإلهیّة وردت الإشارة إلى مسألة «المعاد» والبعث، لیکمل هذان البحثان أحدهما الآخر.

وهذه هی سیرة القرآن الکریم ودأبه فی کثیر من الموارد، حیث یقرن بین «المبدأ» و«المعاد»، والملفت للنظر أنّه یستعین لمعرفة الله، وکذا لتوجیه الأنظار إلى أمر المعاد معاً بالاستدلال بالأسرار الکامنة فی خلق موجودات هذا العالم. فیقول تعالى أولا: (وهو الّذی یرسل الریاح بشراً بین یدی رحمته ).

ثمّ یقول: إنّ هذه الریاح التی تهب من المحیطات تحمل معها سحباً ثقیلة مشبّعة بالماء (حتى إذا أقلّت سحاباً ثقالا ).

ثمّ یسوق تلک السحب إلى الأراضی الظامئة الیابسة، ویکلّفها بأن تروی تلک الأراضی العطاشى (سقناه لبلد میّت ).

وبذلک ینهمر ماء الحیاة فی کل مکان (فأنزلنا به الماء ).

وبمعونة هذا الماء نخرج للبشر أنواعاً متنوعة من الثمار والفواکة (وأخرجنا به من کلّ الثمرات ).

نعم، إنّ الشمس تسطع على المحیطات والبحار، فیتبخر الماء ویتصاعد البخار إلى الأعلى، وهناک فی الطبقات العالیة الباردة من الجو یتراکم البخار ویشکل کتلا ثقیلة من السحب، ثمّ تحمل الریاح کتل السحاب العظیمة على ظهرها، وتتوجه إلى الأراضی التی کُلِفت بسقیها، فتجری بعض هذه الریاح قدام کتل السحاب، وتکون مزیجة بشیء من الرطوبة الخفیفة، فتحدث نسیماً مریحاً تستشم منه رائِحة المطر اللذیذة الباعثة للحیاة والنشاط.

إنّها ـ فی الحقیقة ـ المبشرات بنزول المطر، ثمّ تُرسل کتل الغیم العظیمة حبات المطر من بین ثنایاها، لکنّها لیست بالکبیرة جدّاً فتتلف الزروع والأراضی، ولا بالصغیرة جدّاً فتضیع فی الفضاء ولا تصل إلى الأرض، ثمّ تحط هذه الحبات على الأرض برفق وهدوء، وتنفذ فی ترابها شیئاً فشیئاً، فتنبت البذور والحبات. وتبدل الأرض المحترقة بالجفاف، والتی کانت أشبه شیء بمقبرة مظلمة وساکنة وهامدة، إلى مرکز فعّال نابض بالحیاة والحرکة، وتنشأ الجنائن الخضراء الغنیة بالأزاهیر والثمار.

ثمّ عقیب ذلک یضیف فوراً (کذلک نخرج الموتى ) ونلبسهم حلّة الوجود والحیاة مرّة اُخرى.

ولقد أتینا بهذا المثال لأجل أن نریکم اُنموذجاً من المعاد فی هذه الدنیا، الذی یتکرر أمام عیونکم کل یوم (لعلّکم تذکّرون ).

وفی الآیة اللاحقة ـ وحتى لا یظن أحد أن نزول المطر على نمط واحد یدل على أنّ جمیع الأراضی تصیر حیّة على نمط واحداً أیضاً، وحتى یتّضح أنّ القابلیات والإستعدادات المتفاوتة تسبّبت فی أن تتفاوت حالات الاستفادة والإنتفاع بالمواهب الإلهیّة یقول: (والبلد الطّیّب یُخرج نباتُه بإذن ربّه ) أی إنّ الأرض الصالحة هی التی تستفید من المطر، وتثمر خیر إثمار بإذن ربّها.

أمّا الأراضی السبخة والخبیثة فلا تثمر إلاّ بعض الأعشاب غیر النافعة (والذی خبث لا یخرج إلاّ نکداً ). (1)

هکذا یکون الأمر بالبعث، وإن کان سبباً لعودة الحیاة إلى جمیع أفراد البشر، إلاّ أنّ جمیع الناس لا یحشرون على نمط واحد وهیئة واحدة، إنّهم مختلفون متفاوتون فی ذلک مثل تفاوت الأرض الحلوة، والأرض المالحة، نعم یتفاوتون، ویکون هذا التفاوت ناشئاً من الأعمال والعقائد والنیات.

ثمّ فی ختام الآیة یقول تعالى: إنّ هذه الآیات نبیّنها لمن یشکرونها، ویستفیدون من عِبَرها ومدالیلها، ویسلکون فی ضوئها سبیل الهدایة (کذلک نصرّف الآیات لقوم یشکرون ).

إن الآیة الحاضرة ـ فی الحقیقة ـ إشارة إلى مسألة مهمّة تتجلى فی هذه الحیاة وفی الحیاة الاُخرى فی کل مکان، وهی أنّ فاعلیة الفاعل وحدها لا تکفی للإثمار والإنتاج الصحیح المطلوب، بل لابدّ من «قابلیة القابل» فهی شرط للتأثیر والإثمار. فإنّه لیس هناک شیء ألطف وأکثر بعثاً للحیاة والنشاط من حبات المطر، ولکن هذا المطر نفسه الذی لا شک فی لطافة طبعه، یورق ویورد فی مکان، وینبت الشوک والحنظل فی مکان آخر.


1. «النّکد» هو البخیل الممسک الذی یتعذر أخذ شیء منه بسهولة، ولو أنّه أعطى لأعطى الشیء الیسیر الحقیر. ولقد شبهت الأراضی المالحة السبخة غیر المساعدة للزرع بمثل هذا الشخص.
سورة الأعراف / الآیة 57 ـ 58 سورة الأعراف / الآیة 59 ـ 64
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma