الهدایة بید الله وحده!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
سورة القصص / الآیة 56 ـ 57 إیمان أبی طالب والضجیج حوله:

بالرغم من أن بحوثاً کثیرة وروایات وردت فی الآیة الاُولى من هاتین الآیتین المتقدمتین وشأن نزولها، إلاّ أنّها ـ کما سنرى ـ روایات غیر معتبرة  ولا قیمة لها، حتى کأنّها رویت لأغراض ومقاصد خاصّة، ولذلک رأینا أن نفسّر الآیة من القرآن نفسه ثمّ نعالج الرّوایات المشکوکة أو المجعولة.

ومع الإلتفات إلى أنّ الآیات السابقة کانت تتحدث عن طائفتین: طائفة من مشرکی أهل مکّة المعاندین، کان رسول(صلى الله علیه وآله) شدید الإصرار على هدایتهم، لکنّهم لم یهتدوا ولم یذعنوا لنور الإیمان، وطائفة من أهل الکتاب والأفراد البعیدین عن مکّة، تلقوا هدایة الله برحابة صدر وبعشق وضحوا فی سبیل الإسلام، وآثروا على أنفسهم مصلحة الإسلام، ولم یکترثوا بعناد قومهم الجاهلین الأنانیین، ولم یستوحشوا من الضغوط والعزلة وما إلى ذلک!.

فمع الإلتفات إلى کل هذه الاُمور، نلاحظ أنّ الآیة الاُولى من هاتین الآیتین تکشف الستار عن هذه الحقیقة فتقول: (إنّک لا تهدی من أحببت ولکن الله یهدی من یشاء وهو أعلم بالمهتدین).

فالله یعلم من هم الجدیرون بالإیمان.. وأیّة قلوب تطلب الحقّ وهو یعرف العاشقین له.

أجل، هو یعرف هؤلاء ویوفقهم بلطفه لیسیروا نحو الإیمان.

أمّا الذین أظلمت قلوبهم وساءت سیرتهم وعادوا الحق فی الخفاء ونهضوا بکل ماعندهم من قوة بوجه رسل الله، وقد تلوثت قلوبهم فی حیاتهم إلى درجة لم یکونوا جدیرین بنور الإیمان فالله سبحانه لا یضع مصباح التوفیق فی طریقهم أبداً.

إذن، وبناءً على ما تقدم، لیس المقصود من الهدایة«إراءة الطریق»، لأنّ إراءة الطریق هی من وظیفة النّبی(صلى الله علیه وآله)، وتشمل جمیع الناس دون استثناء، بل المقصود من الهدایة هنا هو «الإیصال للمطلوب والهدف»، والإیصال إلى المطلوب وإلى الهدف هو بید الله وحده، الذی یغرس الإیمان فی القلوب، ولیس هذا العمل اعتباطاً ودون حساب، فهو تعالى ینظر إلى القلوب المهیأة والمستعدة لیهبها نور السماء!

وعلى کل حال، فإنّ هذه الآیة بمثابة التسلیة والتثبیت لقلب النّبی لیطمئن إلى هذه الحقیقة، وهی إنّه لا إصرار المشرکین وعنادهم وإن کانوا من أهل مکّة، ولا إیمان أهل الحبشة ونجران وغیرهما أمثال سلمان الفارسی وبحیرا الراهب من دون دلیل وسبب.

فعلیه أن لا یکترث لعدم إیمان الطائفة الأولى، فإن الله یقذف نوره فی القلوب المهیأة للنور ویبسط علیها خیمته!.

ونظیر هذا المضمون کثیر فی آیات القرآن!.

إذ نقرأ فی الآیة 272 من سورة البقرة قوله تعالى: (لیس علیک هداهم ولکن الله یهدی من یشاء).

وفی الآیة 37 من سورة النّحل (أن تحرص على هداهم فإنّ الله لا یهدی من یُضلّ).

وفی الآیة 43 من سورة یونس (أفأنت تهدی العمی ولو کانوا  لا یبصرون).

کما نقرأ أیضاً فی الآیة 4 من سورة إبراهیم ما هو بمثابة القانون العام (فیضل الله من یشاء ویهدی من یشاء وهو العزیز الحکیم).

فالآیة الأخیرة تدلّ دلالة واضحة على أنّ المشیئة الإلهیة فی شأن هاتین الطائفتین «جماعة الهدى وجماعة الضلال» لیست دون حساب، بل هی طبقاً للجدارة واللیاقة وسعی الأفراد أنفسهم... فالله یهب توفیقه على هذا الأساس، ویهدی من یشاء إلى صراط مستقیم، ویسلب الهدى ممن یشاء فیضلون السبیل.

وفی الآیة الثّانیة ـ من الآیتین محل البحث ـ یتحدث القرآن الکریم عن طائفة اعترفوا بالإسلام فی واقعهم وأیقنت به قلوبهم، إلاّ أنّهم لم یظهروا إیمانهم بسبب منافع شخصیة

وملاحظات ذاتیة، حیث یقول: (وقالوا إن نتبع الهدى معک نُتخطف من أرضن)(1).

ورد فی کتب التّفسیر أن الذی قال: (إن نتبع الهدى معک) الخ. هو «الحارث بن نوفل»، حیث قال للنّبی(صلى الله علیه وآله): إنّنا نعرف أن ما تقوله حق، لکن الذی یمنعنا من اتباعک والإیمان بک، خوفنا من هجوم العرب علینا لیطردونا من أرضنا، ولا طاقة لنا على ردّهم(2).

هذا الکلام لا یقوله إلاّ من یستضعف قدرة الله ویرى أن قدرة حفنة من العرب الجاهلیین عظیمة!! وهذا الکلام لا یصدر إلاّ من قلب لا یعرف عنایة الله وحمایته، ولا یعرف کیف ینصر الله أولیاءه ویخذل أعداءه، لذلک یقول القرآن ردّاً على مثل هذه المزاعم (أو لم نمکّن لهم حرماً آمنا یجبى إلیه ثمرات کل شیء(3) رزقاً من لدنّا ولکن أکثر هم لا یعلمون).

الله الذی جعل هذه الأرض المالحة والملیئة بالصخور والخالیة من الأشجار والأنهار، جعلها حرماً تهفوا إلیه القلوب، ویؤتى إلیه بالثمرات من مختلف نقاط العالم، کل ذلک بید قدرته القاهرة.

فإنّ من له هذه القدرة على اقرار «الأمن» وجبابة «النعم» إلى هذا المکان وهؤلاء یرون ذلک بأعینهم، کیف لا یکون قارداً على أن یحفظکم من هجوم حفنة من الجاهلیین عبّاد الأوثان؟!

فقد کنتم فی زمان الکفر مشمولین بنعمتی الله العظیمتین «الأمن والمواهب المعاشیة» فکیف یمکن أن یحرمکم الله منهما بعد الإسلام؟!

لتکن قلوبکم قویة وآمنو بما اُنزل الیکم فإنّ ربّ الکعبة وربّ مکّة معکم.

هنا، ینقدح هذا السؤال، وهو: إنّ التاریخ یدل على أن حرم مکّة لم یکن آمنا للمسلمین للغایة، ألم تعذب طائفة من المسلمین فی مکّة؟ ألم یرموا النّبی(صلى الله علیه وآله) بالأحجار الکثیرة؟! ألم یقتل بعض المسلمین فی مکّة؟! ألم یهاجر جماعة من المسلمین من مکّة مع جعفر بن أبی طالب(علیه السلام) وجماعة آخرون مع النّبی(صلى الله علیه وآله) آخر الأمر لعدم الأمن فی مکّة؟!

فنقول جواباً على ذلک:

أوّلا: مع جمیع هذه الاُمور ما تزال مکّة أکثر أمناً من النقاط الاُخرى... وکان العرب یحترمونها ویقدسونها، وبالرغم من أنّهم کانوا یقدمون على جرائم متعددة فی أماکن اُخرى، إلاّ أنّهم کانوا یحجمون عن الإتیان بمثلها فی مکّة.

والخلاصة: فمع عدم الأمن العام والکلی کانت مکّة تتمتع بالأمن النسبی ولاسیما أن الأعراب خارجها کانوا یراعون أمنها وقداستها.

ثانیاً: صحیح أن هذه الأرض التی جعلها الله حرماً آمناً أضحت لفترة وجیزة غیر آمنة على أیدی جماعة... إلاّ أنّها سرعان ما تحولت إلى مرکز کبیر للأمن وتواتر النعم الکثیرة المتعددة، فعلى هذا لم یکن تحمل هذه الصعاب المؤقتة من أجل الوصول للنعم العظیمة، أمراً عسیراً ومعقداً.

وعلى کل حال، فإنّ کثیراً ممن یقلقون على منافعهم الشخصیة، کالحارث بن نوفل، لا یسلکون سبیل الهدایة والإیمان... فی حین أنّ الإیمان بالله والتسلیم لأمره، لایؤمن المنافع المعنویة لهم فحسب، بل یؤمن لهم المحیط الصحیح والمنافع المادیة المشروعة وما إلى ذلک، وعدم الأمن والغارات والحروب التی نجدها فی عصر التمدن ـ کما یصطلح علیه ـ وفی الدنیا البعیدة عن الإیمان والهدایة، کل هذه الاُمور شاهد حی على هذا المدّعى!.

ومن الضروری الإلتفات إلى هذه النقطة الأساسیة، وهی أنّ الله سبحانه أوّل ما یذکر من نعمه نعمة الأمن، ثمّ یذکر جلب الثمرات والأرزاق وغیر ذلک من جمیع الأنحاء إلى مکّة، ویمکن أن یکون هذا التعبیر مبیّناً هذا الواقع، وهو: طالما کان الأمن حاکماً فی بلد کان اقتصاده جیداً، وإلاّ فلا، «قد بیّنا هذا الأمر فی بحثنا للأیة 35 سورة إبراهیم».

کما أنّ الجدیر بالذکر أنّ «یجبى» جاءت على صیغة الفعل المضارع الذی یدل على الاستمرار فی الحال والاستقبال، ونحن الیوم وبعد مرور أربعة عشر قرناً، نرى بأم أعیننا مفهوم هذا الکلام واستمرار جبایة جمیع أنواع المواهب إلى هذه الأرض المبارکة، فالذین یحجّون مکّة ویزورون بیت الله الحرام، یرون بأعینهم هذه الأرض الجرداء الحارة التی لا تنبت شیئاً، کم فیها من النعم! فکأن مکّة غارقة بها، ولعل أیة نقطة من العالم لیس فیها ما فی مکّة من هذه النعم الوفیرة.


1. کلمة «معک» فی الآیة الآنفة متعلقة بـ «نتبع»، ویحتمل أن تکون کلمة «معک»متعلقة بـ «الهدى» ویکون التفاوت فی المعنى یسیراً.
2. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث.
3. «یجبى» مشتق من مادة «جبایة» ]«ونمکن» فی الآیة بمعنى نجعل[ والجبابة معناها الجمع، لذلک یطلق على الحوض الذی یجمع فیه الماء جابیة...ونصبُ کلمة «حرم» على أنّها مفعول لنمکن.
سورة القصص / الآیة 56 ـ 57 إیمان أبی طالب والضجیج حوله:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma