بدایة رسالة موسى:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
سورة الشّعراء / الآیة 10 ـ 15 سورة الشّعراء / الآیة 16 ـ 22

قلنا إنّ فی هذه السورة بیاناً لقصص سبعة من الأنبیاء الکرام العظام، لیکون درس اعتبار لعامّة المسلمین، ولا سیما المسلمین الأوائل فی عصر النّبی(صلى الله علیه وآله).

فأوّل قصّة تتناولها هذه السورة هی قصة موسى(علیه السلام)، وتشرح جوانب مختلفة من حیاته ومواجهته لفرعون وأتباعه حتى هلاکهم بالغرق فی النیل!

وقد جاء الکلام عن بنی إسرائیل وموسى وفرعون وقومه حتى الآن فی سور شتى «کالبقرة والمائدة والأعراف ویونس والإسراء وطه» کما ورد الکلام فی هذا الشأن أیضاً فی بعض السور التالیة!...

وهذه البحوث وإن تکررت ـ بحسب الظاهر ـ إلاّ أنّ الإمعان أو التدقیق فیها یکشف عن أن کلّ بحث منها یتناول جانباً خاصّاً من هذه القصّة ذات المحتوى الغزیر، ویعوّل على هدف معین!.

مثلا.. حین نزلت الآیات ـ محل البحث ـ کان المسلمون قلّةً ضعافاً وکان أعداؤهم کثرةً أولی قوّة وبأس شدید، بحیث لا یمکن الموازنة بین الفرقتین، فکان ینبغی أن یبیّن الله قصص الاُمم السابقة المشابهة لحال هؤلاء، لیعلم المسلمون أنّ هذه القوّة التی یمتلکها الأعداء وهذا الضعف الظاهری الذی یکتنف المسلمین لن یؤدّی أیٌّ منهما بنفسه إلى اندحار المسلمین، ولتزداد معنویات المسلمین وتثّبت استقامتهم ومقاومتهم.

وممّا یلفتُ النظر تکرار عبارة: (و ما کان أکثرهم مؤمنین * وإنّ ربّک لهو العزیز الرّحیم)بعد تمام الحدیث عن کل نبی... وهو التعبیر ذاته الوارد فی بدایة هذه السورة فی شأن النّبی محمّد(صلى الله علیه وآله).. وهذا الإتساق فی التعبیر شاهد حیّ على أنّ ذکر هذه الجوانب من قصص الأنبیاء إنّما هو للظروف المتشابهة التی أکتنفت المسلمین من حیث الحالة النفسیة والإجتماعیة کما کان علیها الأنبیاء السابقون.

فتقول الآیتان الاُولیان من الآیات محل البحث (وإذ نادى ربّک موسى أن ائت القوم الظالمین * قوم فرعون ألا یتّقون). ویترکون ظلمهم وفسادهم وعنادهم للحق.

وینبغی الإلتفات إلى أنّ الصفة الوحیدة المذکورة عن قوم فرعون هنا هی الظلم، ومن الواضح أنّ الظلم له معنى جامعٌ واسع ومن مصادیقه الشرک کما تقول الآیة 13 من سورة لقمان (إنّ الشّرک لظلم عظیم).

کما أنَّ استعباد بنی إسرائیل واستثمارهم وما قارنهما من زجر وتعذیب من المصادیق الاُخرى أیضاً، ثمّ بعد هذا کله فإنّ قوم فرعون ظلموا أنفسهم بأعمالهم المخالفة، وهکذا یمکن تلخیص أهداف دعوة الأنبیاء جمیعهم بمبارزة الظلم بجمیع أبعاده!...

ویحکی القرآن مقالة موسى الکلیم لربّ العزة وما طلبه منه من مزید القوة والعون لحمل الرسالة العظمى، فیقول فی الآیة التالیة: (قال ربّ إنّی أخاف أن یکذّبونِ) وأخشى أن اُطرد قبل أن أکمل أداء رسالتی بما اُلاقیه من صخب وتکذیب فلا یتحقق الهدف المنشود...

وکان لموسى الحق فی کلامه هذا تماماً، لأنّ فرعون وأتباعه وحاشیته کانوا مهیمنین على مصر، بحیث لم یکن لأحد أن یخالفهم ولو برأیه، وإذا أحسّوا بأدنى نغمة مخالفة لأی شخص بادروا إلى الإجهاز علیه فوراً.

وإضافة إلى ذلک فانّ صدری لا یتّسع لاستیعاب هذه الرسالة الإلهیة: (ویضیق صدری).

ثمّ بعد هذا کله فلسانی قد یعجز عن بیانها: (ولا ینطلق لسانی).

فلذلک فإنی أطلب أن تشدّ أزری بأخی (فأرسل إلى هارون).(1)

لنؤدّی رسالتک الکبرى بأکمل وجه بتعاضدنا فی مواجهة الظالمین والمستکبرین.

وبغض النظر عن کلّ ذلک فإنّ قوم فرعون یطاردوننی (ولهم علیّ ذنب) کما یعتقدون لأنّی قتلت واحداً منهم ـ حین کان یتنازع مع إسرائیلی مظلوم ـ بضربة حاسمة! وأنا قلق من ذلک (فأخاف أن یقتلونِ).

وفی الحقیقة إنّ موسى(علیه السلام) کان یرى أربع مشاکل کبرى فی طریقه، فکان یطلب من الله حلّها لأداء رسالته وهذه المشاکل هی.

مشکلة التکذیب.

مشکلة ضیق الصدر.

مشکلة عدم الفصاحة الکافیة.

و مشکلة القصاص!

ویتّضح ضمناً أنّ موسى لم یکن خائفاً على نفسه، بل کان خوفه أن لا یصل إلى الهدف والمقصد للأسباب آنفة الذکر، لذلک فقد کان یطلب من الله سبحانه مزید القوّة لهذه المواجهة!.

طلبات موسى(علیه السلام) من الله فی هذا الصدد خیر شاهد على هذه الحقیقة، إذ طلب أن یشرح صدره وحلّ عقدة لسانه وأن یرسل إلى هارون للمعاضدة فی التبلیغ کما جاء ذلک فی سورة طه بصورة أکثر تفصیلا إذ قال: (ربّ اشرح لی صدری * ویسِّرلی أمری * واحلل عقدة من لسانی * یفقهوا قولی * واجعل لی وزیراً من أهلی * هارون أخی * أشدد به أزری * واشرکه فی أمری * کی نسبّحک کثیراً * ونذکرک کثیر).(2)

فاستجاب الله طلب موسى ودعوة الصادقة و(قال کل) فلن یستطیعوا قتلک، أو کلاّ لن یضیق صدرک وینعقد لسانک، وقد أجبنا دعوتک أیضاً فی شأن أخیک، فهو مأمور معک فی هذه المهمّة: (فاذهبا بآیاتن) لتدعوا فرعون وقومه إلى توحید الله.

ولا تظنّا بأنّ الله بعید عنکم أو لا یسمع ما تقولان (إنّا معکم مستمعون).

فإنا معکما ولن اتترکما أبداً، وسأنصرکما فی الحوادث الصعبة، فاذهبا مطمئنی الخاطر، وامضیا فی هذا السبیل بأقدام ثابتة وعزیمة راسخة!.

وهکذا فإنّ الله سبحانه أعطى لموسى الإطمئنان الکافی فی جمل ثلاث وحقّق له طلبه...

إذ طمأنه بقوله: (کل) على أنّ قوم فرعون لن یقتلوه ولن یستطیعوا ذلک... ولن تحدث له مشکلة بسبب ضیق صدره أو التلکؤ فی لسانهِ وبقوله: (فاذهبا بآیاتن) أرسل أخاه لیعینه على أمره. وبقوله: (إنّا معکم مستمعون) وعدهما أنّهما سیکونان أبداً تحت ظل خیمته وحمایته!.

وممّا ینبغی الإلتفات إلیه ورود الضمیر فی آخر الجملة بصیغة الجمع فی قوله: (إنّا معکم)ولعل ذلک إشارة إلى أنّ الله حاضر مع موسى وهارون ومن یواجهانهما من الطغاة والفراعنة فی جمیع المحاورات، ویسمع ما یدور بینهم جمیعاً، فینصر موسى وأخاه هارون على أولئک الطغاة!.

وما ذهب إلیه بعض المفسّرین من أنّ کلمة «مع» دالة على النصرة والحمایة فلا تشمل قوم فرعون، غیر سدید، بل إنّ «مع» تعنی حُضور الخالق الدائم فی جمیع المیادین والمحاورات حتى مع المذنبین، حتى مع المذنبین، وحتى مع الموجودات التی لا روح فیها، فهو فی کل مکان ولا یخلو منه مکان.

والتعبیر بـ «مستمعون»، أی الإصغاء المقرون بالتوجه هو تأکید على هذه الحقیقة أیضاً.


1. فی هذه الجملة حذفٌ وتقدیره: «فأرسل جبرئیل إلى هارون».
2. طه، 25 ـ 34.
سورة الشّعراء / الآیة 10 ـ 15 سورة الشّعراء / الآیة 16 ـ 22
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma