فی الآیات المتقدمة بیّنت العلاقة بین الهوى والضلال بصراحة، وقد عبّر فیها عن المتّبعین هواهم بأضلّ النّاس، وأنّهم لم یحظو بهدایة الله.

هوى النفس حجاب کبیر أمام نظر العقل.

هوى النفس یشدّ الإنسان بالشیء ویجعل قلبه متعلقاً به إلى درجة تفقده القدرة على فهم الحقائق ودرکها.. لأنّ التسلیم المطلق إزاء الواقعیات، وترک التعلق بالشیء والتسرّع بالحکم، شرط لدرک الحقائق.. التسلیم دون قید أو شرط إزاء الواقع الخارجی، مرّاً کان أم عذباً، موافقاً لرغبات النفس أم مخالفاً، منسجماً مع المصالح والمنافع الشخصیة أم غیر منسجم... لکن هوى النفس لا یتفق مع هذه الأصول!.

وفی هذا المجال کان لنا بحث مسهب فی ذیل الآیة 43 من سورة الفرقان.

ومن الطریف هنا أنّ روایات عدیدةٌ تفسّر الآیة بأنّ المراد منها من ترک إمامه وقائده الإلهی واتبع هواه(1).

وهذه الرّوایات المنقولة عن الإمام الباقر(علیه السلام) والإمام الصادق(علیه السلام) وبعض الائمّة الطاهرین(علیهم السلام)... هی من قبیل المصداق البارز... وبتعبیر آخر: إنّ الإنسان محتاج لهدایة اللّه... هذه الهدایة تارةً تنعکس فی کتاب اللّه، واُخرى فی وجود النّبی وسنته، واُخرى فی وأوصیائه المعصومین، واُخرى فی منطق العقل.

المهم أن یکون الإنسان فی خطّ الهدایة الإلهیّة غیر متبع لهواه، لیستطیع أن یستضیء بهذه الأنوار.

1. هذه الرّوایات فی أصول الکافی، ج 1، ص 374، وبصائر الدرجات، ص 13، طبقاً لما فی تفسیر نورالثقلین، ج 4، ص 132.