أنّهم عبدَة الهوى:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
سورة القصص / الآیة 61 ـ 64 سورة القصص / الآیة 65 ـ 70

کان الحدیث فی الآیات المتقدمة عن الذین فضّلوا الکفر على الإیمان بسبب منافعهم الشخصیّة ـ ورجّحوا الشرک على التوحید، وفی الآیات التی بین أیدینا یبیّن القرآن حال هذه الجماعة یوم القیامة قبال المؤمنین الصادقین.

ففی بدایة هذه الآیات یلقی القرآن سؤالا یقارن فیه بین المؤمنین والکافرین، ویثیر الوجدان ویجعله حکماً فیقول: (أفمن وعدناه وعداً حسناً فهو لاقیه کمن متّعناه متاع الحیاة الدنیا ثمّ هو یوم القیامة من المحضرین).

ولا شک أنّ وجدان یقظ یرجّح وعود الله ومواهبه العظیمة الخالدة، على نعم الدنیا التی لا تطول إلاّ أیّاماً وتتبعها آلام وشقاء خالد؟!

جملة (فهو لاقیه) تأکید على أن وعد الله لا یتخلف أبداً ولابدّ أن یکون کذلک، لأنّ تخلّف الوعد إمّا ناشىء عن الجهل أو العجز، وکلاهما مستحیل على ذات الله المقدسة.

وجملة (هو یوم القیامة من المحضرین) إشارة إلى الإحضار فی محضر الله یوم القیامة للحساب، وفسّرها البعض بالإحضار فی نار جهنّم، ولکن التّفسیر الأوّل أنسب کما یبدو،

وعلى کل حال فإنّ هذا التعبیر یدل بصورة واضحة على أنّ المجرمین یساقون مکرهین، وعلى غیر رغبة منهم إلى تلک العرصات المخوفة، وینبغی أن یکون الأمر کذلک... لأنّ وحشة الحساب والقضاء یوم القیامة ومشاهدها تغمر وجودهم هناک!.

والتعبیر بـ (الحیاة الدنی) التی تکررت فی سور مختلفة من القرآن الکریم، إشارة إلى حقارة هذه الحیاة بالنسبة للحیاة الاُخرى والخلود فیها وعدم الزوال والاضمحلال، لأنّ کلمة «دنیا» فی الأصل مأخوذة من «دنو» على زنة «غلو» ومعناها القرب فی المکان أو الزمان أو المنزلة والمقام، ثمّ توسّع هذا المفهوم لیطلق بلفظ «دنیا أو أدنى» على الموجودات الصغیرة التی تحت الید فی مقابل الموجودات الکبیرة، وقد یطلق هذا اللفظ على الموضوعات التی لا قیمة لها فی مقابل الأشیاء ذات القیمة العالیة، وربّما استعمل فی القرب فی مقابل البعد، وحیث إنّ هذه «الحیاة» فی مقابل العالم الآخر صغیرة ولا قیمة لها وقریبة أیضاً، فإنّ تسمیتها بالحیاة الدنیا تسمیة مناسبة جدّاً.

بعد هذا، یأتی الکلام عن عرصات یوم القیامة ومشاهدها لیجسّده أمام الکفّار، مشاهد یقشعر منها البدن حین یتصورها الإنسان، فیقول القرآن: (ویوم ینادیهم فیقول أین شرکائی الذین کنتم تزعمون).

وبدیهی أنّ هذا السؤال سؤال توبیخ وإهانة، لأنّ یوم القیامة یوم کشف الحجُب والأستار، فلا مفهوم للشرک، ولا المشرکون فی ذلک الیوم باقون على عقیدتهم و«شرکهم».

فهذا السؤال فی الحقیقة فیه نوع من الإهانة والتوبیخ والعقوبة!

ولکنّهم بدلا من أن یجیبوا بأنفسهم، فإنّ معبودیهم هم الذین یردّون الجواب، ویتبرؤون منهم، ویتنفرون من عبادة المشرکین إیّاهم.

ونعرف أنّ معبودات المشرکین وآلهتهم على ثلاثة أنواع: فإمّا أَن یکونوا أصناماً «وأحجاراً وخُشُباً» أو من المقدسین کالملائکة والمسیح، وإمّا أن یکونوا من الشیاطین والجنّ. فالذین یردّون على السؤال ویجیبون هم النوع الثالث، کما حکى عنهم القرآن (قال الذین حقّ علیهم القول ربّنا هؤلآء الذین أغوینا أغویناهم کما غوینا تبرأنا إلیک ما کانوا إیانا یعبدون).

فعلى هذا تکون الآیة السابقة شبیهة بالآیة 28 من سورة یونس إذ تقول: (وقال شرکاؤهم ما کنتم إیّانا تعبدون).

فعلى هذا یرد المعبودون الغواة على عبدتهم ویتبرؤون منهم، کما یبرأ فرعون ونمرود والشیاطین والجن من عبدتهم وقومهم ویتنفرون منهم، ویدافعون عن أنفسهم، حتى أنّهم ینسبون الضلالة لمن تبعهم ویقولون: إنّهم تبعونا طوعاً... الخ.

ولکن ـ من البدیهی ـ لیس لهذا النفی أثر، ولا تنفع البراءة منهم، فالعابد والمعبود معاً شریکان «فی النّار»(1).

الطریف الذی یستلفت النظر، هو أنّ کل واحد من المنحرفین یتبرأ فی ذلک الیوم من الآخر وکلٌ یسعى لأن یلقی تبعة ذنبه على صاحبه.

وهذا یشبه تماماً ما قد نراه فی هذه «الدنیا» من اجتماع رهط على أمر ما حتى إذا وقعوا فی مخالفة القانون، واُلقی القبض علیهم، وأحضروا إلى المحکمة، یتبرأ کلّ واحد من الآخر ویلقی بعضهم الجریمة على صاحبه، فهکذا هی عاقبة المنحرفین والضالین فی الدنیا والآخرة!

کما نجد مثل هذا فی الآیة 22 من سورة إبراهیم (وقال الشیطان لما قُضی الأمر أنّ الله وعدکم وعد الحق ووعدتکم فاخلفتکم وما کان لی علیکم من سلطان إلاّ أن دعوتکم فاستجبتم لی فلا تلومونی ولوموا أنفسکم).

ونقرأ فی الآیة 30 من سورة الصافات فی شأن المشرکین الذین یتحاجون فی یوم القیامة مع أتباعهم فیقولون: (وما کان لنا علیکم من سلطان بل کنتم قوماً طاغین).

وعلى کل حال، فتعقیباً على السؤال عن آلهتهم. وعجز المشرکین عن الجواب. یطلب أن یدعوهم لنصرتهم (وقیل ادعوا شرکاءکم)(2).

وحیث یعلم المشرکون أن دعاءهم غیر نافع، وأن المعبودین «الشرکاء» لایمکن أن یفعلوا شیئاً من شدّة الهلع والوحشة، أو استجابة لأمر الله الذی یرید أَن یفضح المشرکین والشرکاء أمام أعین الخلق، یتوجهون إلى الشرکاء ویدعونهم کما یقول القرآن الکریم: (فدعوهم).

ومن الواضح أنّه لا أثر لهذا النداء والطلب، ولا یقال لهم «لبیک»... (فلم یستجیبوا لهم).

فحینئذ لا ینفعهم شیء (ورأوا العذاب).

ویتمنون (لو أنّهم کانوا یهتدون!).(3)


1. بحث المفسّرون فی الآیة (لو أنّهم کانوا یهتدون) بحوثاً شتى، فکثیر منهم قالوا بأنّ «لو» حرف شرط هنا، فبحثوا عن الجزاء، فقالوا: یستفاد من جملة (رأوا العذاب) وتقدیر الجملة یکون هکذا: «لو أنّهم کانوا یهتدون لرأوا العذاب فی الدنیا بعین الیقین».
وهذا یشبه قوله تعالى (لترون الحجیم) فی سورة التکاثر الآیة السادسة.
کما یرى البعض أنّ التقدیر هکذا (لو أنّهم کانوا یهتدون فی الدنیا لما رأوا العذاب فی الآخرة).
وزعم بعضهم أنّ الجزاء غیر ما تقدم «یطول بها البحث هنا».
لکنّ بعضهم یعتقد أنّ جواب الشرط «الجزاء» غیر محذوف أساساً، وجملة (ورأوا العذاب) هی الجواب المتقدم، وما بعده جملة الشرط، فیکون المعنى هکذا: (لو کانوا یرون ویهتدون لرأوا العذاب لکنّهم لم یهتدو)!
لکن وراء کل هذه المعانی معنى آخر ذکرناه فی بیان الآیة آنفاً، وهو أن نفسر معنى لو بـ «تمنّوا»، فلا بأس بمراجعة الکتب اللغویة والأدبیة «کمغنی اللبیب» وغیره!.
2. ویحتمل فی الآیة الآنفة ـ أیضاً ـ أَنّ القائلین جواباً على سؤال الله هم رؤوساء المشرکین «أی جماعة من عبدة الأصنام» فهم من أجل أن یفروا عن الجواب یتحدثون عن أتباعهم، ویقولون: ربّنا إنّنا غوینا فمضینا فی طریق الشرک، وهؤلاء اتبعونا طوعاً فأغویناهم، ولکنّهم لم یطیعونا «العبادة فی الآیة الآنفة معناها الطاعة» وإنّما اطاعوا هواهم، ولکن التّفسیر السابق أظهر.
3. التعبیر بـ (شرکاءکم) مع أنّ هؤلاء الشرکاء کانوا قد جعلوا شرکاء الله سبحانه، هو إشارة إلى أنّ هؤلاء الشرکاء من صنعکم وهم متعلقون بکم لا بالله.
سورة القصص / الآیة 61 ـ 64 سورة القصص / الآیة 65 ـ 70
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma