أمع کلّ هذه الأدلة ما تزالون مشرکین؟!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
سورة النّمل / الآیة 60 ـ 64 1ـ مَن المضطر الذی یجاب إذا دعاه؟

فی آخر آیة من آیات البحث السابق، وبعد ذکر جوانب مثیرة من حیاة خمسة أنبیاء عظام، اُلقی هذا السؤال الوجیز المتین (آللهِ خیر أمّا یشرکون)؟!

أمّا فی الآیات محل البحث فتفصّل السؤال... وتوجه للمشرکین خمس آیات تبدأ بخمسة أسئلة، لتناقش المشرکین وتحاکمهم، وتکشف دلائل التوحید فی الآیات الخمس فی اثنی عشر مثلا!

فالآیة الاُولى من هذه الآیات تتحدث عن خلق السماوات والأرض، ونزول الماء من السماء والبرکات الناشئة عنه، فتقول: هل أن معبوداتکم أفضل (أمّن خلق السّماوات والأرض

وأنزل لکم من السّماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات(1) بهجة).(2)

«الحدائق» جمع «الحدیقة»، وهی کما یقول کثیر من المفسرین: البستان الذی یحیطه الجدار أو الحائط، ومحفوظ من جمیع الجهات، ومنها سمّیت حدقة العین حدقة لأنّها محفوظة بین الجفنین والهدب، أمّا الراغب فیقول فی المفردات: إنّ الحدیقة تطلق فی الأصل على الأرض المجتمع فیها الماء، کما أنّ حدقة العین فیها الماء دائماً.

ویستفاد من مجموع هذین الرأیین أنّ الحدیقة بستان له جدار وماء کاف.

و «البهجة» على وزن (لهجة) معناها الجمال وحسن الظاهر الذی یسر الناظرین.

ویتوجه الخطاب نحو العباد فی ختام الآیة فیقول: (ما کان لکم أن تنبتوا شجره).

فأنتم تستطیعون أن تنثروا البذور وتسقوا الأرض، لکن الذی جعل الحیاة فی قلب البذرة، وأمر الشمس أن تشرق على الأرض، والماء ینزل من السماء حتى تنبت البذرة فتکون شجراً، هو الله فحسب.

فهذه حقائق لا یمکن إنکارها، ولا أن تنسب لغیر الله... فهو الذی خلق السماوات والأرض، وهو الذی أنزل الغیث من السماء، وهو مبدأ هذه البهجة والحسن والجمال فی عالم الحیاة!.

إنّ مجرّد التأمل فی لون الزهرة الجمیلة، وأوراقها اللطیفة المنظمة التی تشکل حلقةً رائعة.. کاف أن یجعل الإنسان عارفاً بعظمة الخالق وقدرته وحکمته.. فهذه الاُمور تهز قلب الإنسان وتدعوه إلى الله.

وبتعبیر آخر فإنّ التوحید فی الخلق یؤدّی إلى «توحید الخالق»، والتوحید فی الربوبیّة «توحید مدبّر هذا العالم» باعث على «توحید العبادة»!.

ولذلک فالقرآن یقول فی نهایة الآیة: (أإله مع الله) ولکن هؤلاء جهلة عدلوا عن الله وعبدوا ما لا ینفعهم ولا یضرهم (بل هم قوم یعدلون)(3).

والسؤال الثّانی بحث عن موهبة استقرار الأرض وثباتها، وأنّها مقر الإنسان فی هذا العالم، فیقول: هل أنّ أصنامکم أفضل، (أمّن جعل الأرض قراراً وجعل خلالها أنهاراً وجعل لها رواسی)(4)کما تحافظ على القشرة الأرضیة من الزلازل، کما (وجعل بین البحرین حاجز)ومانعاً من اختلاط البحر المالح بالبحر العذب.

وهکذا فقد ورد فی هذه الآیة ذکر أربع نعم عظیمة، ثلاث منها تتحدث عن استقرار الأرض! فتقول:

إنّ استقرار الأرض فی الوقت الذی تتحرک بسرعة وتدور حول نفسها وحول الشمس، وتتحرک فی المنظومة الشمسیة وحرکة هادئة وفی وتیرة واحدة، إلى درجة أنّ سکّانها لا یحسّون بحرکتها أبداً... فکأنّها أوتدت فی مکان واحد! وبقیت ثابتة فلا یُرى فیها أقلّ حرکة.

والنعمة الاُخرى وجود الجبال، التی قلنا عنها سابقاً أنّها تُحیط بالأرض، وجذورها متصلة بعضها ببعض کالحاجر القوی الذی یقاوم الضغوط الداخلیة للأرض، وحرکات الجزر والمدّ الذین یحصلان بسبب جاذبیة القمر، کما أنّها تعبر مانعاً أمام الأعاصیر والسیول من أن تدمّر الأرض بطغیانها!

والنعمة الاُخرى الحجاب الحاجز بین البحرین، والحائل الطبیعی الذی یحول بین الماء المالح والماء العذب، وهذا الحجاب ـ غیر المرئی ـ هو الاختلاف فی درجة الغلظة بین الماء العذب والماء المالح، أو کما یصطلح علیه اختلاف «الوزن النوعی» الخاص الذی یسبب عدم انحلال میاه الأنهار العظیمة العذبة التی تنصب فی البحار المالحة لمدّة طویلة، وعند حالة «المدّ» تتمدد هذه المیاه العذبة على السواحل الصالحة للزراعة فتسقیها (وقد بیّنا تفصیل هذا الموضوع ذیل الآیة 53 من سورة الفرقان).

وفی الوقت ذاته جعل الله خلال أجزاء الأرض المختلفة أنهاراً تسقی المزارع والأحیاء... فتخضرّ البساتین وتثمّر الأشجار وبعض مصادر هذه المیاه تکمن فی قمم الجبال... وبعضها بین الطبقات الأرضیّة!.

ترى هل یمکن أن یکون هذا النظام قد وُلد عن طریق الصدفة العمیاء الصمّاء، والمبدأ الفاقد للعقل والحکمة؟! وهل للأصنام تأثیر فی هذا النظام البدیع المثیر للدهشة؟!

حتى عبدة الأصنام لا یدعون مثل هذا الإدعاء! لذلک یکرر القرآن فی ختام الآیة هذا السؤال: (أإله مع الله)؟! حاش للَّهِ (بل أکثر هم لا یعلمون).

السؤال الثّالث من هذه الأسئلة الخمسة التی تحکی عن محاورة ومحاکمة المعنویة یتحدث عن حلّ المشکلات، وفتح الطرق الموصدة، وإجابة الدعاء، إذ تقول الآیة التالیة: (أمن یجیب المضطرّ إذا دعاه ویکشف السّوء).

أَجَلْ... عندما تُغلق جمیع أبواب عالَم الأسباب بوجه الإنسان، ویبلغ النصل إلى العظم، ویغدو مضطراً حیراناً لا حیلة له، فإنّ الذی یحلّ المعضلة، ویفتح الأقفال، ویزیل السدود عن الطرق، وینثر فی القلوب نور الأمل، ویفتح أبواب الرحمة بوجه الناس المتحیرین، هو الله لا غیر!.

وحیث إنّ الناس یدرکون هذه الحقیقة بالفطرة فی أعماق نفوسهم جمیعاً، فإنَّ المشرکین حین یقعون بین أمواج البحر المتلاطمة ینسون جمیع معبودیهم ویتوجهون نحو لطف الله، کما یقول القرآن: (فإذا رکبوا فی الفلک دعوا الله مخلصین له الدّین).(5)

لذلک تضیف الآیة قائلة: إنّه لا ینقذکم من هذه المآزق والشدائد فحسب، بل: (ویجعلکم خلفاء الأرض أإله مع اللّه) ولکنکم لا تتعضون بهذه الدلائل.. (قلیلا ما تذکّرون)(6).

وحول مفهوم المضطر، ومسألة استجابه الدعاء وشروطها، بحوث ستأتی فی نهایة هذه الآیات!

والمراد من (خلفاء الأرض) لعله بمعنى «سکنة الأرض» وأصحابها.. لأنّ الله جعل الإنسان حاکماً على هذه الأرض، مبسوط الید فیها بما أولاه من النعم وأسباب الرفاه والدعة والاطمئنان!.

ولا سیما حین یقع الإنسان فی شدّة، فیغدو مضطراً ویتجه نحو خالقه الکریم ـ فیرفع بکرمه البلایا والموانع ـ فتستحکم أسس هذه الخلافة وهنا تتجلى العلاقة بین شطری الآیة.

کما قد یکون المراد بهذا المعنى، وهو أنّ الله جعل ناموس الحیاة أن یخلفَ قوم قوماً على الدوام، بحیث لو لم یکن هذا التناوب لم تغدُ الصورة متکاملة(7)!.

ویثیر القرآن فی السؤال الرّابع مسألة الهدایة فیقول: هل أنّ الأصنام أفضل، (أمّن یهدیکم فی ظلمات البرّ والبحر) بواسطة النجوم (ومن یرسل الرّیاح بشراً بین یدی رحمته)؟!

فالریاح التی تدل على نزول الغیث، وکأنّها رسل البشرى تتحرک قبل نزول الغیث، إنّها فی الحقیقة تهدی الناس إلى الغیث أیضاً.

والتعبیر بـ (بشر) فی شأن الریاح، والتعبیر بـ (بین یدی رحمته) فی شأن الغیث، کلاهما تعبیران طریفان لأنّ الریاح هی التی تحمل الرطوبة فی الجو وتنقل أبخرة الماء من على وجه المحیطات بشکل قطعات من السحب على متونها، إلى النقاط الیابسة، وتخبر عن قدوم الغیث!

وکذلک الغیث الذى ینشد نغمة الحیاة على وجه البسیطة، وحیثما نزل حلت البرکة والرحمة(8).

(ذکرنا شرحاً مفصلا فی تأثیر الریاح فی نزول الغیث فی ذیل الآیة 57 من سورة الأعراف).

ویخاطب القرآن فی ختام الآیة المشرکین مرّة اُخرى فیقول: (أإله مع الله)؟!

ثمّ یضیف دون أن ینتظر الجواب قائلا (تعالى الله عمّا یشرکون).

أمّا فی آخر آیة من الآیات محل البحث، فیثیر القرآن السؤال الخامس فی شأن المبدأ والمعاد بهذه الصورة، فیقول: هل أنّ أصنامکم أفضل، (أمّن یبدأ الخلق ثمّ یعیده ومن یرزقکم من السّماء والأرض أإله مع الله). فهل بعد ذلک تعتقدون بوجود معبود غیر الله (قل هاتوا برهانکم إن کنتم صادقین)؟!

وفی الواقع فإنّ الآیات المتقدمة کلها کانت تتکلم على المبدأ، وآیات عظمة الله فی عالم الخلق والوجود، ومواهبه ونعمه، إلاّ أنّه فی الآیة الأخیرة ینتقل البحث من معبر ظریف إلى مسألة المعاد، لأنّ بدایة الخلق نفسها دلیل على تحققها، والقدرة على بدایة الخلق تعد دلیلا واضحاً على المعاد.

ومن هنا یتّضح الجواب على السؤال الذی یثیره کثیر من المفسّرین، وهو أنّ المشرکین المخاطبین بهذه الآیات أغلبهم لم یعتقدوا بالمعاد «المعاد الجسمانی» فکیف یمکن أن یوجه إلیهم هذا السؤال مع هذه الحال ویطلب منهم الإقرار.

فالجواب علیه أنّ هذا السؤال مقرون بدلیل یسوق الطرف الآخر للإقرار، لأنّه باعترافهم أن بدایة الخلق من الله، وهذه المواهب والنعم کلّها منه، لکی تقبل عقولهم إمکان المعاد والرجوع إلى الحیاة فی یوم القیامة مرّة اُخرى.

والمراد من (الرزق السماوی) هو الغیث ونور الشمس وأمثال ذلک، أمّا (الرزق الأرضی) فالنباتات والمواد الغذائیة المختلفة التی تنمو على الأرض مباشرة، أو عن طریق غیر مباشر کالأنعام والمعادن والمواد المختلفة التی یتمتع بها الإنسان فی حیاته!.


1. کلمة (ذات) فی «ذات بهجة» جاءت مفردة، مع أنّ حدائق جمع وهی موصوفها، وذلک لأنّ الحدائق جمع تکسیر، وجمع التکسیر قد یأتی أحیاناً بمعنى الجماعة، وهی ـ أی لفظة الجماعة ـ مفرد وصفتها مفردة أیضاً.
2. هذه الآیة فی الحقیقة فیها حذف وتقدیره: ما یشرکون خیر أم من خلق السماوات والأرض؟ وفی الحقیقة إنّ السؤال فی الآیة السابقة کان هکذا: اللّه خیر أم الشرکاء؟ وهنا یبدأ السؤال بالعکس: ما یشرکون خیر أم من خلق السماوات والأرض.
3. قد یکون (یعدلون) من مادة (العدول) أی الإنحراف والرجوع من الحق إلى الباطل، أو أنّه مادة (عِدْل) على وزن (قِشر) ومعناه المعادل والنظیر.. ففی الصورة الاُولى مفهوم الآیة أنّهم ینحرفون عن الله الواحد إلى غیره، وفی الصورة الثّانیة مفهومها أنّهم یجعلون له عدیلاً.
4. «الخلال» فی الأصل معناه الشق بین الشیئین. و«الرواسی» جمع «راسیة»، وهی الثابتة.
5. العنکبوت، 65.
6. (م) فی قوله تعالى: (قلیلا ما تذکرون) زائدة ظاهراً، ونعرف أنّ الحروف الزائدة فی کثیر من المواطن للتأکید، و(قلیل) صفة لمصدر محذوف وتقدیره: تتذکرون تذکراً قلیلا.
7. فبناءً على هذا المعنى یکون (خلفاء الأرض) بمعنى: خلفاء فی الأرض.
8. «بُشر» على وزن «عشر» ـ کما ذکرنا آنفاً ـ مخفف بُشر على وزن «کتب»، وهی جمع «بشور» على وزن «قبول» ومعناه المبشر.
سورة النّمل / الآیة 60 ـ 64 1ـ مَن المضطر الذی یجاب إذا دعاه؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma