لیست هذهِ المرة الاُولى التی یستخدم فیها القرآن عبارة «المرض» للنفاق، فقد استخدمها فی مطلع سورةِ البقرة عند بیانه لصفات المنافقین (فی قلوبهم مرض فزادهم الله مَرض) وکما قُلنا فی المجلد الأوّل فی أثناءِ تفسیر الآیة المذکورة، فإنّ النفاق فی حقیقته مرض وانحراف عن الطریق السوی، فالإنسان السلیم له صورة واحدة هی انسجامٌ روحِه مع بدنه.
فإذا کان مؤمناً فکلّ أجزاء بدنه تعبر عن إیمانها، وإذا کان عدیم الإیمان فإنّ ظاهره وباطنه یکشفان عن کفره وانحرافه.
أمّا إذا کان مُتظاهراً بالإیمان ومبطناً للکفر، فإنّ ذلک یعتبر نوعاً من المرض.
وبما أنّ هؤلاء الأشخاص (المنافقین) لا یستحقون لطف الله ورحمته، بسبب عنادهم وإصرارهم على المُضِی بمناهجهم المنحرفة، فقد ترکهم الله على حالهم، لیزدادوا مرضاً.
والمنافقون فی الواقع أخطر مجموعة فی المجتمع، لأنّه لا یتّضح للمؤمن بأیّ اُسلوب یجب أن یعاملهم، فهم لیسوا أصدقاء ولایبدون أنّهم أعداء، فیستفیدون من إمکاناتِ المؤمنین ویصونون أنفسهم عن العقاب المفروض على الکفار بالتظاهر وإخفاءِ حقائِقهم المشؤُومِة، فأعمالهم أتعس من أعمال الکفّار.
ولکن هؤلاءِ لا یمکنهم أن یُواصِلُوا هذا المنهج لمدّة طویلة، فلابدّ أن یفتضح أمرهم وینکشف باطنهم. وکما ذکرت الآیات ـ موضع البحث ـ وسببُ نُزولها. افتضاحهم فی عملیة تحکیم واحدة وانکشاف باطنهم الخبیث(1).