لا تترکوا النبیّ وحده!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
سبب النّزول محتوى سورة الفرقان:

قال بعض المفسّرین حول علاقة هذه الآیات بسابقتها، وفیهم المرحوم «الطبرسی» فی مجمع البیان «وسید قطب» فی تفسیر فی ظلال القرآن: بما أنّ الآیات السابقة طرحت للبحث جانباً من اُسلوب التعامل مع الأصدقاء والأقرباء. فإنّ الآیات موضع البحث تناولت کیفیة تعامل المسلمین مع قائدهم النّبی(صلى الله علیه وآله)، وقد أکّدت التزام الوقار أمامه، وطاعته وعدم ترک الجماعة إلاّ بإذنه.

ویمکن أیضاً أنّ الآیات السابقة تحدثت عن ضرورة طاعة الله ورسوله(صلى الله علیه وآله)، ومن علائم طاعته عدم ترکه أو القیام بعمل ما دون إذن منه، لهذا تحدثت الآیات ـ موضع البحث ـ حول هذا الموضوع. فتقول أوّلا: (إنّما المؤمنون الّذین آمنوا بالله ورسوله وإذا کانوا معه على أمر جامع لم یذهبوا حتّى یستأذنوه).

والمراد من «أمر جامع» کلّ عمل یقتضی اجتماع الناس فیه ویتطلب تعاونهم، سواء کان عملا استشاریاً، أو مسألة حول الجهاد ومقاتلة العدو، أو صلاة جمعة فی الظروف الإستثنائیة وأمثالها.

وإذا وجدنا أنّ بعض المفسّرین، قالوا بأنّه یعنی الاستشارة أو الجهاد أو صلاة الجمعة أو العید فنقول: إنّهم عکسوا جانباً من معانی هذه الآیة، وأسباب النّزول السابقة أیضاً هی من مصادیق هذا الحکم العام.

وفی الحقیقة إنّ هذا من شروط النظم والتنظیم ولا یمکن لأیة مجموعة منظمة منسجمة أن تهمله، فغیاب شخص واحد قد تترتب علیه صعوبات ویلحق ضرراً بالهدف النهائی، خاصّة إذا کان قائد الجماعة رسول الله(صلى الله علیه وآله) وکلامه مطاع.

کما یجب الإنتباه إلى أنّ الإذن لا یعنی الإستئذان الشکلی لقضاء الشخص أعماله الخاصّة والتفرغ لتجارته، وإنّما أن یکون صادقاً فی الإستئذان، فإذا وجد القائد أن غیاب هذا الشخص یلحق ضرراً، فمن حقه أن لا یأذن له، وعلیه أن یضحی بمصلحته من أجل هدف أسمى، لهذا تضیف الآیة: (إنّ الذین یستأذنوک أولئک الذین یؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوک لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم).

ومن الواضح أنّ هؤلاء المؤمنین لا یستأذن أحدهم لعمل بسیط فی حین أنّهم اجتمعوا لأمر أهم، والمقصود من عبارة «شأنهم»، الأعمال الضروریة والمهمّة فقط.

ومن جهة أخرى، لا تعنی إذن النّبی(صلى الله علیه وآله) للأشخاص دون دراسة جوانب المسألة وأثر حضور وغیاب الأفراد، بل جاء هذا التعبیر لیطلق ید النّبی(صلى الله علیه وآله) وأن لا یأذن لأحد حین إحساسه بضرورة حضوره فی الجماعة.

ودلیل هذا الکلام ما جاء فی الآیة 43 من سورة التوبة حیث یلام الرّسول(صلى الله علیه وآله) لإذنه بعض الأفراد: (عفا الله عنک لم أذنت لهم حتّى یتبیّن لک الّذین صدقوا وتعلم الکاذبین).

وتبیّن هذه الآیة کیف أوجبت على النّبی(صلى الله علیه وآله) التحقیق قبل الإذن، وأن یلاحظ أبعاد هذه المسؤولیة الإلهیة.

وتقول الآیة فی الختام: (واستغفر لهم الله إنّ الله غفور رحیم).

و هنا یطرح سؤال: ما الغرض من هذا الإستغفار؟ فهل هم مذنبون رغم أخذهم الإذن من الرّسول بالمغادرة، کی یحتاجوا إلى استغفاره لهم؟

و للجواب على هذا السؤال هناک وجهان:

أحدهما: أن یستغفر لهم تنبیهاً على أنّ الأوْلى أن لا یقع الإستئذان منهم وإن أذن لهم، لأنّ ذلک یعتبر تقدیم الشخص لمصلحته الخاصّة على مصلحة المسلمین، ولا یخلو هذا الامر من «الترک الاولى» ولذا یحتاج إلى الاستغفار (کالاستغفار على عمل مکروه).(1)

کما تبیّن هذه العبارة ضرورة عدم الإستئذان بالقدر الممکن. واتباع التضحیة والإیثار حتى لا یتورطوا بارتکاب عمل ترکه أولى کمغادرة الجماعة لعمل بسیط.

و الوجه الثانی: یحتمل أنّه تعالى أمره بأن یستغفر لهم مقابلة لتمسّکهم بآداب اللّه تعالى فی الإستئذان.(2)

ولکن نرى عدم وجود تناقض بین هذین الوجهین، کما أنّه من الطبیعی أن لا تخصّ هذه التعالیم التنظیمیة الرّسول(صلى الله علیه وآله)وأصحابه فقط، وإنّما هی واجبة الإتباع إزاء کلّ قائد إلهی، سواء کان نبیاً أم إماماً أم عالماً نائباً لهما، حیث یتوقف مصیر المسلمین على هذه الطاعة، کما یحتمه ـ إضافة إلى القرآن ـ العقل والمنطق، لأنّ الاستمرار التنظیم یتوقف على رعایة هذه المبادىء، ولا یمکن إدارة المجتمع بدونها.

و المدهش تفسیر کبار مفسّری أهل السنة لهذه الآیة بأنّها دلیل على جواز الاجتهاد وتوقف الحکم على رأی المجتهد، ولا یخفى أنّ الاجتهاد المطروح فی مباحث الأصول والفقه یخصّ الأحکام الشرعیة، ولا یتعلق بالإجتهاد فی الموضوعات حیث إنّ الاجتهاد فی الموضوع لا یقبل الإنکار، فکل قائد جیش أو مدیر دائرة أو مشرف على جماعة یجتهد فی القضایا الإجرائیة الخاصّة بدائرة عمله، ولیس هذا دلیلا على إمکان الإجتهاد فی الأحکام الشرعیة العامّة بإیجاب حکم بدعوى المصلحة العامّة، أو نفی حکم أو تشریع آخر.

ثمّ بیّنت الآیة التالیة حکماً آخر له علاقة بتعالیم النّبی(صلى الله علیه وآله) حیث تقول:(لا تجعلوا دعاء الرّسول بینکم کدعاء بعضکم بعض).

إن الرّسول(صلى الله علیه وآله) عندما یدعوکم للاجتماع، فإنه لابدّ من أن یکون لمسألة إلهیة مهمّة، لهذا یجب علیکم الإهتمام بدعوته، والإلتزام بتعالیمه، وألاّ تهملوها، فأمره من الله ودعوته منه سبحانه وتعالى.

ثمّ تضیف الآیة: (قد یعلم الله الّذین یتسلّلون منکم لواذاً فلیحذر الّذین یخالفون عن أمره أن تصیبهم فتنة أو یصیبهم عذاب ألیم).

«یتسللون» مشتقّة من «تسلل»، وتعنی سحب الشیء من موضعه، کأنّ یقال: سلّ السیف من غمده، کما یطلق على الذین یفرون سرّاً من مکان تجمع محدد لهم، کلمة «متسللون».

«لواذاً» مشتقّة من «ملاوذة» بمعنى الإختفاء، وتعنی هنا اختفاء البعض وراء البعض أو خلف جدار، أو بتعبیر آخر: استغفال الآخرین ثمّ الفرار من مکان تجمعهم، وهذا ما کان یقوم به المنافقون حینما یوجه الرّسول(صلى الله علیه وآله) الدعوة للجهاد أو لأمر مهم آخر، یقول لهم القرآن المجید: «إنّ عملکم النفاقی هذا إن خفی على الناس فإنّه لا یخفى على الله، وسیعاقبکم على هذه الاعمال ومخالفتکم لاوامر الرّسول(صلى الله علیه وآله) فی الدنیا والآخرة».

ماذا یقصد به «فتنة» هنا؟ قال بعض المفسّرین: إنّها القتل، وآخرون قالوا: إنّها تعنی الضلال، کما قال بعضهم: إنّها السلطان الظالم، وقیل: إنّها بلاء النفاق الذی یتوغل فی قلب الإنسان.

کما یحتمل أن تعنی الفتنة الفتن الاجتماعیة ومشاکلها، وأن یسود الهرج والمرج فی المجتمع، وابتلائه بالهزیمة، وسائر الفتن الاُخرى التی یبتلى بها المجتمع فی حالة عصیانه أوامر قائده.

و على کلّ حال فالفتنة ذات مفهوم واسع یضمّ جمیع هذه الاُمور وغیرها، مثلما یضمّ العذاب الألیم عذاب الدنیا أو عذاب الآخرة أو کلیهما.

و ممّا یجب الإنتباه إلیه فی تفسیر الآیة محل البحث وجود احتمالین إضافة إلى ما ذکرناه هما:

الأوّل: أنّ القصد من قوله تعالى: (لا تجعلوا دعاء الرّسول بینکم کدعاء بعضکم بعض) أنّکم عندما تدعو النّبى(صلى الله علیه وآله) فینبغی أن تدعوه بأدب واحترام یلیق بمنزلته، ولیس کما تدعون بعضکم بعضاً، والسبب یکمن فی أنّ جماعة من المسلمین لم یتعلموا ـ بعد ـ الآداب الإسلامیة فی التعامل مع الآخرین، فکانوا ینادون الرّسول(صلى الله علیه وآله) بعبارة: یا محمّد! وهذا لا یلیق بنداء قائد إلهی کبیر، وتستهدف الآیة تعلیم الناس أن یدعوا الرّسول صلّى الله علیه وآله وسلّم بعبارات رزینة وبأسلوب مؤدب، کأن یدعوه: یا رسول الله، أو: یا نبىّ الله.

وهذا التّفسیر ورد فی بعض الرّوایات أیضاً إلاّ أنّه لا ینسجم مع ظاهر الآیة التی تحدثت

عن الإستجابة لدعوة الرّسول(صلى الله علیه وآله) ووجوب عدم الغیاب عن الجماعة دون إستئذان منه(صلى الله علیه وآله)إلاّ أن نقول: إن کلا المعنیین مقصودان للآیة واحدة، وأن مفهوم الآیة شامل للتفسیرین الأوّل والثّانی.

و الآخر: ویبدو أنّه ضعیف جدّاً، وهو ألاّ تجعلوا دعاء النّبی(صلى الله علیه وآله) على أحد الأشخاص ولعنه له کدعاء بعضکم على بعض(3)، لأنّ دعاء ولعن النبىّ(صلى الله علیه وآله) یتمّ وفق حساب دقیق وخاضع للتعالیم الإلهیة، وهو نافذ حتماً.

و لکن لیس لهذا التّفسیر علاقة بأوّل الآیة ونهایتهاً، ولم یرد حدیث إسلامی خاصّ به، ولهذا السبب لا یمکن قبوله.

و تجدر الإشارة إلى أنّ علماء الاُصول فسّروا عبارة (فلیحذر الّذین یخالفون عن أمره)بأنّ أوامر الرّسول(صلى الله علیه وآله) تدل على الوجوب، إلاّ أنّ هذا الاستدلال فیه نواقص اُشیر إلیها فی علم الاُصول.

و آخر آیة من الآیات موضع البحث، ـ والتی هی آخر سورة النور ـ إشارة بلیغة إلى قضیة المبدأ والمعاد التی تعتبر دافعاً لإمتثال التعالیم الإلهیة جمیعاً، وضمان لتنفیذ جمیع الأوامر والنواهی، ومنها التی وردت فی هذه السورة حیث تقول: (ألا إنّ لله ما فی السّماوات والأرض).

فإنّ الله العالم بکلّ شیء (قد یعلم ما أنتم علیه) أی یعلم اُسلوبکم فی التعامل وأعمالکم واعتقادکم ومقاصدکم، فکلّها واضحة له سبحانه وتعالى، وثابتة فی لوحة علمه (و یوم یرجعون إلیه فینبّئهم بما عملو) ویجازیهم بها (والله بکلّ شیء علیم).

و ممّا یلفت النظر تأکید الآیة ثلاث مرات على علم الله بأعمال البشر، لیشعر الإنسان أنّه مراقب بشکل دائم، ولا یخفى على الله شیء من أعمال هذا الإنسان أبداً، ولهذا الإعتقاد أثره التربوی الکبیر ویضمن سیطرة الإنسان على نفسه إزاء الانحرافات والذنوب.

إلهی، نوّر قلوبنا بنور العلم والإیمان، وقوِّ مشکاة وجودنا للمحافظة على هذا الإیمان، لنجتاز صراطک المستقیم الذی سار علیه أنبیاؤک لکسب رضاک، ولتحفظنا بلطفک من کل انحراف.

ربّاه، نوّر أبصارنا بنور العفة، وقلوبنا بنور المعرفة، وأرواحنا بنور التقوى، ونور وجودنا کله بنور الهدایة، واحفظنا من التیه والغفلة، وأعذنا من وساوس الشیطان.

إلهی، وطّد أرکان حکومة العدل الإسلامی من أجل تنفیذ حدودک، واحفظ مجتمعنا من الزلل والسقوط فی هاویة الرذیلة، إنک على کل شیء قدیر.

نهایة سورة النّور


1. التّفسیر الکبیر، ج 24، ص 39، وتفسیر روح المعانی، وتفسیر القرطبی ذیل الآیات مورد البحث.
2. التّفسیر الکبیر، ج 24، ص 39، ذیل الآیات مورد البحث.
3. لقد جاء بعد کلمة الدعاء «لام» فإنّها تعنی الإبتهال والدعاء، أمّا إذا جاء الحرف «على» فإنّها تعنی الدعاء على شخص لغیر صالحه، وإذا افتقدت الجملة أی من هذین الحرفین فیحتمل أن تتضمّن العبارة المعنیین.
سبب النّزول محتوى سورة الفرقان:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma