الإدعاءات الکبیرة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
سورة الفرقان / الآیة 21 ـ 24 آفات العمل الصالح:

قلنا أنّ المشرکین یصرون على الفرار من ثقل التعهدات والمسؤولیات التی یضعها على عواتقهم الإیمان بالله والیوم الآخر، فکانوا یقولون تارةً: لماذا یحتاج الرّسول إلى الطعام ویمشی فی الأسواق؟ حیث قرأنا الإجابة علیها فی الآیات السابقة.

الآیات الحالیة، تطرح شکلین آخرین من ذرائعهم وتجیب علیها، فیقول تعالى أوّلا: (وقال الّذین لا یرجون لقاءنا لولا أنزل علینا الملائکة أو نرى ربّن).

فعلى فرض أنّنا سنقبل أنّ النّبی یستطیع أن یعیش الحیاة العادیة مثلنا، لکن أن یتنزل الوحی علیه وحده، ولا نراه نحن، فهذا مالا یمکن القبول به، ما المانع من أن یظهر الملک فیؤکّد صحة نبوة الرّسول؟ أو أن یسمعنا بعضاً من الوحی!؟ أو أن نرى ربّنا بأعیننا حتى لا یبقى عندنا مکان لأی شک أو شبهة!؟

هذه هی الأسئلة التی تمنعنا من قبول دعوة محمد(صلى الله علیه وآله).

المهم هو أنّ القرآن یصنف هؤلاء المتعللین بالذرائع تحت عنوان (لا یرجون لقاءن)، حیث یدل على أنّ منبع هذه الأقوال الواهیة هو عدم الإیمان بالآخرة، وعدم القبول بالمسؤولیة أمام الله.

فی الآیة 7 من سورة الحجر نقرأ أیضاً شبیهاً لهذا القول، حیث قالوا: (لو ما تأتینا بالملائکة إن کنت من الصّادقین) وقرأنا أیضاً فی مطلع سورة الفرقان هذه أنّ المشرکین کانوا یقولون: (لولا أنزل إلیه ملک فیکون معه نذیر).

فی حین أنّ من حق أی إنسان لإثبات قضیة ما، أن یطالب بالدلیل فقط. أمّا نوع الدلیل، فمن المسلّم أنّه لا فرق فیه، فی الوقت الذی أثبت رسول الله(صلى الله علیه وآله) ـ بإظهار المعجزات ومن جملتها القرآن نفسه ـ حقانیة دعوته بوضوح، إذن فما معنى هذه الذرائع؟

وأفضل دلیل على أنّهم لم یکونوا یقولون هذه الأقوال من أجل التحقیق حول نبوّة النّبی، هو أنّهم طلبوا أن یشاهدوا الخالق، وأنزلوه إلى حدّ جسم یمکن رؤیته، ذلک الطلب نفسه الذی طلبه مجرمو بنی إسرائیل أیضاً، فسمعوا الجواب القاطع على ذلک، حیث ورد شرحه فی سورة الأعراف الآیة 143 .

لذا یقول القرآن فی الإجابة على هذه الطلبات فی آخر الآیة مورد البحث: (لقد استکبروا فی أنفسهم وعتو عتوّاً کبیر).

«العتو» على وزن «غلو»، بمعنى الإمتناع عن الطاعة، والتمرد على الأمر، مصحوباً بالعناد واللجاجة.

و تعبیر «فی أنفسهم» من الممکن أن یکون بمعنى: أنّ هؤلاء صاروا أسارى الغرور والتکبّر فی أنفسهم. ومن الممکن أن یکون أیضاً بمعنى أنّهم أخفوا کبرهم وغرورهم فی قلوبهم وأظهروا هذه المعاذیر.

فی عصرنا وزماننا أیضاً، یوجد أشخاص یکررون منطق المشرکین الغابرین، فیقولون: مادمنا لا نرى الله فی مختبراتنا، ولا نشاهد الروح تحت مبضع الجراحة، فلن نصدّق بوجودهما! ومنبع الإثنین واحد وهو الاستکبار والعتو.

و من حیث الأصل، فإنّ جمیع الأشخاص الذین یحصرون وسائل المعرفة فی الحس والتجربة فقط، یکررون نفس هذا القول بشکل ضمنی، فکلّ المادیین داخلون فی هذا الصنف، فی حین أنّ الحواس لا تدرک إلاّ جزءً ضئیلا لا یذکر من مادة هذا العالم.

ثمّ یقول تعالى بصیغة التهدید: إنّ هؤلاء الذین یطلبون أن یروا الملائکة، سوف یرونهم آخر الأمر، لکن (یوم یرون الملائکة لا بشرى یومئذ للمجرمین).(1)

بلى سوف لن یُسرّوا برؤیة الملائکة فی ذلک الیوم، لأنّهم سیرون علامات العذاب برؤیتهم الملائکة، وسوف یغمرهم الرعب إلى حدّ أنّهم سیطلقون صرخات الاستغاثة التی کانوا یطلقونها فی الدنیا حال الإحساس بالخطر أمام الآخرین، فیقولون: الأَمان.. الأَمان، اعفوا عنّا: (ویقولون حجراً محجور).

ولکن لا هذه الجملة ـ ولاغیرها ـ لها أثر على مصیرهم المحتوم، ذلک لأنّ النار التی هم أوقدوها ستلتهم أطرافهم شاءوا أم أبوا، وستتجسد أمامهم الأعمال السیئة التی ارتکبوها، فلا یملکون شیئاً لأنفسهم.

کلمة «حجر» (على وزن قشر) تقال فی الأصل للمنطقة التی حجروها وجعلوها ممنوعة الورود، وعندما یقال «حجر إسماعیل» فلأن حائطاً اُنشیء حوله فحجز داخله. یقولون للعقل أیضاً «حجراً» لأنّه یمنع الإنسان من الأعمال المخالفة. لذا نقرأ فی الآیة 5 من سورة الفجر (هل فی ذلک قسم لذی حجر)، وأیضاً «اصحاب الحجر» الذین ورد اسمهم فی القرآن (الآیة 80 من سورة الحجر) وهم قوم صالح الذین کانوا ینحتون لأنفسهم بیوتاً حجریة محکمة فی قلوب الجبال، فکانوا یعیشون فی أمانها.

هذا فی ما یخص کلمة «حجر».

أمّا جملة «حجراً محجوراً»فقد کانت اصطلاحاً بین العرب، إذا التقوا بشخص یخافونه، فأنّهم یقولون هذه الجملة أمامه لأخذ الأمان.

کان هذا عرف العرب، خاصّة فی الأشهر الحرم، حیث کانت الحرب ممنوعة، فحینما یواجه شخص آخر، ویحتمل خرق هذا العُرف والتعرض للأذى، فإنّه یکرر هذه الجملة، والطرف المقابل ـ أیضاً ـ مع سماعه لها کان یعطیه الأمان، فیخرجه من القلق والإضطراب والخوف.

على هذا فإنّ معنى الجملة المذکورة هو: «أرید الأمان، الأمان الذی لا رجعة فیه ولا تغییر».(2)

اتّضح ممّا قلناه أعلاه، أنّ المجرمین هنا هم أصحاب هذا القول، وتناسب الأفعال الموجودة فی الآیة، والسیر التاریخی، وسابقة هذه الجملة فی أوساط العرب ـ أیضاً ـ یستدعی هذا، ولکن البعض احتمل أنّ الملائکة هم أصحاب هذا القول، وهدفهم منع المشرکین من رحمة الله.

وقال آخرون: إنّ أصحاب هذا القول هم المجرمون، یقولونه بعضهم لبعض، ولکن الظاهر هو المعنى الأول، حیث اختاره کثیر من المفسّرین، أو ذکروه کأوّل تفسیر لذلک.(3)

أمّا أی یوم ذلک الیوم الذی یلتقی فیه المجرمون بالملائکة؟ فقد ذکر المفسّرون احتمالین: أحدهما: هو یوم الموت حیث یرى الإنسان ملک الموت، کما نقرأ فی الآیة 93 من سورة الأنعام: (ولو ترى إذ الظّالمون فی غمرات الموت والملائکة باسطوا أیدیهم أخرجوا أنفسکم). والثّانی: أنّ المقصود هو یوم القیامة والنشور، حیث یکون المجرمون أمام ملائکة العذاب فیشاهدونهم.

و مع الإنتباه إلى الآیات الآتیة التی تتکلم عن النشور، خصوصاً جملة (یومئذ) التی تشیر إلیه، یتبیّن أنّ التّفسیر الثّانی هو الأقرب.

الآیة التی بعدها تجسد مصیر أعمال هؤلاء المجرمین فی الآخرة، فتقول: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثور).

کلمة «العمل» على ما قاله «الراغب» فی المفردات بمعنى: کل فعل یکون بقصد، ولکن الفعل أعم منه، فهو یطلق على الأفعال التی تکون بقصد أو بغیر قصد.(4)

جملة «قدمنا» من «القدوم» بمعنى «المجیء» أو «الذهاب على أثر شیء» وهی هنا دلیل على تأکید وجدّیة المسألة، یعنی مسلّماً وبشکل قاطع أنّ جمیع أعمال اُولئک التی قاموا بها عن قصد وإرادة ـ وإن کانت أعمال خیر ظاهراً ـ سنمحوها کما تمحى ذرات الغبار فی الهواء، لشرکهم وکفرهم.


1. کلمة «لا» ها هنا، قد تکون للنفی، کما قال کثیر من المفسّرین، ویحتمل أیضاً أن تکون لإنشاء الدعاء السلبی، حیث یصبح معنى الجملة فی هذه الصورة، هکذا: «فی ذلک الیوم لا کانت بشرى للمجرمین».
2. ومن الناحیة الأدبیة فإنّ «حجراً» مفعول لفعل مقدر و«محجوراً» جاءت للتوکید، فهی فی الأصل (أطلب منک منعاً لا سبیل إلى رفعه ودفعه).
3. تفسیر المیزان، والتفسیر الکبیر، وتفسیر فی ظلال القرآن، وتفسیر روح الجنان، ذیل الآیة مورد البحث.
4. یذهب (الراغب) إلى هذا الفرق فی مادة «عمل»، ولو أنّ له بیاناً خلاف ذلک فی مادة «فعل». لکن مع الإلتفات إلى موارد استعمال هاتین الکلمتین یکون هذا الفرق صحیحاً، طبعاً یمکن أن یکون له استثناءات کما یقولون للثیران التی تعمل «عوامل».
سورة الفرقان / الآیة 21 ـ 24 آفات العمل الصالح:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma