التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأعراف / الآیة 37 سورة الأعراف / الآیة 38 ـ 39

من هذه الآیة فما بعد تتضمّن الآیات بیان أقسام مختلفة من المصیر السیء الذی ینتظر المفترین والمکذبین لآیات الله تعالى، وفی البدایة تشیر إلى کیفیة حالهم عند الموت، إذ تقول: (فمن أظلم ممّن افترى على الله کذباً أو کذّب بآیاته ).

وکما أسلفنا ـ فی سورة الأنعام فی ذیل الآیة 21 ـ لقد ورد ذکر «أظلم الناس» فی عدّة آیات من القرآن الکریم بتعابیر مختلفة، ولکن الصفات التی ذکرت لهم تعود کلّها إلى جذر واحد، وهو الشرک وعبادة الأصنام وتکذیب آیات الله سبحانه، وفی الآیة المبحوثة هنا ذکرت مسألة الإفتراء على الله سبحانه کصفة بارزة من صفاتهم، مضافاً إلى صفة التکذیب بالآیات الإلهیّة.

ونظراً إلى أنّ منشأ جمیع أنواع الشقاء فی نظر القرآن هو الشرک، ورأس مال جمیع السعادات هو التوحید، یتّضح لماذا یکون هؤلاء الضالون المضلون أظلم الناس. إنّ هؤلاء ظلموا أنفسهم کما ظلموا المجتمع الذی یقیمون فیه، إنّهم یغرسون النفاق والتفرقة فی کل مکان، ویشکّلون سدّاً ومانعاً کبیراً فی طریق وحدة الصفوف والتقدم والإصلاحات الواقعیة. (1)

ثمّ إنّه تعالى یصف وضعهم عند الموت فیقول: (اُولئک ینالهم نصیبهم من الکتاب حتى إذا جاءتهم رسلنا یتوفّونهم ). أی إنّ هؤلاء سیأخذون ما هو نصیبهم وما هو مقدر مکتوب لهم من النعم المختلفة، حتى إذا استوفوا حظهم من العمر، وانتهوا إلى آجالهم النهائیة، حینئذ تأتیهم ملائکتنا الموکلون بقبض أرواحهم.

والمراد من «الکتاب» هی المقدرات من النعم المختلفة التی قدرها الله تعالى لعباده فی هذا العالم، وإن احتمل بعض المفسّرین أن یکون المراد من الکتاب هو العذاب الإلهی، أو ما هو أعمّ من المعنیین.

ولکن بالنظر إلى کلمة (حتى) التی تشیر عادة إلى إنتهاء الشىء، یتّضح أنّ المراد هو فقط نعم الدنیا المتنوعة المختلفة التی لکل أحد فیها حظ ونصیب، سواء المؤمن أو الکافر، الصالح والطالح، والتی تؤخذ عند الموت، لا العقوبات الإلهیّة التی لا تنتهی بحلول الموت، والتعبیر بالکتاب عن هذه النعم والمقدرات إنّما هو لأجل شبهها بالاُمور التی تخضع للتقسیم والأسهم وتکتب.

وعلى کل حال، فإنّ عقوباتهم تبدأ منذ لحظة حلول الموت، ففی البدایة یواجهون التوبیخ وعتاب الملائکة المکلّفین بقبض أرواحهم، فیسألونهم: أین معبوداتکم التی اتخذتموها من دون الله والتی طالما تحدثتم عنها، وکنتم تسوقون إلیها ثرواتکم سفهاً. (قالوا أین ما کنتم تدعون من دون الله ).

فیجیبهم هؤلاء بعد أن یرون أنفسهم منقطعین عن کلّ شیء، ویرون کیف تبددت جمیع أوهامهم وتصوراتهم الخاطئة حول آلهتهم وذهبت أدراج الریاح، قائلین: لا نرى منها أثراً وإنّها لا تملک أن تدافع عنّا، وإنّ جمیع ما فعلناه من العبادة لها کان عبثاً وباطلا (قالوا ضلّوا عنّا ).

وهکذا یشهدون على أنفسهم بالکفر والضلال (وشهدوا على أنفسهم أنّهم کانوا کافرین ).

إنّ ظاهر المسألة وإن کان یوحی بأنّ الملائکة تسأل وأنّهم یجیبون، ولکنّه فی الحقیقة نوع من العقوبة النفسیة لهم یُلفتون بها نظرهم إلى الوضع المأساوی الذی یصیبهم من جراء أعمالهم، ویرونهم کیف ضلوا وتاهوا فی المتاهات والضلالات مدة طویلة من العمر، وضیّعوا کل رؤوس أموالهم الثمینة دون جدوى ودون أن یحصدوا منها حصیلة مسِرَّة مشرّفة فی حین أغلق فی وجههم طریق العودة، وهذا هو أوّل سوط جهنّمی من سیاط العقوبة الإلهیّة التی تتعرض لها أرواحهم.


1. لمزید من التوضیح راجع تفسیر الآیة 21 من سورة الأنعام.
سورة الأعراف / الآیة 37 سورة الأعراف / الآیة 38 ـ 39
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma