على أساس تعبیر الآیات المتقدمة (کذلک وأورثناها بنی اسرائیل). فإنّ جمعاً من
المفسّرین یعتقدون أن بنی إسرائیل عادوا إلى مصر وسیطروا على الحکم، ومکثوا فی مصر حاکمین مدّة.(1)
وظاهر الآیات المتقدمة یناسب هذا التّفسیر.
فی حین أنّ بعض المفسّرین یعتقد أنّ بنی إسرائیل تحرکوا نحو بیت المقدس بعد هلاک فرعون وأتباعه، إلاّ أنّهم بعد مدّة مدیدة رجعوا إلى مصر وشکلوا فیها حکومتهم.(2)
وتتطابق فصول التوراة الحالیة المتعلقة بهذا القسم مع هذا التّفسیر.
ویعتقد بعض آخر من المفسّرین أنّ بنی إسرائیل صاروا جماعتین أو فئتین، فجماعة منهم بقیت فی مصر وحکمت فیها، وتحرکت جماعة منهم مع موسى نحو بیت المقدس.
وذکر احتمال آخر، وهو أنّ بنی إسرائیل حکموا مصر بعد موسى(علیه السلام) وفی زمان النّبی سلیمان بن داود، والآیة (کذلک وأورثناها بنی إسرائیل) ناظرة إلى هذا المعنى!
إلاّ أنّه مع ملاحظة أنّ موسى(علیه السلام) نبی ثائر کبیر، فمن البعید جدّاً أن یترک هذه الأرض التی تهاوت أرکان حکومتها وقد اصبحت مقالید اُمورها بیده فیذرها کلیاً دون أن یخطط لها خطة ویتجه نحو فلسطین وبیت المقدس والصحاری الشاسعة، ولا سیما أنّ بنی إسرائیل قد سکنوا مصر لسنین طوال، وتعودوا على محیطها، فبناءً على هذا لا یخرج الأمر من أحد حالین... أمّا أن نقول: إنّ بنی إسرائیل عادوا جمیعاً إلى مصر وحکموا فیها، أو أن نقول: إنّ قسماً منهم بقوا فی مصر بأمر موسى(علیه السلام) واستولوا على العرش وحکموا فی مصر!... وفی غیر هاتین الحالین لایتجلّى مفهوم لاخراج الفراعنة منها ووراثة بنی اسرائیل لها...