عاقبة قوم لوط:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
سورة الشّعراء / الآیة 167 ـ 175 سورة الشّعراء / الآیة 176 ـ 184

إنّ قوم لوط الغارقین بالغرور والمتمادیة بهم ریاح الشهوة، بدلا من أن یذعنوا لنصائح هذا القائد الإلهی، فتدخل مواعظه فی قلوبهم ویخلصوا من تلک الأمواج الرهیبة، فإنّهم نهضوا لمواجهتهِ و(قالوا لئن لم تنتهِ یا لوط لتکوننّ من المخرجین).

إنّ کلامک یُبلبل أفکارنا، ویسلب اطمئناننا وهدوءنا، فنحن غیر مستعدین حتى للإصغاء إلى کلامک... وإذا واصلت هذا الاُسلوب ولم تنته منه، فإنّ أقل ما تجزى به هو الإبعاد والإخراج من هذه الأرض.

ونقرأ فی مکان آخر من القرآن أن قوم لوط سعوا لتنفیذ تهدیدهم، وأمروا بإخراج لوط وأهله، فقالوا: (أخرجوهم من قریتکم إنّهم اُناس یتطهّرون)(1).

إنّ فعل هؤلاء الضالّین ـ بلغ بهم أن یعدوا التقوى والتطهر بینهم أکبر عیب، وأن یفخروا بالرجس وعدم الطهارة، وهذه هی العاقبة المشؤومة للمجتمع المسرع نحو الفساد!

ویستفاد من عبارة (لتکوننّ من المخرجین) أنّ هذه الجماعة الفاسدة کانوا قد أخرجوا اُناساً طاهرین من حیّهم فهدّدوا لوطاً بهذا الأمر أیضاً، وهو أنّه إذا لم تنته فستنال ما ناله سواک من الإبعاد والإخراج.

وقد صُرّح فی بعض التفاسیر أنّهم کانوا یُخرجون المتطهرین من القریة بأسوأ الحال(2).

إلاّ أنّ لوطاً لم یکترث بتهدیدهم، وواصل نصحه لهم و(قال إنّی لعملکم من القالین).

إنّه یرید أن یقول: سأواصل انتقادی إیّاکم... فافعلوا ما شئتم... فأنا لا أترک مواجهة هذه الأعمال القبیحة بالإعتراض والنقد!

والتعبیر بـ «من القالین» یدلُّ أیضاً على أنّ جماعة کانوا مثل النّبی لوط یرفضون هذه الأعمال ویعترضون علیها... رغم أنّ المنحرفین أخرجوهم من قریتهم آخر الأمر.

کلمة «القالِین» جمع «قال» من مادة (قَلَى) أو (قَلِیَ) «على وزنیْ حَلَقَ وشَرِکَ» ومعناها العداوة الشدیدة التی تترک أثرها فی قلب الإنسان، وهذا التعبیر یکشف عن شدّة تنفّر لوط من أعمالهم.

والذی یسترعی النظر أنّ لوطاً یقول: إنّی لعملکم من القالین. أی إنّنی  لا أعادیکم بأشخاصکم، بل أعادی أعمالکم المخزیة، فلو ابتعدتم عن هذا العمل الشنیع فأنا محبّ لکم وغیر قال لکم.

وأخیراً لم تؤثر مواعظ لوط ونصائحه فی قومه، فبدّل الفساد مجتمعهم کلّه إلى مستنقع عفن... وتمّت الحجة علیهم بمقدار کاف، وبلغت رسالة لوط مرحلتها النهائیة... فعلیه أن یغادر هذه المنطقة العفنة، وأن ینجّی من معه ممن استجاب دعوته، لینزل عذاب الله على القوم الفاسقین فیهلکهم، فسأل لوط ربّه أن یخلّصه من قومه، فقال: (ربّ نجّنی وأهلی ممّا کانوا یعملون).

وبالرغم من أنّ بعضهم احتمل أن یکون المراد من الأهل من الآیة جمیع من آمن به... إلاّ أنّ الآیة 36 من سورة الذاریات تقول: (فما وجدنا فیها غیر بیت من المسلمین).

ولکن کما أشرنا من قبل ـ فإنّ بعض التعابیر الواردة فی الآیات محل البحث، تشیر إلى أنّ جماعة من المؤمنین به کانوا قد اُبعدوا واُخرجوا من القریة.

ویستفاد ممّا قیل ـ ضمناً ـ أنّ دعاء لوط لأهله لم یکن بسبب العلاقة العاطفیة والإرتباط النسبی القرابتی، بل لإیمانهم به.

فاستجاب الله دعاؤه کما تقول الآیة التالیة: (فنجّیناه وأهله أجمعین * إلاّ عجوزاً فی الغابرین).(3)

وهذه العجوز لم تکن سوى زوج النّبی لوط التی کانت منسجمة مع أفکار قومه الضالین وعقیدتهم، ولم تؤمن بلوط أبداً، ولذلک ابتلیت بما اُبتلی به قومه من العذاب والهلاک.

وقد بیّنا تفصیل هذا الموضوع فی ذیل الآیات «81 ـ 83 من سورة هود».

أجَلْ، لقد نجّى الله لوطاً والمؤمنین القلّة معه، فأمر أن یخرج بهم لیلا من تلک المدینة ـ أو القریة ـ فترک قومه الغارقین بالفسق والفجور على حالهم، فنزل عذاب الله فی الغداة، فتزلزلت بهم الأرض وانهارت علیهم الأبنیة والقصور الجمیلة حتى اصبح عالیها سافلها وهلکوا جمیعاً فی دیارهم، وقد عبّر القرآن عن کان ذلک بعبارة موجزة بلیغة، فقال: (ثمّ دمّرنا الآخرین) ولم یکف ذلک بل (وأمطرنا علیهم مطر) وأیّ مطر! إنّه وابل من احجار نزل على تلک الخرائب لیمحو أثرها من الانظار. (فساء مطر المنذرین)!

والأمطار عادة تمنح الحیاة، إلاّ أنّ هذا المطر کان موحشاً مهلکاً مخرّباً.

ویستفاد من الآیة 82 من سورة هود أن قرى قوم لوط ومدنهم قُلب عالیها سافلها أوّلا، ثمّ أمطرت بالحجر النضید المتراکم، ولعله کان إمطارهم بالحجارة لمحوا آثارهم، فلم یبق منها غیر تل کبیر من الأحجار والتراب بدل تلک المدن العامرة.

تُرى هل کانت هذه الأحجار قد حملت من الصحارى على أثر اعصار عظیم وسقطت على رؤوسهم؟ أو هی أحجار نزلت من السماء بأمر من الله علیهم؟!

أو کما یقول بعض المفسّرین کان هناک برکان أو جبل نار قد خمد لفترة، ثمّ انفجر بأمر الله فأمطرهم بالحجارة، لیس ذلک معلوماً على نحو الدقّة! إلاّ أنّ من المسلّم به أنّ هذه الأحجار ـ أو هذا المطر المهلک ـ لم یترک للحیاة فی تلک الأرض من أثر!

«وتفصیل هذا الموضوع ذکرناه فی ذیل الآیات 81 ـ 83 من سورة هود، ذکرناه مع «لطائف» مختلفة فلا بأس بمراجعتها».

ومرّة اُخرى نواجه فی نهایة هذه القصّة الجملتین اللتین تکررتا فی القصص المشابهة لها فی هذه السورة، فی شأن خمسة أنبیاء کرام آخرین، إذ یقول القرآن: (إنّ فی ذلک لآیةً وما کان أکثرهم مؤمنین).

وأیّة آیة أجلى من هذه الآیة التی تعرفکم على هذه المسائل المهمّة والبناءة، دون أن تحتاجوا إلى تجربة شخصیة! أجل إنّ تاریخ الماضین عبرة وآیة للآتین، ولیس تجربة، لأنّ التجربة ینبغی على الإنسان أن یتحمل فیها خسائر لیحصل على نتائجها... إلاّ أننّا هنا نحصل على النتائج من خسائر الآخرین!

(وإنّ ربّک لهو العزیز الرّحیم).

وأیة رحمة أعظم من أنّه لا یعاقب أقواماً فاسقین کقوم لوط فوراً، بل یمهلهم إمهالا کافیاً لعلهم یهتدون، ویجددوا نظرهم فی أعمالهم!

وأیة رحمة أعظم من أن لا یخلط عقابه «الأخضر بالیابس» بل لو کان فی ألفِ ألفِ(4)اُسرة غیر صالحة أسرة واحدة صالحة، فإنّه ینجیها منها وینزل العذاب على اُولئک!

وأیة عزّة أعظم من أن ترى بطرفة عین واحدة دیار الفاسقین قد دُمرت تدمیراً ولم یبق منها أی أثر!

فالأرض التی کانت مهاداً لأمنهم أمرت بإقبارهم، والمطر الذی تحیا به الأرض والناس یکون ممیتاً لهم!


1. الاعراف، 82.
2. تفسیر روح المعانی، والتّفسیر الکبیر، ج 24، ص 200، ذیل الآیات مورد البحث.
3. «الغابر» من مادة «الغبور» ومعناه الباقی، ومتى ما تحرکتْ جماعة وبقی شخص فی المکان فإنّه یدعى «غابراً» ولهذا السبب سمی التراب الباقی غباراً... «والغبرة»: الباقی من اللبن فی ثدی الحیوان.
4. ذکرنا آنفاً أنّ مصطلح ألف ألف هو التعبیر العربی الصحیح وأنّ کلمة ملیون لیست عربیّة بل هى غربیة فتأمل.
سورة الشّعراء / الآیة 167 ـ 175 سورة الشّعراء / الآیة 176 ـ 184
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma