الترغیب فی زواج یسیر التکالیف:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
سورة النّور / الآیة 32 ـ 34 1ـ الزواج سُنّة إلهیّة

طرحت هذه الآیة ـ منذ بدایتها حتى الآن ـ سبلا أمینةً متعدّدةً للحیلولة دون الإنحطاط الخلقی والفساد، فکلّ واحد من هذه السبل یرتقی بالاُمَّة فَرداً وجماعةً إلى عالم أرحب من الطّهر والاستقامة، ویحول دون تقهقرها أو انحدارها فی مهاوی الرّذیلة، وقد أشارت الآیات ـ موضع البحث ـ إلى أهم طرق مکافحة الفحشاء، ألا وهو الزواج الیسیر الذی یتمّ بعیداً عن أجواء الریاء والبذخ، لأنّ إشباع الغرائز بشکل سلیم وشرعی خیر سبیل لاقتلاع جذور الذنوب، أو بعبارة اُخرى: کل مکافحة سلبیة لابدّ أن ترافقها مکافحة إبجابیة.

لهذا تقول بدایة الآیة موضع البحث: (وانکحوا الأیامى منکم والصّالحین من عبادکم وإمائِکم).

و«الأیامى» جمع «أیِّم» على وزن «قیِّم» وتعنی فی الأصل المرأة التی  لا زوج لها، وکذلک

تطلق هذه الکلمة على الرجل الذی لا زوجة له، فیدخل فی هذا المفهوم کلّ من لیس له زوج، سواء کان بکراً أم ثیّباً.

وعبارة «أنکحوا» أی «زوّجوا» ـ وبما أنَّ الزواج یتمّ بالتراضی وحریة الاختیار الطرفین، فالمراد من هذا الأمر بالتزویج التمهید للزواج، عن طریق تقدیم العون المالی عند الحاجة، أو العثور على زوجة مناسبة، أو التشجیع على الزواج والاستفادة من وساطة الأشخاص لحلّ المشاکل المستجدة.

وباختصار: إنّ مفهوم الآیة واسع، حتى أنَّهُ لیضم کلّ خطوة وحدیث فی هذا المجال، ولا اختلاف فی أنَّ أصل التعاون الإسلامی یوجب تقدیم العون من قبل المسلمین بعضهم لبعض.

وجاء ذلک هنا بصراحة لیؤکّد أهمیّة الزواج الخاصّة. وهی أهمیّةٌ بالغة المدى، إذ ورد حدیث بصددها عن أمیر المؤمنین علی(علیه السلام) قوله: «أفضل الشفاعات أن تشفع بین اثنین فی نکاح حتى یجمع الله بینهما».(1)

وجاء فی حدیث آخر عن الإمام موسى الکاظم(علیه السلام) قوله: «ثلاثة یستظلون بظلّ عرش الله یوم القیامة، یوم لا ظلّ إلاّ ظلّه، رجل زوّج أخاه المسلم، أو خدمه، أو کتم له سرّاً»(2).

کما جاء فی حدیث عن الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) قوله فی الذی یسعى لزواج أخیه المسلم «کان له بکلّ خطوة خطاها، أو بکلّ کلمة تکلم بها فی ذلک عمل سنة قیام لیلها وصیام نهارها»(3).

وبما أنّ بعض الأعذار کالفقر أو عدم وجود وتوفّر الإمکانات اللازمة قد تقف حائلا دون الزواج، أو هو عذر للفرار من الزواج وتشکیل الاُسرة. یقول القرآن بهذا الصدد: (إن یکونوا فقراء یغنهم الله من فضله والله واسع علیم).

إنّ قدرة الله واسعة سعة تشمل عالم الوجود کلّه، وعلمه واسع یحیط بما خفی وبما ظهر من المقاصد والأفعال، خاصّة الذین یقدمون على الزواج ابتغاء المحافظة على عفتهم وطهارتهم، وبهذا یشمل الله الجمیع بفضله وکرمه.

ولنا فی هذا المجال دراسة وتحلیل، وسنذکر أحادیث عدیدة فی نهایة هذا البحث.

ولکن أحیاناً بالرغم من بذل الجمیع جهودهم لتهیئة مستلزمات زواج إنسان ما لا یفلحون فی ذلک، ممّا یضطره إلى مضی فترة من الزمن محروماً من الزواج، ولکی لا یظنّ أن إقدامه على الفساد أمراً مباحاً تقتضیه الضرورة أسرعت الآیة التالیة لتأمره بالطهارة والعفّة فقالت: (ولیستعفف الّذین لا یجدون نکاحاً حتّى یغنیهم الله من فضله).

فیجب علیه تجنّب التلوث والفساد فی هذه المرحلة المتأزّمة ومواجهة الامتحان الإلهی، حیث لا یقبل أی عذر منه، فلابدّ أن یمتحن قوّة إیمانه وشخصیته وتقواه فی هذه المرحلة.

ویهتم الإسلام کعادته بالعبید الضعفاء اجتماعیاً من أجل تیسیر حریتهم، فیتناول القرآن المجید مسألة المکاتبة (وهی تعهد الغلام بتوقیعه إتفاقاً ینص على القیام بعمل معیّن أو دفع مبلغ مقابل عتقه)، فتقول الآیة (والّذین یبتغون الکتاب ممّا ملکت أیمانکم فکاتبوهم إن علمتم فیهم خیر).

وتقصد عبارة (علمتم فیهم خیر) أی قد بلغوا من النمو الجسمی ووجدتم فیهم صلاحیة لإبرام العقد، وقدرتهم على إنجاز ما تعهدوا به.

أمّا إذا لم یتمکنوا من الوفاء بما عاهدوا علیه، فلا ینبغی مکاتبتهم وعتقهم، لأنّ فی ذلک ضرراً علیهم وعلى المجتمع، فیجب تأجیل ذلک إلى وقت آخر یؤهّلهم من حیث القدرة والصلاحیة، ولأجل ألا یقع العبید فی مشاکل لا یتمکنون من حلّها ویعجزون عن تسدید ما بذمتهم، یدعو القرآن الکریم إلى مساعدتهم فیقول: (وآتوهم من مال الله الذی آتاکم).

هناک اختلاف حول هذا المال بین المفسّرین: فقال عدد کبیر منهم: ـ إنّه حصة من الزکاة، مثلما نصت علیه الآیة 60 من سورة التوبة. لیتمکن العبید من الوفاء بدینهم وانعتاقهم.

وقال آخرون: على مالک الغلام أن یتَبرع بقسم من أقساط الدَّین، أو یساعده بإعادته إلیه، لیتمکن من الحیاة الحرّة.

کما یحتمل أنّ المقصود هنا منح العبید فی البدایة مبلغاً للإنفاق، أو جعله رأسمال لهم لیمکنهم من التجارة والعمل وإدارة شؤونهم الخاصّة، ودفع الأقساط التی بذمّتهم، وطبیعی أنّ التفاسیر الثلاثة هذه غیر متناقضة، ویمکن للآیة السابقة أن تستوعبها جمیعاً.

والهدف الحقیقی هو أن یشمل المسلمون هذه الطبقة المستضعفة بمساعداتهم لتتحرر بأسرع وقت ممکن.

وروی عن الإمام الصادق(علیه السلام) فی تفسیر هذه الآیة: «تضع عنه من نجومه التی لم تکن ترید أن تنقصه، ولا تزید فوق ما فی نفسک»(4).

إشارة إلى مجموعة من الناس کانوا یکاتبون عبیدهم بمبالغ أکبر ممّا یعطونهم، ویتظاهرون بمساعدتهم، وقد نهى الإمام الصادق(علیه السلام) عن ذلک مبیّناً أنّه یجب أن یکون التخفیض حقیقیّاً.

وعقّبت هذه الآیة بإشارة إلى أحد الأعمال القبیحة التی کان یمارسها عبّاد الدنیا إزاء جواریهم: (ولا تکرهوا فتیاتکم على البغاء إن أردن تحصّناً لتبتغوا عرض الحیاة الدّنی).

قال بعض المفسّرین فی سبب نزول هذه الآیة: کان عبدالله بن اُبی یملک ست جوار یجبرهن على البغاء، وعندما نزلت آیات قرآنیة تنهى عن الفحشاء جئن إلى النّبی(صلى الله علیه وآله)وعرضن شکواهن على سیّدهنّ عنده، فنزلت الآیة أعلاه ونهت عن إرتکاب هذا الإثم(5).

وهذه الآیة تکشف عن مدى الرذیلة والإنحطاط الخلقی الذی کان سائداً فی عهد الجاهلیه، وقد واصل البعض أعماله القبیحة هذه حتى بعد ظهور الإسلام، حتى نزلت الآیة السابقة، وأنهت هذه الأعمال.

ومع بالغ الأسف نجد عصرنا الذی سمی بجاهلیة القرن العشرین، تمارس البشریة هذا العمل بقوة وعلى قدم وساق فی بلدان تدّعی المدنیة والحضارة والدفاع عن حقوق الإنسان، وکذلک کان الوضع فی بلادنا على عهد الطاغوت، إذ کان هذا العمل القبیح یمارس ببشاعة ومرارة، وکان البعض یخدع البنات البریئات والنساء الجاهلات، ویدفع بهنّ إلى مراکز الفساد، ویجبرهنّ على القیام بأعمال الرذیلة والفساد، ویغلق أبواب النجاة بوجوههنّ لیجنی ثروات طائلة وتفصیل الکلام فی ذلک مؤلم وخارج عن عهدة هذا الکتاب.

وبالرغم من أنّ العالم المعاصر یدّعی التحضّر وإزالة معالم العبودیة القدیمة، إلاّ أنّ الجرائم والمفاسد الخُلقیة تشیع بشکل أکثر توحّشاً من کلّ ما حدث فی غابر الأیّام، ونسأل الله أن یحفظ الإنسانیة من شرّ هؤلاء الذین یدّعون التمدّن، کما نحمده ونشکره على زوال هذه المعالم من إیران بعد إنتصار الثورة الإسلامیة.

وجدیر بالذکر أنّ عبارة (إن أردن تحصن) لا تعنی فی مفهومها أنهنّ إن رغبن فی الفساد فلا مانع من إجبارهن، بل تعنی نفی الموضوع بشکل تامّ من قبیل السالبة بانتفاء الموضوع، لأنّ مسألة الإکراه تصدق فی حالة عدم الرغبة فیه. وإلاّ فبیع الجسد وإشاعة هذا الفعل بأیة صورة کانت هو من کبائر الذنوب.

وجاءت هذه العبارة لتثیر غیرة مالکی الجواری إن کان لهم أدنى غیرة، ومفهومها أنّ الجواری مع أنهنّ من الطبقة الدانیة ولکن لا یرغبن فی ارتکاب الفاحشة، فلماذا ترتکبون هذه الأعمال المنحطة على الرغم من تصورکم أنّکم طبقة راقیة؟

وفی الختام ـ على حسب الاُسلوب الذی یتبعه القرآن ـ یفتح طریق التوبة للمذنبین، ویشجعهم على إصلاح أنفسهم: (ومن یکرهّهنّ فإنّ الله من بعد إکراههنّ غفور رحیم).

ویمکن أن تکون هذه الجملة ـ کما قلنا ـ إشارة إلى الوضع السائد بین ملاّک الجواری الذین غلب علیهم الندم، واستعدوا للتوبة وإصلاح أنفسهم.

أو تکون هذه الجملة إشارة إلى النسوة اللواتی یرتکبن هذا العمل القبیح بإکراه من قبل أسیادهنّ.

وعلى نهج القرآن، نجد آخر الآیات ـ موضع البحث ـ تستنتج وتلخّص الموضوع المطروح خلال إشارتها إلى البحوث السابقة: (ولقد أنزلنا إلیکم آیات مبیّنات) وکذلک دروس وعبر من الاقوام الماضیة تنفعکم فی یومکم هذا: (ومثلا من الّذین خلوا من قبلکم وموعظة للمتّقین).


1. وسائل الشیعة، ج 14، ص 27، الباب 12، من أبواب مقدمات النکاح.
2. المصدر السابق.
3. المصدر السابق.
4. تفسیر نور الثقلین، ج 3، ص 601.
5. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث، وتفسیر القرطبی (مع بعض الاختلاف).
سورة النّور / الآیة 32 ـ 34 1ـ الزواج سُنّة إلهیّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma