آخر ما اُمر به النّبی!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
سورة النّمل / الآیة 89 ـ 93 محتوى سورة القصص:

کان الکلام فی الآیات السابقة عن أعمال العباد وعلم الله بها.. أمّا الآیات محل البحث فیقع الکلام فی مستهلّها عن جزائهم وثواب أعمالهم وأمنهم من فزع یوم القیامة، إذ یقول سبحانه: (من جاء بالحسنة فله خیر منها وهم من فزع یومئذ آمنون).

وهناک اختلاف بین تعبیرات المفسّرین فی المراد من «الحسنة» فی هذه الآیة:

ففسّرها بعضهم بکلمة التوحید «لا إله إلاّ الله» والإیمان بالله.

وفسّرها بعضهم بولایة أمیر المؤمنین(علیه السلام) والأئمّة من أهل البیت(علیهم السلام)، وقد ورد التأکید على هذا المعنى فی الرّوایات المتعددة عن أهل البیت، ومن جملتها ما جاء فی روایة عن الإمام الباقر(علیه السلام) أنّه دخل أبو عبدالله الجدلی على أمیر المؤمنین(علیه السلام) فقال: یا أبا عبدالله ألا

أخبرک بقول الله عزّوجلّ: (من جاء بالحسنة فله خیر منها وهم من فزع یومئذ آمنون * ومن جاء بالسّیئة فکبّت وجوههم فی النّار هل یجزون إلاّ ما کنتم تعملون) قال: بلى یا أمیرالمؤمنین جعلت فداک، فقال: «الحسنة معرفة الولایة حبّنا أهل البیت، والسیئة إنکار الولایة وبغضنا أهل البیت ثمّ قرأ(علیه السلام) الآیة»(1).

وبالطبع فإنّ معنى الآیة واسع ـ وقد أشرنا إلى ذلک مراراً ـ کما أنّ الحسنة هنا معناها واسع أیضاً... فهی تشمل الصالحات والأعمال الخالصة، ومن ضمنها الإیمان بالله وبرسوله وولایة الأئمّة من أهل البیت(علیهم السلام)، التی تعدّ فی طلیعة الأعمال الحسنة، ولا یمنع أن تکون هناک أعمال صالحة اُخرى تشملها الآیة.

أمّا ما أورده بعضهم بأنّه: على فرض العموم فی «الحسنة» فسوف تشمل الإیمان بالله وهل هناک خیر من الإیمان حتى یقول سبحانه: من جاء بالحسنة فله خیر منها؟

فالجواب على هذا الإشکال واضح... لأنّ رضا الله خیر من الإیمان، وبتعبیر آخر: جمیع هذه الاُمور مقدمة له... وذو المقدمة خیر من المقدمة!.

وهناک سؤال آخر یثار هنا، وهو أنّ ظاهر بعض الآیات ـ کالآیة 2 من سورة الحج ـ أنّ الفزع یعمّ الجمیع فی یوم القیامة، فکیف أستثنی أصحاب الحسنات منه؟

فالآیة 103 من سورة الأنبیاء توضح الجواب على هذا السؤال فتقول:  ( لا یحزنهم الفزع الأکبر وتتلقّاهم الملائکة هذا یومکم الّذی کنتم توعدون).

و«الفزع الأکبر» ـ هو کما نعلم ـ فزع یوم القیامة، وفزع الدخول فی نار جهنّم ـ أعاذنا الله منها ـ لا الفزع الحاصل من النفخة فی الصور «فلاحظوا بدقّة».

ثمّ یتحدث القرآن عن الطائفة الاُخرى التی تقابل أصحاب الحسنات فتقول: (ومن جاء بالسّیّئة فکبّت وجوههم فی النّار).

ولیس لهذه الطائفة أیّ توقع غیرها (هل تجزون إلاّ ما کنتم تعملون).

و «کُبّت» مأخوذ من «کبّ» على وزن «جدّ» ومعناه فی الأصل إلقاء الشیء على وجهه على الأرض، فبناء على هذا فإنّ ذکر «وجوههم» فی الآیة هو من باب التوکید!.

وإلقاء هذه الطائفة على وجوهها فی النّار من أسوأ أنواع العذاب، إضافة إلى ذلک، فإنّ اُولئک حین کانوا یواجهون الحقّ یُلوون وجوههم ورؤوسهم، وکانوا یواجهون الذنوب بتلک الوجوه فرحین... فالآن لابدّ أن ـ یبتلوا بمثل هذا العذاب.

وجملة (هل تجزون إلاّ ما کنتم تعملون) لعلها جواب على سؤال یلقى هنا، وهو ما لو قیل: إنّ هذا الجزاء «العقاب» شدید، فیجاب: بأنّ هذا الجزاء إن هو إلاّ عملک فی الدنیا، فهل تجزون إلاّ ما کنتم تعلمون «فلاحظوا بدقّة».

ثمّ یوجه الخطاب للنّبی(صلى الله علیه وآله) فی الآیات الثلاث من آخر هذه السورة، ویؤکّد له هذه الحقیقة وهی أن یخبر اُولئک المشرکین بأنّ علیه أن یؤدّی رسالته ووظیفته... سواءً آمنتم أم لم تؤمنوا؟!

فتقول الآیة الاُولى من هذه الآیات: (إنّما اُ مرت أن أعبد ربّ هذه البلدة).

هذه البلدة المقدسة التی یتلخّص کل وجودکم وشرفکم بها... البلدة المقدسة التی کرمها الله وکرّمکم بما أنزل فیها من البرکات.. إلاّ أنّکم بدل أن تشکروا نعمة الله کفرتم بها!

البلدة المقدسة التی هی حرم أمن اللّه، وأشرف بقعة على وجه الأرض، وأقدم معبد للتوحید!

أجل... أعبد ربّ هذه البلدة المقدسة (الّذی حرّمه) وجعل لها خصائص وأحکاماً وحرمةً، وأموراً اُخر لا تتمتع بها أیة بلدة اُخرى فی الأرض!.

لکن لا تتصوروا أنّ هذه البلدة وحدها لله، بل له کل شی فی عالم الوجود (وله کلّ شیء).

والأمر الثّانی الذی أمرت به هو أن أسلم وجهی له (واُ مرت أن أکون من المسلمین).

وهکذا فإنّ الآیة بیّنت وظیفتین أساسیتین على النّبی وهما (عبادة الواحد الأحد، والتسلیم المطلق لأمره).

والآیة التالیة تبیّن أسباب الوصول إلى هذین الهدفین فتقول: (وأن أتلوا القرآن).

أتلوه فأستضیء بنوره، وأنتهل من عذب معینه الذی یهب الحیاة! وأن أعول فی جمیع مناهجی على هدیه، أجل... فالقرآن وسیلتی للوصول إلى هذین الهدفین المقدسین، والمواجهة لکل أنواع الشرک والإنحراف والضلال ومکافحتها.

ثمّ تعقب الآیة لتحکی عن لسان الرسول وهو یخاطب قومه: لا تتصوروا أنّکم إذا آمنتم

انتفعت من وراء ذلک لنفسی، کما أنّ الله غنی عنکم ، بل (فمن اهتدى فإنّما یهتدی لنفسه).

وکل ما یترتب على الهدایة من منافع دنیویة، کانت أم اُخرویة فهی عائدة للمهتدی نفسه والعکس صحیح (فمن ضلّ فقل إنّما أنا من المنذرین).

وعواقبه الوخیمة لا تصیبُنی... فوظیفتی البلاغ والإنذار وإراءة سبیل الحق، والإصرار على أن تسلکوا سبیل الحق، إلاّ أنّ من أراد أن یبقى فی طریق الضلال، فإنّما یشقى وحده، فیکون من الخاسرین.

الطریف أنّ القرآن یقول فی شأن الهدایة: (فمن اهتدى فإنّما یهتدی لنفسه)ولکنّه لا یقول فی شأن الضلال: ومن ضل فضرره علیه، بل یقول: (فقل إنّما أنا من المنذرین).

وهذا الاختلاف فی التعبیر لعله إشارة إلى أنّ النّبی(علیه السلام) یقول: إنّی لا أسکت بوجه الضالین أبداً، ولاأترکهم على حالهم، بل أظلّ أنذرهم وأواصل الإنذار  ولا أعیا عن ذلک، لأننی من المنذرین (بالطبع هناک آیات وردت فی القرآن فی شأن الهدایة والضلالة، وفیها التعبیر «لنفسه وعلیها» للموضوعین... کقوله تعالى: (من اهتدى فإنّما یهتدی لنفسه ومن ضلّ) لکننا نعلم أنّ هذا الاختلاف فی التعبیرات منسجم مع اختلاف المقامات، وربّما جاء لإلقاء المعانی المختلفة والمتفاوتة)!

والجدیر بالذکر أنّ هذه السورة شرعت ببیان أهمّیة القرآن، وانتهت بالأمر بتلاوته، فبدایتها ونهایتها عن القرآن.

والأمر الأخیر ـ فی آخر آیة من هذه السورة ـ مُوجه للنبیّ أن یحمد الله على هذه النعم الکبرى، ولا سیما نعمة الهدایة فیقول: (وقل الحمدلله)

هذا الحمد أو الثناء یعود لنعمة القرآن، کما یعود للهدایة أیضاً، ویمکن أن یکون مقدمة للجملة التالیة (سیریکم آیاته فتعرفونه).

وهذا التعبیر إشارة إلى أنّه مع مرور الزمان وتقدم العلم والمعرفة، سینکشف کل یوم بعض أسرار عالم الوجود، ویرفع ستار جدید عنها.. وستعرفون نعم الله وعظمة قدرته وعمق حکمته یوماً بعد یوم.. وإراءة الآیات هذه مستمرّة دائماً ولا تنقطع مدى عمر البشر.

إلاّ أنّکم إذا واصلتم طریق الخلاف والانحراف، فلن یترککم الله سدى (وما ربّک بغافل عمّا تعملون).

ولا تتصوروا بأنّ الله إذا أخر عقابکم بلطفه، فهو غیر مطلع على أعمالکم، وأنّها لا تسجل فی اللوح المحفوظ.

وجملة (وما ربّک بغافل عمّا تعملون) الواردة بنفسها أو مع شیء من التفاوت الیسیر فی تسع آیات من القرآن جملة موجزة، وهی تهدید ذو معنى عمیق، وإنذار لجمیع الناس.

 

والحمد لله رب العالمین

 

نهایة سورة النمل


1. اصول الکافی، ج 1، ص 185، وفقاً لماجاء فی تفسیر نور الثقلین، ج 4، ص 104.
سورة النّمل / الآیة 89 ـ 93 محتوى سورة القصص:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma