قلنا مراراً: إنّ التوبة لیست فقط بالندامة على ما اقترفه الإنسان وتصمیمه على ترکه فی المستقبل، بل تقتضی ـ إضافة إلى هذا ـ أن یقوم الشخص بالتعویض عن ذنوبه اقترفها، فإذا وجّه المرء تهمة لامرأة أو رجل طاهر ثمّ تاب، فیجب علیه أن یعید الاعتبار إلى من تَضَرَّرَ باتّهامِه، وذلِک بأن یکذب هذه التهمة بَیْنَ کل الذین سمعوها عنه.
فعبارة (واصلحوا) التی أعقبت عبارة (تابوا) هی إشارة إلى هذه الحقیقة، حیث أوجبت التوبة ـ کما قلنا ـ أولا، ثمّ إصلاح ما أفسده وإعادة ماء وجه الذی أساء إلیه، ولیس صحیحاً أن یتَّهم إنسانٌ أخاهُ ظلماً فی ملأ عام، أو یعلن عن ذلک فی الصحّف وأجهزة الإعلام، ثمّ یستغفر فی خلوة داره ـ مثلا ـ ویطلب من الله الصفح عنه، وبالطبع لن یقبل الله مثل هذه التوبة.
لذلک روی عن أئمّة المسلمین قال الرّاوی: سألته عن الذی یقذف المحصنات، تقبل شهادته بعد الحدّ إذا تاب؟ قال: نعم، قلت: وما توبته؟ قال: یجیء فیکذب نفسه عند الإمام ویقول: «قد افتریت على فلانة ویتوب ممّا قال»(1).