أشار القرآن فی سور متعددة منه ـ کالأعراف وهود والحِجر والأنبیاء والنمل والعنکبوت، إلى ما کان علیه قوم لوط من الوزر الشنیع... إلاّ أنّ تعابیره ـ فی السور المذکورة آنفاً ـ یختلف بعضها عن بعض... وفی الحقیقة إن کل تعبیر من هذه التعابیر یشیر إلى بُعد من أبعاد عملهم الشنیع:
ففی «الأعراف» نقرأ مخاطبة لوط إیّاهم (بل أنتم قوم مسرفون).(1)
وفی الآیة 74 سورة الأنبیاء یتحدث القرآن عن لوط فیقول: (ونجّیناه من القریة الّتی کانت تعمل الخبائث إنّهم کانوا قوم سوء فاسقین).
أمّا فی الآیة ـ محل البحث ـ فقد قرأنا مخاطبة لوط إیاهم بقوله: (بل أنتم قوم عادون).
وجاء فی الآیة 55 من سورة النمل قوله لهم: (بل أنتم قوم تجهلون).
کما جاء فی الآیة 29 من سورة العنکبوت على لسان لوط مخاطباً إیّاهم (أإنّکم لتأتون الرّجال وتقطعون السّبیل).(2)
وهکذا فقد ذُکر هذا العمل القبیح بعناوین «إسراف»، «خبیث»، «فسق»، «تجاوز»، «جهل»، و«قطع السبیل».
«الإسراف» من جهة أنّهم نسوا نظام الخلق فی هذا الأمر، وتجاوزوا عن الحد، و«التعدیّ» ذکر أیضاً لهذا السبب.
و«الخبیث» هو ما ینفر منه طبع الإنسان السلیم، وأیّ عمل أقبح من هذا العمل الذی یُنفَرُ منه؟!
«الفسق» معناه الخروج عن الطاعة ـ طاعة الله ـ والتعری عن الشخصیّة الإنسانیة، وهو من لوازم هذا العمل حتماً.
و«الجهل» لعدم معرفتهم بعواقب هذا الفعل الوخیمة على الفرد والمجتمع!
وأخیراً فإنّ «قطع السبیل» هو النتیجة السیئة لهذا الفعل، لأنّه سیؤدی إلى انقطاع النسل عند اتساع هذا الفعل، لأنّ العلاقة نحو الجنس المشابه ستحل محل العلاقة نحو الجنس المخالف بالتدریج (کما هی الحال بالنسبة للواط والسحاق).
1. الأعراف، 81.
2. قیل أنّ المراد من «تقطعون السبیل» أی تقطعون سبیل الفطرة وتداوم النسل، وفسّره آخرون بأنّ المراد هو أنّ قوم لوط کانوا قطّاع طرق وسرّاقاً!
