التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
سورة النّمل / الآیة 82 ـ 85 1ـ ما هی دابة الأرض؟!

لمّا کانت الآیة السابقة تتحدث عن استعجال الکفّار بالعذاب ونزوله، أو تحقق القیامة وانتظارهم بفارغ الصبر ووقوع ذلک، وکانوا یقولون للنّبی(صلى الله علیه وآله): (متى هذا الوعد إن کنتم صادقین)، ومتى یوم القیامة؟! فإنّ الآیات ـ محل البحث ـ تشیر إلى بعض الحوادث التی تقع بین یدی القیامة، وتجسد عاقبة المنکرین الوخیمة، فتقول: (وإذا وقع القول علیهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تکلّمهم أنّ النّاس کانوا بآیاتنا لا یوقنون).

والمراد من قوله تعالى: (وقع القول علیهم) هو صدور أمر الله وما وعدهم من العقاب والجزاء... أو وقوع یوم القیامة وحضور علائمها، العلائم التی یخضع لها کل من یراها، ویستسلم لأمر الله، ویحصل عنده الیقین بأنّ وعد الله حق، وأنّ القیامة قد اقتربت.. وحینئذ توصد أبواب التوبة... لأنّ الإیمان فی مثل هذه الظروف یقع اضطراراً.

وبالطبع فإنّ هذین المعنیین متلازمان لأنّ اقتراب القیامة یقترن بنزول العذاب ومجازاة الکافرین.

ولکن ما هی «دابة الأرض»؟ وما مصداقها؟ وأیة مهمّة تحملها؟.. فالقرآن یجمل ولا یفصل، وکأنّه یرید أن یترک الموضوع مجملا غامضاً، لیکون الکلام فیه أکثر تأثیراً وباعثاً على التهویل.

فیقول مختصراً: یُخرج الله موجوداً یتحرک «أو دابّة من الأرض» بین یدی القیامة، فیتکلم مع الناس ویقول: «إنّ الناس کانوا لا یؤمنون بآیات الله».

وبتعبیر آخر: إنّ مهمّة هذه الدابة هی تفریق الصفوف وتمییز المنافقین والمنکرین من المؤمنین.

وبدیهی أنّ المنکرین یرجعون إلى أنفسهم عند مشاهدة هذه الآیات، ویندمون على ما سلف منهم وعلى أیّامهم المظلمة، ولکن ما عسى أن ینفعهم الندم وأبواب التوبة موصدة؟!

وهناک مسائل کثیرة ومطالب وفیرة فی خصوصیات «دابة الأرض» وجزئیاتها وصفاتها فی الرّوایات الإسلامیة الواردة فی کتب الفریقین، الشیعة وأهل السنّة، وسنتعرض إلیها ذیل هذه الآیات فی باب البحوث إن شاء الله.

ثمّ تشیر الآیات إلى علامة اُخرى من علامات القیامة، فتقول: (ویوم نحشر من کلّ أمّة فوجاً ممّن یکذّب بآیاتنا فهم یوزعون).

«والحشر» معناه إخراج جماعة ما من مقرّها والسیر بها نحو میدان الحرب أو غیره! و«الفوج»، کما یقول الراغب فی المفردات: الجماعة التی تتحرک بسرعة.

وأمّا «یوزعون» فمعناه حبس الجماعة وإیقافها حتى یلحق الآخر منها بالأوّل.. وهذا التعبیر یطلق ـ عادة ـ على الجماعات الکثیرة، نظیر ما قرأنا فی شأن جنود سلیمان فی هذه السورة ذاتها.

فبناءً على هذا یستفاد من مجموع الآیة أنّ یوماً سوف سیأتی یحشر الله فیه من کل اُمّة جماعة، ویهیؤهم للحساب والجزاء على أعمالهم!.

والکثیر من الأعاظم یعتقدون بأنّ هذه الآیة تشیر إلى مسألة الرجعة وعودة جماعة من الصالحین وجماعة من الطالحین إلى هذه الدنیا قبیل یوم القیامة.. لأنّ التعبیر لو کان عن القیامة لم یکن قوله «نحشر من کل اُمّة فوجاً» صحیحاً.. إذ فی القیامة یکون الحشر عاماً للجمیع، کما جاء فی الآیة 47 من سورة الکهف قوله تعالى: (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحد).

والشاهد الآخر على أنّ الآیات هذه تتحدث عمّا یقع قبیل القیامة، هو أنّ الآیات التی قبلها کانت تتحدث عن الحوادث التی تقع قبل القیامة، والآیات التی تلی الآیات محل البحث تتحدث عن الحوادث التی تقع قبیل القیامة أیضاً... فمن البعید أن تتحدث الآیات السابقة واللاحقة عن ما یقع قبل القیامة، وهذه الآیات محل البحث ـ فقط ـ تتحدث عن ما یقع فی یوم القیامة.

وهناک روایات کثیرة فی هذا الصدد عن مسألة الرجعة سنتناولها فی البحوث القادمة إن شاء الله.

إلاّ أنّ المفسّرین من أهل السنة یعتقدون أنّ الآیة ناظرة إلى یوم القیامة، وقالوا: إنّ المراد بالفوج هو إشارة إلى رؤساء الجماعات وأئمتهم! وأمّا عدم الانسجام بین الآیات الذی یُحدثه هذا التّفسیر، فقالوا: إنّ الآیات بحکم التأخیر والتقدیم، فکأن الآیة 83 حقّها أن تقع بعد الآیة 85.

إلاّ أنّنا نعلم أن تفسیر الفوج بالمعنى الآنف الذکر خلاف الظاهر، وکذلک عدم انسجام الآیات بأنّها فی حکم التأخیر والتقدیم هو خلاف الظاهر أیضاً.

(حتى إذا جاءوا قال أکذّبتم بآیاتی ولم تحیطوا بها علماً أمّاذا کنتم تعملون)(1).

وقائل هذا الکلام هو الله سبحانه، والمراد من «الآیات» هی المعاجز التی یأتی بها الأنبیاء، أو أوامر الله، أو الجمیع!.

والمراد من جملة (ولم تحیطوا بها علم) هو أنّکم بدون أن تتحققوا وتطّلعوا على حقیقة الأمر، کذبتم الآیات، وهذا منتهى الجهل وعدم المعرفة أن ینکر الإنسان شیئاً دون أن یتحقق منه!.

وفی الحقیقة فإنّهم یسألون عن شیئین.

الأوّل: تکذیبهم دون أن یفحصوا عن الحق.

والآخر: عن أعمالهم التی کانوا یقومون بها.

وإذا کانت الآیة ـ آنفة الذکر ـ تتحدث عن القیامة، فمفهومها واضح. وأمّا إذا کانت تشیر إلى مسألة الرّجعة ـ کما یقتضیه انسجام الآیات ـ فهی إشارة إلى أنّه عندما یرجع إلى هذه الدنیا طائفة من المجرمین... فولی الأمر الذی یمثل الله، وهو خلیفته فی الأرض، یتحقق منهم ویسألهم عمّا فعلوه فی حیاتهم، ثمّ یجازیهم حسب ما یستحقون من الجزاء الدنیوی، ولا یمنع هذا من عذاب الآخرة، کما أنّ کثیراً من المجرمین ینالون الحدّ الشرعی فی هذه الدنیا، ویستوفون جزاءهم، فإذا لم یتوبوا فإنّ مایستحقون من العقاب ینتظرهم فی الآخرة.

وبدیهی أنّ هؤلاء المجرمین لا یستطیعون الإجابة على أىّ من هذین السؤالین، لذلک فإنّ الآیة الأخیرة من الآیات محل البحث تضیف قائلة: (ووقع القول علیهم بما ظلموا فهم لا ینطقون).

وهذا القول أو العذاب دنیوی، إذا فسّرنا الآیة بالرجعة، أو هو عذاب الآخرة إذا فسّرنا الآیة بیوم القیامة.


1. جملة (أمّاذا کنتم تعملون) جملة استفهامیّة و(أم)مرکبة من (أم) التی هی حرف عطف وتأتی بعد همزة الاستفهام عادة، وتسمّى بالمعادلة، و(ما) الاستفهامیة. ومعنى الآیة: أو أىّ شیء کنتم تعملون.
سورة النّمل / الآیة 82 ـ 85 1ـ ما هی دابة الأرض؟!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma