الإستدراج:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأعراف / الآیة 182 ـ 183 سورة الأعراف / الآیة 184 ـ 186

تعقیباً على البحث السابق الذی عالجته الآیات المتقدمة ـ والذی یبیّن حال أهل النّار - تبیّن هاتان الآیتان واحدةً من سنن الله فی شأن کثیر من عباده المجرمین المعاندین، وهی ما عبّر عنها القرآن «بعذاب الإستدراج».

والإستدراج جاء فی موطنین من القرآن: أحدهما فی الآیتین محل البحث، والآخر فی الآیة 44 من سورة القلم، وکلا الموطنین یتعلقان بمکذّبی آیات الله ومنکریها.

وکما یقول أهل اللغة، فإنّ للإستدراج معنیین:

أحدهما: أخذ الشیء تدریجاً، لأنّ أصل الإستدراج مشتقّ من (الدرجة) فکما أنّ الإنسان ینزل من أعلى العمارة إلى أسفلها بالسلالم درجةً درجة، أو یصعد من الأسفل إلى الأعلى درجةً درجة ومرحلة مرحلةً، فقد سمی هذا الأمر استدراجاً.

والمعنى الثّانی للإستدراج هو اللّف والطّی، کطی السّجل أو «الطومار» ولفّه. وهذان المعنیان أوردهما الراغب فی مفرداته، إلاّ أنّ التأمل بدقّة فی المعنیین یکشف أنّهما یرجعان إلى مفهوم کلی جامع واحد: وهو العمل التدریجی.

وبعد أن عرفنا معنى الإستدراج نعود إلى تفسیر الآیة محل البحث.

یقول سبحانه فی الآیة الاُولى: (والّذین کذّبوا بآیاتنا سنستدرجهم من حیث لا یعلمون).

أی سنعذّبهم بالإستدراج شیئاً فشیئاً، ونطوی حیاتهم.

والآیة الثّانیة تؤکّد الموضوع ذاته، وتشیر بأنّ الله لا یتعجّل بالعذاب علیهم، بل یمهلهم

لعلهم یحذرون ویتعظون، فإذا لم ینتبهوا من نومتهم ابتلوا بعذاب الله; فتقول الآیة (وأُملی لهم).

لأنّ الإستعجال یتذرع به من یخاف الفوت، والله قوی ولا یفلت من قبضته أحد (إنّ کیدی متین).

و «المتین» معناه القوی المحکم الشدید، وأصله مأخوذ من المتن، وهو العضلة المحکمة التی تقع فی جانب الکتف (فی الظهر).

و«الکید» والمکر متساویان فی المعنى، وکما ذکرنا فی ذیل الآیة 54 من سورة آل عمران، أنّ المکر یعنی فی أصل اللغة الإحتیال ومنع الآخر من الوصول إلى قصده.

ویستفاد من الآیة ـ آنفة الذکر وآیات اُخرى وبعض الأحادیث الشریفة الواردة فی شأن الإستدراج، أو العذاب الإستدراجی - أنّ الله لا یتعجل بالعذاب على الطغاة والعاصین المتجرِّئین وفقاً لسنته فی عباده، بل یفتح علیهم أبواب النعم، فکلّما ازدادوا طغیاناً زادهم نعماً.

وهذا الأمر لا یخلو من إحدى حالتین، فإمّا أن تکون هذه النعم مدعاة للتنبیه والإیقاظ فتکون الهدایة الإلهیّة فی هذه الحال عملیّة.

أو أنّ هذه النعم تزیدهم غروراً وجهلا، فعندئذ یکون عقاب الله لهم فی آخر مرحلة أوجع، لأنّهم حین یغرقون فی نعم الله وملذاتهم ویبطرون، فإنّ الله سبحانه یسلب عندئذ هذه النعم منهم، ویطوی سجل حیاتهم، فیکون هذا العقاب صارماً وشدیداً جدّاً...

وهذا المعنى بجمیع خصوصیاته لا یحمله لفظ الإستدراج وحده، بل یستفاد هذا المعنى من جملة: (من حیث لا یعلمون) أیضاً.

وعلى کل حال، فهذه الآیة تنذر جمیع المجرمین والمذنبین بأنّ تأخیر الجزاء من قبل الله لا یعنی صحة أعمالهم أو طهارتهم، ولا عجزاً وضعفاً من الله، وأن لا یحسبوا أنّ النعم التی غرقوا فیها هی دلیل على قربهم من الله، فما أقرب من أن تکون هذه النعم والإنتصارات مقدمة لعقاب الإستدراج. فالله سبحانه یغشّیهم بالنعم ویمهلهم ویرفعهم عالیاً، ثمّ یکبسهم على الأرض فجأة حتى لا یبقى منهم أثر، ویطوی بذلک وجودهم وتأریخ حیاتهم کله.

یقول الإمام علی (علیه السلام) فی نهج البلاغة «أنّه من وسّع علیه فی ذات یده فلم یَرَ ذلک استدراجاً فقد أمن مخوفاً» (1) .

کما جاء عنه (علیه السلام) فی روضة الکافی أنّه قال: «ثمّ إنّه سیأتی علیکم من بعدی زمان لیس فی ذلک الزمان شیء أخفى من الحق، ولا أظهر من الباطل، ولا أکثر من الکذب على الله ورسوله (صلى الله علیه وآله)ـ إلى أن قال ـ یدخل الداخل لما یسمع من حکم القرآن فلا یطمئن جالساً حتى یخرج من الدین، ینتقل من دین ملک إلى دین ملک، ومن ولایة ملک إلى ولایة ملک، ومن طاعة ملک إلى طاعة ملک، ومن عهود ملک إلى عهود ملک، فاستدرجهم الله تعالى من حیث لا یعلمون» (2) .

ویقول الإمام الصادق (علیه السلام): «کم من مغرور بما قد أنعم الله علیه، وکم من مستدرج یستر الله علیه، وکم من مفتون بثناء الناس علیه» (3) .

وجاء عنه (علیه السلام) فی تفسیر الآیة المشار إلیها آنفاً أنّه قال: «هو العبد یذنب الذنب فتجدد له النعمة معه، تلهیه تلک النعمة عن الاستغفار عن ذلک الذنب». (4)

وورد عنه (علیه السلام) فی کتاب الکافی أیضاً: «إنّ الله إذا أراد بعبد خیراً فأذنب ذنباً أتبعه بنقمة ویذکره الإستغفار، وإذا أراد بعبد شرّاً فأذنب ذنباً أتبعه بنعمة لینسیه الاستغفار، ویتمادى بها، وهو قوله عزّوجل: (سنستدرجهم من حیث لا یعلمون) بالنعم عند المعاصی» (5) .


1. نهج البلاغة، الکلمات القصار، الکلمة 358; وبحارالانوار، ج 5، ص 220.
2. تفسیر نورالثقلین، ج 2، ص 106.
3. المصدر السابق.
4. المصدر السابق.
5. تفسیر البرهان، ج 2، ص 53.
سورة الأعراف / الآیة 182 ـ 183 سورة الأعراف / الآیة 184 ـ 186
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma