1ـ اتباع الهوى وعواقبه الألیمة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
أضلُّ من الأنعام: 2ـ لماذا أضلُّ من الأنعام!؟

لا شک أنّ فی کیان الإنسان غرائز ومیولا مختلفة، وجمیعها ضروری لإدامة حیاته، الغیظ والغضب، حب النفس، حب المال والحیاة المادیة، وأمثالها، ولا شک أنّ مبدع الوجود خلقها جمیعاً لذلک الهدف التکاملی.

لکن المهم هو أنّها تتجاوز حدها أحیاناً، وتخرج عن مجالها، وتتمرّد على کونها أداة طیعة بید العقل، وتصرُّ على العصیان والطغیان، فتسجن العقل، وتتحکم بکل وجود الإنسان، وتأخذ زمام اختیاره بیدها.

هذا هو ما یعبرون عنه بـ «اتباع الهوى» الذی هو أخطر أنواع عبادة الأصنام، بل إنّ عبادة الأصنام تنشأ عنه أیضاً، فلیس عبثاً أنّ الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) اعتبر صنم «الهوى»

أعظم وأسوأ الأصنام، لذا قال: «ما تحت ظل السماء من إله یعبد من دون الله أعظم عند الله من هوىً متبع».(1)

ونقرأ فی حدیث آخر عن بعض أئمّة الإسلام: «أبغض إله عُبد على وجه الأرض الهوى».

وإذا تأملنا جیداً فی أعماق هذا القول، نعلم جیداً لماذا کان اتباع الهوى مصدر الغفلة، کما یقول القرآن: (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذکرنا واتّبع هواه).(2)

و من جهة اُخرى فإن اتباع الهوى منبع الکفر وعدم الإیمان، کما یقول القرآن (فلا یصدّنّک عنها من لا یؤمن بها واتّبع هواه).(3)

و من جهة ثالثة فإنّ اتباع الهوى أسوأ الضلال، یقول القرآن الکریم: (ومن أضلّ ممّن اتّبع هواه بغیر هدىً من الله).(4)

و من جهة رابعة فإن اتباع الهوى نقطة مقابلة لطلب الحق، ویخرج الإنسان عن طریق الله، کما نقرأ فی القرآن: (فاحکم بین النّاس بالحقّ ولا تتّبع الهوى فیضلّک عن سبیل الله).(5)

و من جهة خامسة فإن اتباع الهوى مانع من العدل والإنصاف کما نقرأ فی القرآن: (فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلو).(6)

و أخیراً، فإنّ نظام السماء والأرض إذا دار حول محور أهواء وشهوات الناس، فإنّ الفساد سوف یعمُّ کلَّ ساحة الوجود: (ولو اتّبع الحقّ أهواءهم لفسدت السّماوات والأرض ومن فیهنّ).(7)

وفی الروایات الإسلامیة أیضاً، نلاحظ تعبیرات مؤثرة فی هذا الصدد:

نقرأ فی روایة عن على(علیه السلام): «الشقی من انخدع لهواه وغروره».(8)

وفی حدیث آخر عنه(علیه السلام)، نقرأ أن: «الهوى عدو العقل».(9)

نقرأ أیضاً: «الهوى اُسُّ المحن».(10)

و عنه(علیه السلام): «لا دین مع هوى»(11) و«لا عقل مع هوى».(12)

والخلاصة أن اتباع الهوى لیس من الدین ولیس من العقل، ولیس عاقبة اتباع الهوى إلاّ التعاسة والمحن والبلاء، ولا یثمر إلاّ المسکنة والشقاء والفساد.

أحداث حیاتنا والتجارب المرّة التی رأیناها فی أیّام العمر بالنسبة إلینا وإلى الآخرین، شاهد حی على جمیع النکات التی وردت فی الآیات والرّوایات أعلاه بصدد اتباع الهوى.

نرى أفراداً یتجرعون المرارة إلى آخر أعمارهم، جزاء ساعة واحدة من أتباع الهوى.

و نعرف شباباً صاروا أسارى مصیدة الإدمان الخطیر، والانحرافات الجنسیة و الأخلاقیة، على أثر انقیادهم للهوى، بحیث تحولوا إلى موجودات ذلیلة لا قیمة لها، وفقدوا کل قواهم وطاقاتهم الذاتیة.

فی التاریخ المعاصر والماضی، نلتقی بأسماء الذین قتلوا آلافاً وأحیاناً ملایین من الناس الأبریاء، من أجل أهوائهم، بحیث أنّ الاجیال تذکر أسماءهم المخزیة بالسوء إلى الأبد.

هذا الأصل لا یقبل الاستثناء، فحتى العلماء والعابدون أهل السابقة مثل (بلعم بن باعور) سقطوا من قمة العظمة الإنسانیة إلى الهاویة، نتیجة انقیادهم لهوى النفس، حیث یمثلهم القرآن بالکلب النجس الذی لا ینفک عن النباح (الآیة 176 سورة الأعراف).

لهذا فلا عجب أن یقول النّبی(صلى الله علیه وآله) وأمیر المؤمنین(علیه السلام): «إنّ أخوف ما أخاف علیکم إثنان، اتباع الهوى وطول الأمل، أمّا اتباع الهوى فیصدّ عن الحق، وأمّا طول الأمل فینسی الآخرة».(13)

وردت أیضاً فی النقطة المقابلة ـ یعنی ترک أتباع الهوى ـ آیات وروایات توضح عمق هذه المسألة من وجهة نظر الإسلام، إلى حد أن یُعدّ مفتاح الجنّة الخوف من الله، ومجاهدة النفس: (وأمّا من خاف مقام ربّه ونهَى النفس عن الهوى * فإنّ الجنّة هی المأوى).(14)

یقول علی(علیه السلام): «أشجع الناس من غلب هواه».(15)

و قد نقلت قصص کثیرة فی حالات محبی الحق وأولیاء الله، والعلماء والعظماء، حیث نالوا المقامات العالیة نتیجة ترک أتباع الهوى، هذه المقامات لم تکن ممکنة بالطرق العادیة.


1. تفسیر الدر المنثور، ذیل الآیة مورد البحث، نقلا عن تفسیر المیزان، ج 15، ص 257.
2. الکهف، 28.
3. طه، 16.
4. القصص، 50.
5. ص، 26.
6. النساء، 135.
7. المؤمنون، 71.
8. نهج البلاغه، الخطبة 86 .
9. غرر الحکم، الجملة 808.
10. المصدر السابق، الجملة 1048 .
11. المصدر السابق، الجملة 1048.
12. المصدر السابق، الجملة 10541 .
13. سفینة البحار، ج 2، ص 728، (ذیل مادة هوى) ونهج البلاغة، الخطبة 42.
14. النازعات، 40 و41.
15. بحارالانوار، ج 70، ص 76، ومستدرک الوسائل، ج 12، ص 111.
أضلُّ من الأنعام: 2ـ لماذا أضلُّ من الأنعام!؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma