حرمة إشاعة الفحشاء:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
سورة النّور / الآیة 17 ـ 20 1ـ مامعنى إشاعة الفحشاء؟

تحدثت هذه الآیات أیضاً عن حدیث الإفک، والنتائج المشؤومة والألیمة لاختلاق الشائعات ونشرها، واتهام الأشخاص الطاهرین بتهمة تمسّ شرفهم وعفتهم. وهذه القضیة مهمّة بدرجة أنّ القرآن المجید تناولها عدّة مرات، وعَرَضَ لها من طرق مختلفة مؤثرة، باحثاً محللا لها من أجل ألاّ تتکرر مثل هذه الواقعة الألیمة فی المجتمع الإسلامی، فذکر أولا (یعظکم الله أن تعودوا لمثله)(1).

أی أنّ من علامات الإیمان أن لا یتوجه الإنسان نحو الذنوب العظام، وإذا ارتکبها فذلک یدلّ على عدم إیمانه أو ضعفه، والجملة المذکورة تشکل ـ فی الحقیقة ـ أحد أرکان التوبة، إذ أنَّ الندم على الماضی لا یکفی، بل یجب التصمیم على عدم تکرار ارتکاب الذنوب فی المستقبل، لتکون توبة کاملة.

وللتأکید أکثر على أنَّ هذا الکلام لیس اعتیادیاً، بل صادر عن الله العلیم الحکیم، ولبیان الحقائق ذات الأثر الفَعَّال فی مصیر الإنسان، یقول سبحانه وتعالى (ویبیّن الله لکم الآیات والله علیم حکیم).

فهو یعلم تفاصیل أعمالکم تمام العلم، ویصدر أحکامَهُ بمقتضى حکمته الهادِیةِ لکم. وبتعبیر آخر: إنّه یعلم حاجاتکم وما یضرّکم وما ینفعکم بمقتضى علمه الواسع، ویصدر أحکامه وأوامره المتناسبة لاحتیاجاتکم بمقتضى حکمته.

ولتثبیت الأمر نقل الکلام من مورده الخاص إلى بیان عام لقانون شامل دائم، فقال: (إنّ الّذین یحبّون أن تشیع الفاحشة فی الّذین آمنوا لهم عذاب ألیم فی الدّنیا والآخرة).

وممّا یلفت النظر أنّ القرآن الکریم لم یقل: الذین یشیعون الفاحشة، بل قال: (الّذین یحبّون أن تشیع الفاحشة) وهذا یحکی عن الأهمّیة القصوى التی یدلیها القرآن لذلک. وبعبارة أخرى: أنّه لا ینبغی توهم أنّ ذلک کان من أجل زوجة النّبی(صلى الله علیه وآله) أو شخص آخر بمنزلتها، بل من أجل کلّ مؤمن ومؤمنة، فلا خصوصیة فی ذلک، إنّما هی عامّة للجمیع على الرغم من أن کل حالة لها خصائصها، وقد تزید الواحدة على الاُخرى فی الخصائص أو تنقص.

کما یجب الإنتباه إلى أنّ إشاعة الفحشاء لا تنحصر فی ترویج تُهمة کاذبة ضد مسلم مؤمن، یتهم بعمل مخل بالشرف، بل هذه مصداق من مصادیقها ولهذا التعبیر مفهوم واسع یضم کل عمل یساعد فی نشر الفحشاء والمنکر.

وقد وردت فی القرآن المجیدِ کلمة «الفحشاء» غالباً للدلالة على العمل المخل بالعفّة والشرف. ولکن من الناحیة اللغویة، فقد ذکر الراغب الإصفهانی مفهوماً واسعاً لها فقال: الفحش والفحشاء والفاحشة، ما عظم قبحه من الأفعال والأقوال.

ویستعمل القرآن أحیاناً هذا المفهوم الواسع، حیث یقول (والّذین یجتنبون کبائر الإثم والفواحش).(2)

وبهذا یتّضح المفهوم الواسع للآیة:

أمّا قول القرآن الکریم: (لهم عذاب ألیم فی الدّنیا) فقد یکون إشارة إلى الحدود والتعزیرات الشرعیة. وردود الفعل الاجتماعیة، وما یبتلى به الناس فی هذه الدنیا من مظاهر مشؤومة بسبب أعمالهم القبیحة، إضافة إلى عدم تقبل أیة شهادة منهم، وإدانتهم بالفسق والفجور وافتضاح أمرهم، کل ذلک من النتائج الدنیویة التی تترتب على أقوالهم وأعمالهم القبیحة.

وأمّا عذابهم الألیم فی الآخرة، فیکون فی ابتعادهم عن رحمةِ الله، واستحقاقهم غضب الله وعذاب النار.

وتختم الآیة بالقول (والله یعلم وأنتم لا تعلمون) أجل، وإن الله یعلم بالعاقبة المشؤومة التی تنتظر الذی یشیعون الفحشاء فی الدنیا والآخرة، ولکنّکم  لا تعلمون أبعاد هذه القضیة.

إنّه یعلم الذین یبیتون فی قلوبهم حب هذا الذنب، ویعلم الذین یمارسونه تحت واجهات خداعة، أمّا أنتم فلا تعلمون ذلک ولا تدرکونَهُ.

أجل، یعلم الله کیف ینزل أحکامه لیحول دون إرتکاب هذه الأعمال القبیحة.

وکررت الآیة الأخیرةُ ـ ممّا نَحنُ بصددِه مِن الآیات التی تناولت حدیث الافک ومکافحة إشاعة الفحشاء، وقَذْف المؤمنین المتطهرین ـ هذه الحقیقة لتؤکّد القول (ولولا فضل الله علیکم ورحمته وأنّ الله رؤوف رحیم).(3)


1. لهذه الجملة کلمة محذوفة هی حرف «لا» وتقدیرها: «یعظکم الله أن لا تعودوا لمثله أبداً» وإذا لم نقدّر محذوفاً، فإنّ عبارة «یعظکم» تعنی ینهاکم. أی إنّ الله ینهاکم من العودة إلى مثل هذا العمل.
2. الشورى، 37. 3. لهذه الجملة محذوف کما یبدو فی آیات اُخرى سبقت، وتقدیره «لولا فضل اللّه علیکم لمسّکم فیما أفضتم فیه عذاب عظیم».
سورة النّور / الآیة 17 ـ 20 1ـ مامعنى إشاعة الفحشاء؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma