لا شک أنّ الحیاة تعتبر أعجب ظاهرة فی العالم، ذلک السرّ الذی لم یقدر العلماء على فکّ رموزه حتى الآن، فالجمیع یقول: إنَّ الأحیاء خلقت من مادّة لا حیاة فیها، إلاّ أنّه لا أَحَدَ یعلم کیف حدثت هذه الطفرة وفی أیّ ظرف، إذْ لم یشهد أیّ مختبر تبدُّلَ موجود عدیم الحیاة إلى آخر حی، على الرغم من انشغال الآلاف من العلماء طوال سنین عدیدة فی التفکیر بذلک، وإجراء تجارب مُختبریة یخطئها الحصر.
وهناک خیال من بعید یتراءى للعلماء فی هذا المجال، ولکنّه مجرّد خیال وشبح، فانّ العلم البشری عاجز عن کشف أسرار الحیاة مَع تقدّمِه الهائل، وذلک لتعقد هذه الأسرار بدرجة کبیرة.
وفی الظروف السائدة تولّد الأحیاء من أحیاء اُخرى، ولا یولد أیُّ حیّ من غیر حیّ. ولکن المؤکّد أنّ هذا الحال لم یکن کذلک فی الماضی البعید. أو بعبارة اُخرى: أنّ الحیاةُ تملک تاریخاً لظهورها.
ولکن کیف وتحت أیة شروط؟
إنّ ذلک لغز لم تتضح حقیقته بعدُ، والأعجب من ذلک تنوع الحیاةِ فی هذه الصور الکاملة، تبدأ من الأحیاء المجهریة وحیدة الخلیة حتى تصل إلى الحیتان العظیمة التی یتجاوز طولُ الواحدة منها الثلاثین متراً، وتبدو إحداها کأنّها جبل من لحم طائف فی المحیط.
ومن مئات الآلاف من الحشرات المختلفة إلى الآف من الطیور الجمیلة، کلّ له عالمه الخاصّ به وأسرارُهُ الذاتیة.
وتشغل کتب علم الحیوان الیوم حیّزاً کبیراً من مکتبات العالم، ویستعرض مؤلفوها جوانب من أسرار هذه الأحیاء، خاصّة الأحیاء البحریة.
والبحر دوماً تکمن فیه الأسرار التی ما تزالُ معلوماتُنا قاصرة عن استکناهها، على الرغم من سِعة تطوّرنا العلمیِّ وعُمقِه، حقّاً الله اکبر، خلق کلّ هذه الأحیاء، ومنحها ما تحتاج إلیه، فما أعظم قدرته وعلمه!
سبحانه! کیف وضع کلّ واحد منها فی ظروف مناسبة له، ووفّر غذاءه وما یحتاج إلیه، والأعجب من ذلک خلقه سبحانه وتعالى جمیع هذه الکائناتِ، من ماء وقلیل من تراب.
