الوعد بعودة النّبی إلى حرم الله الآمن:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
سبب النّزول1ـ کیف تفنى جمیع الأشیاء؟!

هذه الآیات التی هی آخر الآیات فی سورة القصص تخاطب نبیّ الإسلام(صلى الله علیه وآله)وتبشره بالنصر، بعد أن جاءت الآیات الاُولى لتبیّن قصّة موسى وفرعون وما جرى له مع قومه، کما أنّ هذه الآیات فیها إرشادات وتعلیمات مؤکّدة لرسول الإسلام(صلى الله علیه وآله).

قلنا: إنّ الآیة الاُولى من هذه الآیات طبقاً لما هو مشهور بین المفسّرین نزلت فی «الجحفة» فی مسیر النّبی(صلى الله علیه وآله)، إلى المدینة إذ کان متوجهاً إلى یثرب لتتحول بوجوده إلى «مدینة الرّسول»... وأن یبذر النّواة الأصیلة... «لحکومة إسلامیة» فیها ویجعلها مقرّاً لحکومة إلهیّة واسعة، ویحقق فیها أهدافها.

لکن هذا الحنین والشوق والتعلق بمکّة یؤلمه کثیراً، ولیس من الیسیر علیه الإبتعاد عن حرم الله الآمن.

وهنا یشرق فی قلبه الطاهر نور الوحی، ویبشّره بالعودة إلى وطنه الذی ألفه فیقول: (إنّ الذی فرض علیک القرآن لرآدک إلى معاد).

فلا تکترث ولا تُذهب نفسک حسرات، فالله الذی أعاد موسى إلى اُمّه هو الذی أرجعه أیضاً إلى وطنه بعد غیاب عشر سنوات فی مدین، لیشعل مصباح التوحید ویقیم حکومة المستضعفین ویقضی على الفراعنة ودولتهم وقوّتهم.

هو اللّه سبحانه الذی یردک إلى مکّة بکلّ قوّة وقدرة، ویجعل مصباح التوحید على یدک مشرقاً فی هذه الأرض المبارکة.

وهو الله الذی أنزل علیک القرآن، وفرض علیک إبلاغه، وأوجب علیک أحکامه.

أجل، إنّ ربّ القرآن وربّ السماء والأرض العظیم، یسیرٌ علیه أن یردّک إلى معادک ووطنک «مکّة».

ثمّ یضیف القرآن فی خطابه للنّبی(صلى الله علیه وآله)، أن یجیب على المخالفین الضالین بما علّمه الله (قل ربّی أعلم من جاء بالهدى ومن هو فی ضلال مبین).

إنّ طریق الهدایة واضح، وضلالهم بیّن، وهم یتعبون أنفسهم عبثاً، فالله یعرف ذلک جیداً، والقلوب التی تعشق الحق تعرف هذه الحقیقة أیضاً.

وبالطبع فإنّ التّفسیر الواضح للآیة کما بیّناه آنفاً، إلاّ أنّ جمعاً من المفسّرین لدیهم احتمالات اُخرى فی کلمة «معاد».. من قبیل «العودة للحیاة بعد الموت» «المحشر» او «الموت». کما فسّروه «بالجنّة» أو مقام «الشفاعة الکبرى»... أو «بیت المقدس» الذی عرج النّبی منه أوّل مرة، وغیر هذه المعانی.

إلاّ أنّه مع الإلتفات إلى محتوى مجموع هذه السورة ـ القصص ـ وما جاء فی قصّة موسى وفرعون وبنی إسرائیل، وما سقناه من شأن نزول الآیة، فیبعد تفسیر المعاد بغیر العودة إلى مکّة کما یبدو!.

أضف إلى ذلک أنّ المعاد فی یوم القیامة لا یختصّ بالنّبی وحده، والحال أنّ الآیة تتحدث عن النّبی ـ هنا ـ وتخاطبه وحده. ووجود هذه الآیة بعد الآیة التی تتحدث عن الثواب والجزاء فی یوم القیامة، لا دلالة فیها على هذا المعنى، بل على العکس من ذلک، لأنّ الآیة السابقة تتحدث عن الإنتصار فی الدار الآخرة، ومن المناسب أن یکون الحدیث فی هذه الآیة عن الانتصار فی هذه الدنیا.

أمّا الآیة التالیة فتتحدث عن نعمة اُخرى من نعم الله العظیمة على النّبی(صلى الله علیه وآله) فتقول: (وما کنت ترجو أن یُلقى  إلیک الکتاب إلاّ رحمة من ربّک)(1).

کان کثیر من الناس قد سمعوا بالبشارة بظهور الدین الجدید، ولعل طائفةً من أهل الکتاب وغیرهم کانوا ینتظرون أن ینزل علیهم الوحی ویحمّلهم الله هذه المسؤولیة، ولکنّک ـ أیّها النّبی ـ لم تکن تظن أنّه سینزل علیک الوحی (وما کنت ترجوا أن یلقى  إلیک الکتاب).. إلاّ أنّ الله رآک أجدر بالأمر، وأنّ هذا الدین الجدید ینبغی أن ینتشر ویتسع على یدک فی هذا العالم الکبیر!

وبعض المفسّرین یرون هذه الآیة منسجمة مع آیات سابقة کانت تتحدث عن موسى(علیه السلام)، وتخاطب النّبی ـ أیضاً ـ کقوله تعالى: (وما کنت بجانب الغربی إذ قضینا إلى موسى الأمر... وما کنت ثاویاً فی أهل مدین... وما کنت بجانب الطور إذ نادینا ولکن رحمةً من ربّک).(2)

فعلى هذا یکون المقصود بالکتاب هنا هو قصص الأنبیاء السابقین.. إلاّ أنّ هذا التفسیر لا منافاة فیه مع التفسیر المتقدم! بل یعدّ قسماً منه فی الواقع!.

ثمّ یضیف القرآن فی خطابه للنّبی(صلى الله علیه وآله) أن طالما کنت فی هذه النعمة: (فلا تکونن ظهیراً للکافرین).

ومن المُسلّم به أنّ النّبی(صلى الله علیه وآله) لم یکن ظهیراً للکافرین أبداً، إلاّ أنّ الآیة جاءت فی مقام التأکید على النّبی(صلى الله علیه وآله) وبیان المسؤولیة للآخرین، وأنّ وظیفتهم أن یتأسوا بالنّبی ولا یکون أیّ منهم ظهیراً للکافرین.

وهذا الموضوع ینسجم تماماً مع الموضوع الذی قرأناه فی شأن موسى(علیه السلام)، إذ قال: (ربّ بما أنعمت علی فلن أکون ظهیراً للمجرمین).. وبیّنا معناه فی شأن إعانة الظالمین فی الآیة 17 من سورة القصص، أمّا الآیتان اللتان تختتم بهما سورة القصص، فهما تأکید على مسألة التوحید بتعابیر واستدلالات متعددة ومختلفة.

التوحید الذی هو أساس جمیع المسائل الدینیة... التوحید الذی هو الأصل وهو الفرع وهو الکلّ وهو الجزء!.

وفی هاتین الآیتین أربعة أوامر من الله لنبیّه(صلى الله علیه وآله)، وأربعة صفات لله تعالى، وبها یکتمل ما ورد فی هذه السورة من أبحاث.

یقول أوّلا: (ولا یصدّنک عن آیات الله بعد إذ اُنزلت إلیک) وبالرغم من أنّ النهی موجه إلى الکفّار، إلاّ أنّ مفهوم الآیة عدم تسلیم النّبی(صلى الله علیه وآله) أمام صدّ الکافرین، وإحباطهم ومؤامراتهم، وهذا تماماً یشبه ما لو قلنا مثلا: لا ینبغی أن یوسوس لک فلان، فمعناه: لا تستسلم لوسوسته!.

وبهذا الأسلوب یأمر الله النّبی(صلى الله علیه وآله) أن یقف راسخ القدم عند نزول الآیات ولا یتردد فی الأمر، وأن یزیل الموانع من قارعة الطریق مهما بلغت، ولْیَسر نحو هدفه مطمئناً، فإنّ الله حامیه ومعه أبداً.

ویقول ابن عباس: وإن کان المخاطب هو النّبی(صلى الله علیه وآله)، إلاّ أنّ المراد عموم الناس، وهو من قبیل المثل العربی المعروف «إیّاک أعنی واسمعی یا جارة!».

وبعد هذا الخطاب الذی فیه جنبة نهی، یأتی الخطاب الثّانی وفیه سمة إثبات فیقول: (وادع إلى ربّک).. فالله الذی خلقک وهو الذی ربّاک ورعاک.

والامر الثالث، بعد الأمر بتوحید الله، هو نفی جمیع أنواع الشرک وعبادة الأصنام (ولا تکوننّ من المشرکین)... فإنّ طریق التوحید واضحة بیّنة، ومن ساروا علیها فهم على صراط مستقیم!.

والأمر الرّابع تأکید آخر على نفی جمیع أنواع الشرک، إذ یقول تعالى:  (ولا تدع مع الله إلهاً آخر).

وهذه الأوامر المتتابعة کل واحد منها یؤکّد الآخر، یوضح أهمّیة التوحید فی المنهج الإسلامی، إذ بدونه یکون کل عمل زیفاً ووهماً.

وبعد هذه الأوامر الأربعة تأتی أوصاف أربعة لله سبحانه، وهی جمیعاً تأکید على التوحید أیضاً.

فالأوّل قوله: (لا إله إلاّ هو).

والثّانی قوله: (کل شیء هالک إلاّ وجهه).

والوصف الثالث: (له الحکم) والحاکمیة فی عالمی التشریع والتکوین.

والرابع: أن معادنا إلیه ( وإلیه ترجعون).

والأوصاف الثلاثة الأخیرة یمکن أن تکون دلیلا على إثبات التوحید وترک جمیع أنواع عبادة الأصنام، الذی أشیر إلیه فی الوصف الأول!

لأنّه طالما کنّا هالکین جمیعاً وهو الباقی.

وطالما کان التدبیر لنظام الوجود بیده والحکم له!

وطالما کان معادنا إلیه وإلیه نرجع!... فما عسى أن یکون دور المعبودات غیره، وأی أحد یستحق العبادة سواه!؟

والمفسّرون الکبار لدیهم آراء مختلفة فی تفسیر جملة (کل شیء هالک إلاّ وجهه) تدور حول محور کلمتی «وجه» و«هالک».

لأنّ الوجه یطلق ـ من حیث اللغة ـ على المحیّا أو ما یواجهه الإنسان من الشخص

المقابل، ولکن الوجه حین یطلق على الخالق فإنّه یعنی عندئذ ذاته المقدسة!.

وکلمة «هالک» مشتقّة من مادة «هلک» ومعناه الموت والعدم، فعلى هذا یکون معنى الجملة المتقدمة فناء جمیع الموجودات عدا ذات الخالق المقدّسة... وهذا الفناء بالنسبة للموجودات الممکنة غیر منحصر بفناء هذا العالم وانتهائه، فالموجودات الآن فانیة قبال الذات المقدّسة، وهی تحتاج إلى فیضه لحظة بعد لحظة، ولیس لدیها فی ذاتها أی شیء، وکلّ ما لدیها فمن الله!

ثمّ بعد هذا کلّه فإنّ موجودات هذا العالم جمیعها متغیر وفی معرض التبدل، وحتى طبقاً لفلسفة «الحرکة الجوهریة» فذاتها هی التغییر بعینه، ونحن نعرف أنّ الحرکة والتغییر معناهما الفناء والعودة الدائمیة، فکل لحظة تموت موجودات العالم وتحیا!.

فعلى هذا فإنّ الموجودات هالکة وفانیة الآن ـ أیضاً ـ غیر أنّ الذات التی لا طریق الفناء إلیها ولا تهلک، هی الذات المقدسة!

کما نعلم أنّ الفناء أو العدم یتجلى بصورة واضحة فی نهایة هذا العالم، وکما یقول القرآن: (کل من علیها فان * ویبقى وجه ربّک ذوالجلال والإکرام).(3)

ولا یخصُّ الفناء ما على الأرض، بل یشمل حتى أهل السماء (ونفخ فی الصور فصعق من فی السّماوات ومن فى الأرض).(4)

فهذا التّفسیر منسجم مع ظاهر الآیة والآیات الاُخرى فی القرآن، غیر أنّ بعض المفسّرین ذکروا تفاسیر اُخرى غیر ما تقدم بیانه، ومنها:

أنّ المقصود من کلمة (وجه) هو العمل الصالح، ومفهوم هذه الآیة یکون حینئذ أنّ جمیع الأعمال تمضی مع الریاح سوى ما یکون خالصاً لله.

2- وقال بعضهم: إنّ المراد بالوجه هو انتساب الأشیاء إلى الله، فیکون مفهوم الآیة أنّ کل شیء معدوم ذاتاً إلاّ من ناحیة انتمائه إلى الله!

3- وقال بعضهم: المراد بالوجه هو الدین، فیکون مفهوم الآیة أنّ المذاهب کلها باطلة سوى دین الله.

وجملة (له الحکم) هی کما فسّروها بأنّها الحاکمیة التشریعیة، وهو تأکید على التّفسیر السابق!.

کما أنّ جملة (والیه ترجعون) فسّروها بالرجوع إلى الله فی أخذ الشریعة عنه! وهذا تأکید آخر على هذا المعنى(5).

وهذه التفاسیر مع ما بیّناه آنفاً لا نجد بینها منافاةً فی الحقیقة!... لأنّنا حین عرفنا أنّ الشیء الوحید الذی یبقى فی هذا العالم هو الذات المقدسة لله فحسب! فیتّضح أن ما یرتبط بذات الله بنحو من الأنحاء فإنه یستحق البقاء والابدیة.

فدین الله الصادر منه أبدیّ، والعمل الصالح الذی له أبدیّ... والقادة الإلهیّون الذین یرتبطون به یتّسمون بالخلود.

والخلاصة، کل ما هو مرتبط بالله ـ ولو بنحو من الأنحاء ـ فهو غیر فان «فلاحظوا بدقّة».


1. قال بعضهم: إن «إلاّ» هنا تفید الاستثناء، فاضطروا إلى أن یقولوا بحذف کلمة والتقدیر لها من عندهم وهو تحکّم... إلاّ أنّ البعض الآخر فسّر «إلاّ» بمعنى «لکن» وأنّها تفید الإستدراک، وهذا الوجه أقرب للنظر!
2. القصص، 44 - 46.
3. الرحمن، 26 و27.
4. الزمر، 68. 5. وردت روایات متعددة فی تفسیر نورالثّقلین فی ذیل الآیات فسّرت بعضها الوجه بدین الله، وبعضها برسل الله وما هو منسوب لله.
سبب النّزول1ـ کیف تفنى جمیع الأشیاء؟!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma