موسى(علیه السلام) وحمایة المظلومین:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
 سورة القصص / الآیة 14 ـ 17 1ـ ألم یکن عمل موسى هذا مخالفاً للعصمة!

فی هذه الآیات نواجه المرحلة الثّالثة من قصّة موسى(علیه السلام) وما جرى له مع فرعون، وفیها مسائل تتعلق ببلوغه، وبعض الأحداث التی شاهدها وهو فی مصر قبل أن یتوجه إلى «مدین» ثمّ سبب هجرته إلى مدین.

تقول الآیات فی البدایة (ولمّا بلغ أشدّه واستوى آتیناه حکماً وعلماً وکذلک نجزی المحسنین).

کلمة «أشدّ» مشتقّة من مادة «الشدّة» وهی القوّة.

وکلمة «استوى» مشتقة من «الاستواء» ومعناها کمال الخلقة واعتدالها.

وهناک کلام بین المفسّرین فی الفرق بین المعنیین:

فقال بعض المفسّرین: المقصود من بلوغ الأشد هو أن یصل الإنسان الکمال من حیث القوى الجسمانیة، وغالباً ما یکون فی السنة الثامنة عشرة من العمر.. أمّا الاستواء فهو الاستقرار والاعتدال فی أمر الحیاة، وغالباً ما یحصل ذلک بعد الکمال الجسمانی.

وقال بعضهم: إنّ المقصود من بلوغ الأشد هو الکمال الجسمانی، وأمّا الاستواء فهو الکمال العقلی والفکری.

ونقرأ فی حدیث عن الإمام الصادق(علیه السلام) فی کتاب معانی الأخبار قال: فلمّا بلغ أشدّه واستوى قال: «أشدّه ثمان عشر سنة واستوى، التحى»(1).

ولیس بین هذه التعابیر فرق کبیر، ومن مجموعها ـ مع ملاحظة المعنى اللغوی للکلمتین «الأشدّ والاستواء» ـ یستفاد منهما أنّهما یدلان على التکامل فی القوى الجسمیة والعقلیة والروحیة.

ولعل الفرق بین «الحکم» و«العلم» هو أنّ الحکم یراد منه العقل والفهم والقدرة على القضاء الصحیح، والعلم یراد به العرفان الذی لا یصحبه الجهل.

أمّا التعبیر (کذلک نجزی المحسنین) فیدل بصورة جلیّة على أنّ موسى(علیه السلام)کان جدیراً بهذه المنزلة، نظراً لتقواه وطهارته وأعماله الصالحة، إذ جازاه الله «بالعلم والحکم» وواضح أنّ المراد بالحکم والعلم هنا لیس النبوّة والوحی وما إلیهما.. لأنّ موسى(علیه السلام)یومئذ لم یبعث بعد، وبقی مدّة بعد ذلک حتى بعث نبیّاً.

بل المقصود والمراد من الحکم والعلم هما المعرفة والنظرة الثاقبة والقدرة على القضاء الصحیح وما شابه ذلک، وقد منح الله هذه الاُمور لموسى(علیه السلام) لطهارته وصدقه وأعماله الصالحة کما ذکرنا آنفاً.

ویفهم من هذا التعبیر ـ إجمالا ـ أنّ موسى(علیه السلام) لم یتأثر بلون المحیط الذی عاشه فی قصر فرعون، وکان یسعى إلى تحقیق العدل والحق ما استطاع إلى ذلک سبیلا.. رغم أنّ جزئیات تلک الاعوام غیر واضحة.

وعلى کل حال فإنّ موسى (ودخل المدینة على حین غفلة من أهله).

فما هی المدینة المذکورة فی الآیة المتقدمة؟ لا نعرفها على وجه التحقیق.. لکن الاحتمال القوی أنّها عاصمة مصر.. وکما یقول بعض المفسّرین فإنّ موسى(علیه السلام) على أثر المشاجرات بینه وبین فرعون، ومخالفاته له ولسلطته التی کانت تشتدّ یوماً بعد یوم حتى بلغت أوجها، حُکم علیه بالتبعید عن العاصمة.. لکنّه برغم ذلک فقد سنحت له فرصة خاصّة والناس غافلون عنه أن یعود إلى المدینة ویدخلها.

ویحتمل أیضاً، أنّ المقصود دخوله المدینة من جهة قصر فرعون.. لأنّ القصور یومئذ کانت تشاد على أطراف المدینة لیعرف الداخل إلیها والخارج منها.

والمقصود من جملة (على حین غفلة من أهله) هو الزمن الذی یستریح الناس فیه من أعمالهم، ولا تُراقب المدینة فی ذلک الحین بدقّة، ولکن أی حین وأی زمن هو؟!

قال بعضهم: هو أوّل اللیل، لأنّ الناس یترکون أعمالهم ویعطلون دکاکینهم ومحلاتهم ابتغاء الراحة والنوم، وجماعة یذهبون للتنزه، وآخرون لأماکن اُخرى.. هذه الساعة هی المعبر عنها بساعة الغفلة فی بعض الرّوایات الإسلامیة.

وهناک حدیث شریف عن النّبی(صلى الله علیه وآله) فی هذا الشأن یقول: «تنفّلوا فی ساعة الغفلة ولو برکعتین خفیفتین».

وقدورد فی ذیل هذا الحدیث الشریف هذه العبارة «وساعة الغفلة ما بین المغرب والعشاء»(2).

والحق أنّ هذه الساعة ساعة غفلة وکثیراً ما تحدث الجنایات والفساد والإنحرافات الأخلاقیة فی مثل هذه لساعة من أوّل اللیل.. فلا الناس مشغولون بالکسب والعمل، ولا هم نائمون، بل هی حالة غفلة عمومیة تغشى المدینة عادةً، وتنشط مراکز الفساد أیضاً فی هذه الساعة.

واحتمل البعض أنّ ساعة الغفلة هی ما بعد نصف النهار، حیث یستریح الناس من أعمالهم استراحة مؤقتة، ولکن التّفسیر الأوّل أقرب للنظر کما یبدو.

وعلى کل حال، موسى دخل المدینة، وهنالک واجه مشادّة ونزاعاً، فاقترب من منطقة النزاع (فوجد فیها رجلین یقتتلان هذا من شیعته وهذا من عدوّه).

والتعبیر بـ «شیعته» یدل على أنّ موسى قبل أن یبعث کان له أتباع وأنصار وشیعة من بنی إسرائیل، وربّما کان قد اختارهم لمواجهة فرعون وحکومته کنواة أساسیة.

فلمّا بصر الإسرائیلی بموسى استصرخه (فاستغاثه الذی من شیعته على الذی من عدوّه).

فجاءه موسى(علیه السلام) لاستنصاره وتخلیصه من عدوّه الظالم.. الذی یقال عنه أنّه کان طباخاً فی قصر فرعون، وکان یرید من الإسرائیلی أن یحمل معه الحطب إلى القصر، فضرب موسى هذا العدو بقبضة یده القویة على صدره، فهوى إلى الأرض میتاً فی الحال تقول الآیة: (فوکزه موسى فقضى علیه)(3).

وممّا لا شک فیه، فإنّ موسى لم یقصد أن یقتل الفرعونی، ویتّضح ذلک من خلال الآیات التالیة أیضاً.. ولا یعنی ذلک أنّ الفراعنة لم یکونوا یستحقون القتل، ولکن لاحتمال وقوع المشاکل والتبعات المستقبلیة على موسى وجماعته.

لذلک فإنّ موسى(علیه السلام) أسف على هذا الأمر (قال هذا من عمل الشیطان إنّه عدوّ مضّلٌ مبین).

وبتعیبر آخر: فإنّ موسى(علیه السلام) کان یرید أن یبعد الفرعونی عن الرجل الإسرائیلی، وإن کان الفرعونیون یستحقون أکثر من ذلک، لکن ظروف ذلک الوقت لم تکن تساعد على مثل هذا العمل، وکما سنرى فإنّ ذلک الأمر دعا موسى(علیه السلام) إلى أن یخرج من مصر إلى أرض مدین وحرمه من البقاء فی مصر.

ثمّ یتحدث القرآن عن موسى(علیه السلام) فیقول: (قال ربّ إنّی ظلمت نفسی فاغفر لی فغفر له إنّه هو الغفور الرحیم).

ومن المسلم به أنّ موسى(علیه السلام) لم یصدر منه ذنب هنا، بل ترک الأولى، فکان بنبغی علیه أن یحتاط لئلا یقع فی مشکلة، ولذلک فإنّه استغفر ربّه وطلب منه العون، فشمله اللطیف الخبیر بلطفه.

لذلک فإنّ موسى(علیه السلام) حین نجا بلطف الله من هذا المأزق (قال ربّ بما أنعمت على) من عفوک عنی وانقاذی من ید الأعداء وجمیع ما أنعمت علی منذ بدایة حیاتی لحدّ الآن (فلن أکون ظهیراً للمجرمین)، ومعیناً للظالمین.

بل سأنصر المؤمنین المظلومین، ویرید موسى(علیه السلام) أن یقول: إنّه لا یکون بعد هذا مع فرعون وجماعته أبداً.. بل سیکون إلى جانب الإسرائیلیین المضطهدین..».

واحتمل بعضهم أن یکون المقصود بـ «المجرمین» هو هذا الإسرائیلی الذی نصره موسى، إلاّ أنّ هذا الاحتمال بعید جدّاً، حسب الظاهر.


1. تفسیر نور الثقلین، ج 4، ص 117.
2. وسائل الشیعة، ج 8، ص 120، (باب استحباب التنفل ولو برکعتین فى ساعة الغفلة...).
3. «وکز» مأخوذ من «الوکز» على زنة «رمز» ومعناه الضرب بقبضة الید، وهناک معان اُخرى لا تناسب المقام.
 سورة القصص / الآیة 14 ـ 17 1ـ ألم یکن عمل موسى هذا مخالفاً للعصمة!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma