رسالة شعیب فی مدین:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأعراف / الآیة 85 ـ 87 سورة الأعراف / الآیة 88 ـ 89

فی هذه الآیات یستعرض القرآن الکریم فصلا خامساً من قصص الأقوام الماضین، ومواجهة الأنبیاء العظام معهم، وهذا الفصل یتناول قوم شعیب.

بعث شعیب (علیه السلام) الذی ینتهی نسبه ـ حسب کتب التاریخ ـ إلى إبراهیم عبر خمس طبقات، إلى أهل مدین، وهی مدینة من مدن الشام، کان أهلها أهل تجارة وترف قد سادت فیهم الوثنیة، وکذا الحیلة، والتطفیف فی المکیال والمیزان، والبخس فی المعاملة.

وقد جاء تفصیل هذه المواجهة بین هذا النّبی العظیم وبین أهل مدین، فی سور متعددة من القرآن الکریم، وبخاصّة فی سورة «هود» و«الشعراء»، ونحن تبعاً للقرآن الکریم سنبحث

بتفصیل هذه القصّة فی ذیل آیات سورة هود إن شاء الله، أمّا هنا فنذکر شیئاً عن هذه القصّة باختصار طبقاً للآیات المطروحة هنا.

فی البدایة یقول سبحانه: ولقد أرسلنا إلى أهل مدین أخاهم شعیباً (وإلى مدین أخاهم شعیباً ).

روى جماعة من المفسّرین، مثل العلاّمة الطبرسی فی مجمع البیان، والفخر الرازی فی تفسیره المعروف، أن «مدین» فی الأصل اسم لأحد أبناء إبراهیم الخلیل، وحیث إنّ أبناءه وأحفاده سکنوا فی أرض على طریق الشام سمیت تلک الأرض «مدین». (1)

هذا وقد أوضحنا السرّ فی استعمال لفظة «أخاهم» فی الآیة 65 من هذه السورة.

ثمّ إنّه تعالى أضاف: إنّ شعیباً مثل سائر الأنبیاء بدأ دعوته بمسألة التوحید (قال یا قوم اعبدوا الله ما لکم من إله غیره ).

وقال: إنّ هذا الحکم مضافاً إلى کونه من وحی العقل، ثابت بواسطة الأدلة الواضحة التی جاءتهم من جانب الله أیضاً: (قد جاءتکم بیّنة من ربّکم ).

أمّا أنّ هذه «البیّنة» ماهی؟ فإنّه لم یرد کلام حولها فی الآیات الحاضرة، ولکن الظاهر أنّها إشارة إلى معجزات شعیب (علیه السلام).

ثمّ إنّه (علیه السلام) بعد الدعوة إلى التوحید أخذ فی محاربة المفاسد الاجتماعیة والأخلاقیة والاقتصادیة السائدة فیهم، وفی البدء منعهم من ممارسة التطفیف، والغش فی المعاملة، یقول: (فأوفوا الکیل والمیزان ولا تبخسوا الناس أشیاءهم ) (2).

وواضح أن تسرّب أیّ نوع من أنواع الخیانة والغش فی المعاملات یزعزع بل ویهدم أسس الطمأنینة والثقة العامّة التی هی أهم دعامة لاقتصاد الشعوب وتلحق بالمجتمع خسائر غیر قابلة للجبران. ولهذا السبب کان أحد الموضوعات الهامّة التی رکز علیها شعیب هو هذا الموضوع بالذات.

ثمّ یشیر إلى عمل آخر من الأعمال الأثیمة، وهو الإفساد فی الأرض بعد أن اُصلحت أوضاعها بجهود الأنبیاء، وفی ضوء الإیمان فقال: (ولا تفسدوا فی الأرض بعد إصلاحها ).

ومن المسلّم أنّه لا یستفید أحد من إیجاد الفساد ومن الإفساد، سواء کان فساداً أخلاقیاً، أو من قبیل فقدان الإیمان، أو عدم وجود الأمن، لهذا أضاف فی آخر الآیة قائلا: (ذلکم خیر لکم إن کنتم مؤمنین ).

وکأنّ إضافة عبارة: «إن کنتم مؤمنین» إشارة إلى أنّ هذه التعالیم الاجتماعیة والأخلاقیة إنما تکون متجذرة ومثمرة إذا کانت نابعة من الإیمان ومستمدة من نوره. أمّا لو کانت قائمة على أساس سلسلة من ملاحظة المصالح المادیة لم یکن لها بقاء ودوام.

وفی الآیة اللاحقة یشیر إلى رابع نصیحة لشعیب، وهی منعهم عن الجلوس على الطرقات وتهدید الناس، وصدّهم عن سبیل الله، وتضلیل الناس بإلقاء الشبهات وتزییف طریق الحق المستقیم فی نظرهم، فقال: (ولا تقعدوا بکلّ صراط توعدون وتصدّون عن سبیل الله من آمن به وتبغونها عوجاً ).

وأمّا أنّه کیف کانوا یهدّدون الراغبین فی الإیمان، فقد ذکر المفسّرون فی هذا المجال احتمالات متعددة، فالبعض احتمل أنّه کان ذلک عن طریق التهدید بالقتل، وبعض آخر احتمل أنّه کان عن طریق قطع الطریق ونهب أموال المؤمنین، ولکن المناسب مع بقیة العبارات الاُخرى فی الآیة هو المعنى الأوّل.

وفی ختام الآیة جاءت النصیحة الخامسة لشعیب، التی ذکّر فیها قومه بالنعم الإلهیّة لتفعیل حسّ الشکر فیهم، فیقول: تذکّروا عندما کنتم أفراداً قلائل فزادکم الله فی الأفراد وضاعف من قوتکم: (واذکروا إذ کنتم قلیلا فکثّرکم ).

ثمّ یلفت نظرهم إلى عاقبة المفسدین ونهایة أمرهم ومصیرهم المشؤوم حتى لا یتبعوهم فی السلوک فیصابوا بما أصیبوا به، فیقول: (وانظروا کیف کان عاقبة المفسدین ).

ویستفاد من الجملة الأخیرة أنّه على العکس من الدعایات غیر المدروسة لتحدید النسل فی هذه الأیّام فإنّ کثرة أفراد المجتمع، یمکن أن تکون منشأ قوّة وعظمة وتقدم المجتمع فی أکثر الموارد، طبعاً شریطة أن تضمن معیشتهم وفقاً لبرامج منظمة، من الناحیة المادیة والمعنویة.

إنّ آخر آیة من الآیات المبحوثة هنا بمثابة إجابة على بعض استفهامات المؤمنین والکفار من قومه، لأنّ المؤمنین ـ على أثر الضغوط التی کانت تتوجه إلیهم من جانب الکفار ـ کان من الطبیعی أن یطرحوا هذا السؤال على نبیّهم: إلى متى نبقى فی العذاب ونتحمل الأذى؟

وکان معارضوهم ـ أیضاً ـ والذین تجرأوا لأنّهم لم تصبهم العقوبة الإلهیّة فوراً یقولون: إذا کنت من جانب الله حقّاً فلماذا لا یصیبنا شیء رغم کل ما نقوم به من إیذاء ومعارضة؟ فیقول لهم شعیب: إن کانت طائفة منکم آمنت بما بُعِثت به، وأعرضت اُخرى فلا ینبغی أن یکون ذلک سبباً لغرور الکفار، ویأس المؤمنین، اصبروا حتى یحکم الله بیننا وبینهم. فالمستقبل سوف یکشف عمن یکون على حق، ومن یکون على باطل (وإن کان طائفة منکم آمنوا بالذی أرسلتُ به وطائفة لم یؤمنوا فاصبروا حتى یحکم الله بیننا وهو خیر الحاکمین ).


1. تفسیر مجمع البیان، ج 4، ص 302; تفسیر الکبیر، ج 14، ص 172.
2. «البخس» یعنی نقص حقوق الأشخاص، والنّزول عن الحد بصورة توجب الظلم والحیف.
سورة الأعراف / الآیة 85 ـ 87 سورة الأعراف / الآیة 88 ـ 89
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma