بحث آخر فی صفات عباد الرحمن:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
سورة الفرقان / الآیة 68 ـ 71 تبدیل السیئات حسنات:

الصفة السادسة: میزة «عباد الرحمن» السادسة التی وردت فی هذه الآیات هی التوحید الخالص الذی یبعدهم عن کل أنواع الشرک والثنویة والتعددیة فی العبادة، فیقول تعالى: (والّذین لا یدعون مع الله إلهاً آخر).

فقد أنار التوحید آفاق قلوبهم وحیاتهم الفردیة والاجتماعیة، وانقشعت عن سماء أفکارهم وأرواحهم ظلمات الشرک.

الصفة السابعة: طهارتهم من التلوث بدم الأبریاء: (ولا یقتلون النّفس الّتی حرّم الله إلاّ بالحقّ).(1)

ویستفاد جیداً من الآیة أعلاه أنّ جمیع الأنفس الإنسانیة محترمة فی الأصل، ومحرم إراقة دمائها إلاّ إذا تحققت أسباب ترفع هذا الإحترام الذاتی فتبیح إراقة الدم.

الصفة الثّامنة: هی أنّ عفافهم لا یتلوث أبداً: (ولا یزنون).

إنّهم على مفترق طریقین: الکفر والإیمان، فینتخبون الإیمان، وعلى مفترق طریقین: الأمان واللاأمان فی الأرواح، فهم یتخیرون الأمان، وعلى مفترق طریقین: الطهر والتلوث، فهم یتخیرون النقاء والطهر. إنّهم یهیئون المحیط الخالی من کل أنواع الشرک والتعدی والفساد والتلوث، بجدهم واجتهادهم.

وفی ختام هذه الآیة یضیف تعالى من أجل التأکید أکثر: (ومن یفعل ذلک یلق أثام).

«الإثم» و«آثام» فی الأصل بمعنى الأعمال التی تمنع من وصول الإنسان إلى المثوبة، ثمّ أطلقت على کل ذنب، لکنّها هنا بمعنى جزاء الذنب.

قال بعضهم أیضاً: إنّ «إثم» بمعنى الذنب و«آثام» بمعنى عقوبة الذنب(2) فإذا رأینا أنّ بعض المفسّرین ذکروها بمعنى صحراء أو جبل أو بئر فی جهنم فهو فی الواقع من قبیل بیان المصداق.

و حول فلسفة تحریم الزنا، قدمنا بحثاً مفصلا فی ذیل الآیة 33 سورة الإسراء.

ومن الملفت للنظر فی الآیة أعلاه، أنّها بحثت أولا فی مسألة الشرک، ثمّ قتل النفس، ثمّ الزنا، ویستفاد من بعض الرّوایات أنّ هذه الذنوب الثلاثة تکون من حیث الأهمّیة بحسب الترتیب الذی أوردته الآیة.

ینقل ابن مسعود عن النّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)، قال: سألت رسول الله(صلى الله علیه وآله): أی الذنب أعظم؟ قال: «أن تجعل لله نداً وهو خلقک» قال: قلت: ثمّ أَیُّ؟ قال: «أن تقتل ولدک مخافة أن یطعم معک» قال: قلت: ثمّ أیُّ؟ قال: «أن تزانی حلیلة جارک» فأنزل الله تصدیقها.(3)

وبالرغم من أن الکلام فی هذا الحدیث، ورد عن نوع خاص من القتل والزنا، لکن مع الإنتباه إلى إطلاق مفهوم الآیة یتجلى أنّ هذا الحکم یشمل جمیع أنواع القتل والزنا، وما فی الرّوایة مصداق أوضحٌ لهما.

تتکیء الآیة التالیة أیضاً على ما سبق، من أنّ لهذه الذنوب الثّلاثة أهمّیة قصوى، فیقول تعالى: (یضاعف له العذاب یوم القیامة ویخلد فیه مهان).

و یتجسد هنا سؤالان:

الأوّل: لماذا یتضاعف عذاب هذا النوع من الأشخاص؟ ولماذا لا یجازون على قدر ذنوبهم؟ وهل ینسجم هذا مع أصول العدالة!؟

الثّانی: إنّ الکلام هنا عن الخلود فی العذاب، فی حین أنّ الخلود هنا مرتبط بالکفار فقط. والذنب الأوّل من هذه الذنوب الثلاثة التی ذکرت فی الآیة یکون کفراً، فقط، وأمّا قتل النفس والزنا فلیسا سبباً للخلود فی العذاب.

والجواب: بحث المفسّرون کثیراً فی الإجابة على السؤال الأول، وأصح ما أوردوه هو أنّ المقصود من مضاعفة العذاب أنّ کل ذنب من هذه الذنوب الثلاثة المذکورة فی هذه الآیة سیکون له عقاب منفصل، فتکون العقوبات بمجموعها عذاباً مضاعفاً.

فضلا عن أنّ ذنباً ما یکون أحیاناً مصدر الذنوب الاُخرى، مثل الکفر الذی یسبب ترک الواجبات وارتکاب المحرمات، وهذا نفسه موجب لمضاعفة العذاب الإلهی.

لهذا اتّخذ بعض المفسّرین هذه الآیة دلیلا على هذا الأصل المعروف أنّ: «الکفّار مکلفون بالفروع کما أنّهم مکلفون بالأصول».

وأمّا فی الإجابة على السؤال الثّانی: فیمکن القول أنّ بعض الذنوب عظیم إلى درجة یکون عندها سبباً فی الخروج من هذه الدنیا بلا إیمان، کما قلنا فی مسألة قتل النفس فی ذیل الآیة 93 سورة النساء.

ومن الممکن أن یکون الأمر کذلک فی مورد الزنا أیضاً، خاصّة إذا کان الزنا بمحصنة.

ومن المحتمل أیضاً أن «الخلود» فی الآیة أعلاه یقصد به من یرتکب هذه الذنوب الثلاثة معاً، الشرک وقتل النفس والزنا، والشاهد على هذا المعنى: الآیة التالیة حیث تقول: (إلاّ من تاب وآمن وعمل عملا صالح).

واعتبر بعض المفسّرین ـ أیضاً ـ أنّ «الخلود» هنا بمعنى المدة الطویلة  لا الخالدة، لکن التّفسیر الأوّل والثّانی أصح.

ومن الملفت للنظر هنا ـ فضلا عن مسألة العقوبات العادیة ـ عقوبة اُخرى ذکرت أیضاً هی التحقیر والمهانة، أی البعد النفسی من العذاب، وقد تکون بذاتها تفسیراً لمسألة مضاعفة العذاب، ذلک لأنّهم یعذبون عذاباً جسدیاً وعذاباً روحیاً.

لکن القرآن المجید کما مرِّ سابقاً، لم یغلق طریق العودة أمام المجرمین فی أی وقت من

الأوقات، بل یدعو المذنبین إلى التوبة ویرغبهم فیها، ففی، الآیة التالیة یقول تعالى هکذا: (إلاّ من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً فاُولئک یبدّل الله سیّئاتهم حسنات وکان الله غفوراً رحیم).

کما مرّ بنا فی الآیة الماضیة، ففی الوقت الذی ذکرت ثلاثة ذنوب هی من أعظم الذنوب، ترکت الآیة باب التوبة مفتوحاً أمام هؤلاء الأشخاص، وهذا دلیل على أنّ کل مذنب نادم یمکنه العودة إلى الله، بشرط أن تکون توبته حقیقیة، وعلامتها ذلک العمل الصالح (المُعَوِّض) الذی ورد فی الآیة، وإلاّ فإن مجرّد الاستغفار باللسان أو الندم غیر المستقر فی القلب لا یکون دلیلا على التوبة أبداً.

المسألة المهمّة فیما یتعلق بالآیة أعلاه هی: کیف یبدل الله «سیئات» أولئک «حسنات»؟


1. الاستثناء فی الجملة أعلاه «استثناء مفرغ» اصطلاحاً، وکان فی التقدیر هکذا «لا یقتلون النّفس الّتی حرّم الله بسبب من الأسباب إلاّ بالحقّ».
2. التفسیر الکبیر، ج 24، ص 111، ذیل الآیة مورد البحث.
3. صحیح «البخاری» و«مسلم» طبقاً لنقل تفسیر مجمع البیان، ج 7، ص 179، ذیل الآیة مورد البحث.
سورة الفرقان / الآیة 68 ـ 71 تبدیل السیئات حسنات:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma