«بور» من مادة «بوار» وهی فی الأصل بمعنى شدّة کساد الشیء، ولأنّ شدّة الکساد
تبعث على الفساد، کما جاء فی المثل العربی «کسد حتى فسد»، فهذه الکلمة بمعنى الفساد، ثمّ اُطلقت بعد هذا على الهلاک، ولهذا یقولون للأرض الخالیة من الشجر والورد والنبات، والتی هی فی الحقیقة فاسدة ومیتة کلمة «بائر».
وعلى هذا فإنّ قوله تعالى: (کانوا قوماً بور) إشارة إلى أنّ هذا الفریق على أثر انغماسهم فی الحیاة المادیة المرفهة، ونسیانهم الله والیوم الآخر، صاروا إلى الفساد والهلکة، وصارت أراضی قلوبهم کالصحراء جافة وبائرة، واُخلیت من أزاهیر ملکات القیم الإنسانیة، وفواکه الفضیلة والحیاة المعنویة.
مطالعة حال الاُمم الغرقى فی الدلال والنعمة الیوم، الغافلة عن الله وعن الخلق، توضح عمق معنى هذه الآیة فی کیفیة غرق هذه الاُمم فی بحر الفساد الأخلاقی، وکیف اجتثت الفضائل الإنسانیة من أرض وجودهم البائرة.(1)