مواجهة فرعون مواجهةً منطقیة وقاطعة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
سورة الشّعراء / الآیة 16 ـ 22 سورة الشّعراء / الآیة 23 ـ 29

انتهت فی الآیات المتقدمة المرحلة الاُولى لمأموریة «موسى(علیه السلام)» وهی موضوع الوحی «والرسالة» وطلبه أسباب الوصول إلى هذا الهدف الکبیر!.

وتعقیباً على المرحلة الآنفة تأتی الآیات ـ محل البحث ـ لتمثل المرحلة الثّانیة، أی مواجهة موسى وهارون لفرعون، والکلام المصیری الذی جرى بینهم!

تقول الآیة الاُولى من هذه الآیات مقدمةً لهذه المرحلة: (فأتیا فرعون فقولا إنّا رسول ربّ العالمین).

وجملة (فأتیا فرعون) تکشف عن أنّهما ینبغی أن یواجها فرعون نفسه بأیّة قیمة أو أیّ ثمن کان.

والتعبیر بـ «رسول» بصیغة الإفراد مع أنّهما «موسى وهارون» نبیّان مرسلان، یشیر إلى وحدة دعوتهما، فکأنّهما روحان فی بدن واحد لهما خِطّة واحدة وهدف واحد.(1)

وضمن دعوتکما لفرعون بأنّکما رسولا ربّ العالمین اطلبا منه أن یُرسل بنی إسرائیل ویرفع یده عنهم: (أن أرسل معنا بنی إسرائیل).

وبدیهی أنّ المراد من الآیة أن یرفع فرعون عن بنی إسرائیل نیر العبودیّة والقهر والإستعباد، لیتحرروا ویأتوا مع موسى وهارون، ولیس المراد هو إرسال بنی إسرائیل معهما فحسب.

وهنا یلتفت فرعون فیتکلم بکلمات مدروسة وممزوجة بالخبث والشیطنة لینفی الرسالة ویقول لموسى: (ألم نربّک فینا ولیداً...).

إذْ التقطناک من أمواج النیل الهادرة فإنقذناک من الهلاک، وهیّأنا لک مرضعة، وعفونا عن الحکم الصادر فی قتل أبناء بنی إسرائیل الذی کنت مشمولا به، فتربّیت فی محیط هادىء آمن منعّماً... وبعد أن تربیت فی بیتنا عشت زماناً (ولبثت فینا من عمرک سنین).

ثمّ توجه إلى موسى وذکرّه بموضوع قتل القبطی فقال: (وفعلت فعلتک الّتی فعلت).

إشارةً إلى أنّه کیف یمکنک أن تکون نبیّاً ولدیک مثل هذه السابقة؟!

ثمّ بعد هذا کله: (وأنت من الکافرین)! (أی بنعمة فرعون) فلطالما جلست على مائدتنا وتناولت من زادنا فکیف تکون نبیّاً وأنت کافر بنعمتی؟!

وفی الحقیقة; کان فرعون یرید أن یجعل موسى محکوماً بهذه التهم المواجهة إلیه، وبهذا المنطق الإستدراجی.

والمراد من قصّة القتل المذکورة هنا هو ما جاء فی سورة القصص «الآیة 15 منها» حیث جاء فیها أنّ موسى وجد رجلین یقتتلان هذا من شیعته وهذا من عدوّه، فاستغاثة الذی هو من شیعته على الذی من عدوّه فوکزه موسى فقضى علیه إنتصاراً لشیعته!.

وعندما سمع موسى کلمات فرعون الممزوجة بالخبث والشیطنة أجاب على إشکالات فرعون الثلاثة، إلاّ أنّه قدّم الإجابة على الإشکال الثّانی نظراً لأهمّیته. (أو أنه أساساً لم یجد الإشکال الأوّل یستحق الإجابة، لأنّ تربیة الشخص  لا تکون دلیلا على عدم جواز هدایة مربّیه إن کان المربی ضالا، لیسلک سبیل الرشاد).

وعلى کل حال أجابه موسى(علیه السلام): (قال فعلتها إذاً وأنا من الضّالّین).

وهنا کلام طویل بین المفسّرین على المراد من کلمة «الضّالّین» الواردة فی تعبیر موسى(علیه السلام)... لأنّه کما نعلم لا مجال لأن تکون للنبیّ سابقةُ سوء حتى قبل مرحلة النبوّة.. لأنّها تزلزل موقعه فی أفکار عامّة الناس، ویبقى الهدف من بعثته ناقصاً غیرِ تام، ولذلک فإنّ العصمة فی الأنبیاء لازمة حتى قبل زمان نبوتهم!... هذا من جهة.

ومن جهة اُخرى ینبغی أن یکون هذا الکلام جواباً مسکتاً لفرعون! لذلک فإن کثیراً من المفسّرین یعتقدون أنّ المراد من «الضال» هنا هو کونُه أخطأ فی الموضوع، أی أنّ موسى کانت ضربته للرجل القبطی لا بقصد القتل، بل لکی یحمی المظلوم ویدافع عنه، ولم یدر أنّها ستؤول إلى الإجهاز علیه وقتله، فبناءً على ذلک فإنّ الضالّ هنا معناه «الغافل» والمراد منه الغافل عن العاقبة التی أدّى عمله إلیها.

وقال بعض المفسّرین: إنّ المراد من ذلک أنّه لم یکن أیّ خطأ فی قتل القبطی الظالم لأنّه کان مستحقاً، بل إنّ موسى(علیه السلام) یرید أن یقول: إنّه لم یدر أن عاقبة عمله ستکون على هذا الوجه، وإنّه لا یستطیع البقاء فی مصر وعلیه أن یخرج بعیداً عن وطنه، وأن یتأخر منهجه «فی أداء رسالته».

ولکن الظاهر أنّ هذا لا یعدّ جواباً لفرعون، بل هو موضوع کان لموسى أن یبیّنه لأتباعه ومن حوله من محبّیه! لا أنّه ردّ على إشکال فرعون!.

والتّفسیر الثّالث الذی من المحتمل أن یکون مناسباً أکثر لمقام موسى(علیه السلام) ـ من جهات متعددة ـ ویتلاءم وعظمة کیانه، أنّ موسى(علیه السلام) استخدم التوریة فی تعبیره جواباً على کلام فرعون، فقال کلاماً ظاهره أنّه لم یعرف طریق الحق فی ذلک الزمان... لکنّ الله عرّفه إیاه بعدئذ، ووهب له حکماً ـ فجعله من المرسلین، إلاّ أنّه کان یقصد فی الباطن أنّه لم یدر أن عمله حینئذ سیؤدّی إلى هذه النتیجة! من الجهد والعناء واضطراب البال ـ مع أَنّ أصل عمله کان حقاً ومطابقاً لقانون العدالة «أو أنه یوم کانت هذه الحادثة قد وقعت کان موسى(علیه السلام) قد ضلّ طریقه فصادف أمامه هذه القضیّة».

ونحن نعرف أنّ «التوریة» هی أن یقول الإنسان کلاماً باطنه حق، إلاّ أنّ الطرف الآخر یفهمُ من ظاهره شیئاً آخر، وهذا الأمر یقع فی موارد خاصّة یُبتلى الإنسان فیها بالحرج أو

الضیق، ولا یرید أن یکذب، وهو فی الوقت ذاته على ظاهر کلامه.(2)

ثمّ یضیف موسى قائلا: (ففررت منکم لمّا خفتکم فوهب لی ربّی حکماً وجعلنی من المرسلین)!

وهناک اختلاف بین کلمات المفسّرین فی المراد من «الحکم» فی هذه الآیة، أهو مقام النبوة، أم مقام العلم، أم سواهما؟! لکن مع ملاحظة ذیل الآیة نفسها المذکور فیها مقام الرسالة بإزاء الحکم یتّضح أنّه غیر الرسالة والنبوّة!

والشاهد الآخر على هذا الموضوع الآیة 79 من سورة آل عمران إذ قال: (ما کان لبشر أن یؤتیه الله الکتاب والحکم والنّبوّة ثمّ یقول للنّاس کونوا عباداً لی من دون الله...).

إن کلمة «الحکم» تعنی فی اللغة: المنع من أجل الإصلاح، هذا هو الأصل فی ما وضعت له، ولذا سمّوا لجام الحیوان «حَکَمةً» على وزن (صَدَقَة) ثمّ أطلقت هذه الکلمة على ما یطابق الحکمة، ومن هنا سمی العقل والعلم حکماً أیضاً لهذا التناسب، وقد یقال: إنّه یستفاد من الآیة 14 من سورة القصص أنّ موسى(علیه السلام) کان قد بلغ مقام الحکم والعلم قبل هذه القضیة إذ تقول: (ولما بلغ أشدّه واستوى آتیناه حکماً وعلم).

فنجیب على ذلک أنّ للعلم والحکمة مراحل مختلفة، فکان موسى(علیه السلام) قد بلغ مرحلة منهما من قبل، وحین بلغ مقام النبوّة أدرک المرحلة الأکمل!.

ثمّ یردّ موسى(علیه السلام) على کلام فرعون الذی یمنُّ به علیه فی أنّه ربّاه وتعهده منذ طفولته وصباهُ، معترضاً علیه بلحن قاطع فیقول: (وتلک نعمة تمنُّها علیّ أن عبّدتّ بنی إسرائیل).

صحیح أنّ ید الحوادث ساقتنی ـ وأنا طفل رضیع ـ إلى قصرک، لأتربّى فی کنفک، وکان فی ذلک بیان لقدرة الله، لکن ترى کیف جئت إلیک؟ ولم لا تربیتُ فی أحضان والدیّ وفی بیتهما؟!

ألم یکن ذلک لأنّک عبّدت بنی إسرائیل وصفّدت أیدیهم بنیر الأسر! حتى أمرت أن یُقتل الأطفال الذکور وتستحیا النساء للخدمة؟!

فهذا الظالم المفرط من قبلک، کان سبباً لأن تضعنی اُمی فی الصندوق حفاظاً علیّ، وتلقینی فی أمواج النیل، وکانت مشیئة الله أن تسوق الأمواج «زورقی» الصغیر حتى توصله إلى قصرک... أجل إن ظلمک الفاحش هو الذی جعلنی رهین منّتک وحرمنی من بیت أبی الکریم، وصیرنی فی قصرک الملوّث!.

وبهذا التّفسیر یتّضح إرتباط جواب موسى بسؤال فرعون تماماً.

کما یحتمل فی تفسیر هذه الآیة أنّ مراد موسى(علیه السلام) هو الإعتراض على فرعون بأنّه لو کانت تربیتی عندک نعمةً من قبلک، فهی إزاء ظلمک لبنی إسرائیل بمثابه القطرة فی مقابل البحر، فأیة نعمةَ لک علیّ مع ما عندک من الظلم والجور على الناس؟!

والتّفسیر الثّالث لجواب موسى لفرعون، هو أنّه: لو تربیت فی قصرک وتمتعت بنعمک المختلفة، فلا تنس بُناة قصرک الأوائل فهم أرقّاء من قومی، والموجدون لجمیع تلک النعم هم أسراؤک من بنی إسرائیل، فکیف تمنّ علیّ بجهود قومی وأتعابهم؟!

وهذه التفاسیر الثلاثة لا تتنافی جمیعاً، وإن کان التّفسیر الأوّل من بعض الجهات أکثر وضوحاً!

ویستفاد من عبارة: «من المرسلین» ضمناً بأنّنی لست الوحید المرسل من قبل الله، فمن قبلی جاء رُسُل عدّة، وأنا واحدٌ منهم، إلاّ أنّ فرعون نسیَهم أو تناساهم!!


1. یقول الراغب فی المفردات: «الرّسول» من الکلمات التی تطلق على المفرد والجمع، وإن جمعت أحیاناً على «الرسُل» فمنهم من یرى أنّها مصدر أیضاً ومعناها الرسالة، ونعرف أنّه لا تثنیة ولا جمع فی المصدر، وقد ورد فی لسان العرب أن الرّسول بمعنى الرسالة، إلاّ أنّ هذه الکلمة تحمل المعنى الوصفی حتماً، وکثیراً ما تجمع أو تثنى وقد ورد فی سورة طه، 47، عن هذه القصة وقصة موسى وهارون: (إنّا رسولا ربک).
2. هذا الکلام یوافق مضمون الحدیث الوارد عن الإمام الرض(علیه السلام) فی تفسیر الآیة، راجع کتاب عیون اخبار الرضا، نقلا عن تفسیر نورالثقلین، ج 4، ص 48.
سورة الشّعراء / الآیة 16 ـ 22 سورة الشّعراء / الآیة 23 ـ 29
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma