نعمتا «اللیل والنهار» العظیمتان:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
سورة القصص / الآیة 71 ـ 75 سورة القصص / الآیة 76 ـ 78

هذه الآیات ـ محل البحث ـ تتحدث عن قسم کبیر من مواهب الله سبحانه، التی تدل على التوحید ونفی الشرک من جهة، کما أنّها تکمّل البحث السابق.. وتذکر مثلا للنعم التی تستوجب الحمد والثناء.. الحمد المشار إلیه فی الآیات المتقدمة، کما هی فی الوقت ذاته شاهد على اختیار الله وتدبیره فی نظام الخلق من جهة اُخرى!.

ففی الآیة الاُولى من هذه الآیات إشارة إلى نعمة النهار والنور الذی هو أساس لأیة حرکة، فتقول الآیة: (قل أرأیتم إن جعل الله علیکم اللیل سرمداً إلى یوم القیامة من إله غیر الله یأتیکم بضیاء أفلا تسمعون)(1).

هنا عبّر عن النهار بالضیاء، لأنّ الهدف الأصلی من النهار هو الضیاء والإنبلاج، ذلک الضیاء الذی تتعلق به حیاة کل الموجودات الحیة، فلولا ضیاء الشمس لما تنسمت «زهرة» ولانمت «شجرة» ولا طار «طائر» ولا بقی «إنسان» ولا هطل «مطر».

«السرمد» معناه الدائم المتواصل، ویرى البعض بأنّه المتتابع، وأصله «سرد» ویرون أنّ میمها زائدة... لکن الظاهر أنّها کلمة مستقلة تعطی معنى الدوام والاستمرار.(2)

کما تتحدث الآیة الاُخرى عن نعمة الظلمة فتقول: (قل أرأیتم إن جعل الله علیکم النهار سرمداً إلى یوم القیامة من إله غیر الله یأتیکم بلیل تسکنون فیه أفلا تبصرون).

أمّا الآیة الثّالثة فتحکی عن نتیجة النعمة المشار إلیها فی الآیتین السابقتین فیقول (ومن رحمته جعل لکم اللیل والنهار لتسکنوا فیه ولتبتغوا من فضله ولعلکم تشکرون)

أجل، إنّ سعة رحمة الله تستوجب أن تضمن جمیع عوامل حیاتکم، فأنتم ـ من جانب ـ بحاجة إلى السعی والحرکة، وکل ذلک لابدّ لهما من اللیل!

لقد ثبت ـ فی هذا العصر ـ علمیّاً أنّ جمیع أجهزة البدن تکون فعالةً ونشطة مع وجود النور، إذ تنشط الحرکة الدمویة والجهاز التنفسی وحرکة القلب وسائر الأجهزة، وإذا استمر النور أکثر من المعتاد تعبت خلایا الجسم وتحول النشاط إلى خمول!

وبالعکس فإنّ الخلایا تهدأ فی اللیل وتستریح استراحة عمیقة تستعید نشاطها وقواها «شرحنا هذا المعنى فی الجزء السادس ذیل الآیة 67 من سورة یونس والآیة 12 من سورة الاسراء»،

الطریف هنا أنّ الآیة حین تتحدث عن سرمدیّة اللیل تخاطب الناس قائلةً: (أفلا تسمعون)... وحین تتحدث عن سرمدیة النهار تخاطبهم قائلة: (أفلا تبصرون) ولعل هذا التعبیر لأجل أَنّ الحسّ المناسب للیل هو السمع والأذن، وما یناسب النهار هو البصر والعین.. إلى هذه الدرجة نلاحظ الدقّة فی القرآن الکریم.

کما أنّ من الجدیر الإلتفات إلى أنَّ الآیة هنابعد ذکر مسألتی السمع والبصر أو اللیل والنهار، تختتم الحدیث بالقول: (لعلکم تشکرون) الشکر إزاء النظام المحسوب النور والظلمة، الشکر الذی یوصل الإنسان إلى معرفة المنعم والشکر الذی یکون باعثاً على الإیمان فی المباحث الإعتقادیة!

ومرّة اُخرى ـ بعد ذکر جانب من دلائل التوحید ونفی الشرک ـ یعود القرآن الکریم على السؤال الأوّل الذی أثیر فی الآیات السابقة لیقول: (ویوم ینادیهم فیقول أین شرکائی الذین کنتم تزعمون).

وهذه الآیة مکررة فی السورة نفسها، إذ وردت بنصّها فی الآیة 62، ولعل هذا التکرار ناشىء عن السؤال مرتین فی یوم القیامة، مرّة بصورة انفرادیة لیعودوا إلى وجدانهم فیخجلوا من أنفسهم، ومرّة بصورة عامّة فی محضر الشهود، وهو ما أشیر إلیه فی الآیة التی بعدها.. لیخجلوا أیضاً من حضورهم.

لذلک تأتی الآیة التی بعدها فتقول: (ونزعنا من کل أمة شهیداً فقلنا هاتوا برهانکم)(3) أیّها المشرکون الضالون.

وحین تنکشف المسائل وتتجلى الاُمور لا تبقى خافیة (فعلموا أنّ الحق لله وضل عنهم ما کانوا یفترون).

هؤلاء الشهود هم الأنبیاء بقرینة الآیات الاُخرى فی القرآن، إذ أنّ کل نبی شاهد على أمته، ونبیّ الإسلام(صلى الله علیه وآله) الذی هو خاتم الأنبیاء هو شهید على جمیع الأنبیاء والاُمم، کما نقرأ ذلک فی الآیة 41 من سورة النساء (فکیف إذ جئنا من کل أمة بشهید وجئنا بک على هؤلآء شهید).

فعلى هذا، ینعقد یوم القیامة مجلس کبیر بحضور الأنبیاء، ویؤتى بالمشرکین المعاندین عمی القلوب، وهناک یعرفون الفاجعة العظمى للشرک، وحقانیة الله، وضلال الأصنام... بجلاء.

ومن الطریف أنّ القرآن یعبر بـ (ضل عنهم ما کانوا یفترون) أی إنّ تصوراتهم واعتقاداتهم فی الأصنام تمحى عنهم یوم القیامة، لأنّ عرصة القیامة عرصة الحق، ولا مکان للباطل هناک، فالباطل یضل هناک ویمحى من الوجود!

فإذا کان الباطل یغطی وجهه هنا (فی هذا العالم) بستار من الحق لیخدع الناس أیّاماً، فهناک تنکشف الحجب ولا یبقى سوى الحق.

نقرأ فی روایة عن الإمام الباقر(علیه السلام) فی تفسیر: (ونزعنا من کل أمّة شهید)، وقوله: «ومن هذه الاُمة إمامها»(4).

وهذا الکلام إشارة إلى أنّه لابدّ فی کل عصر وزمان من شاهد معصوم للاُمة، والحدیث آنف الذکر من قبیل بیان مصداق هذا المفهوم القرآنی.


1. (أرأیتم) جملة تأتی بمعنى «أخبرونی» عادةً، کما فسّروها، ولکن کما قلنا سابقاً تأتی أحیاناً بمعنى: هل علمتم؟!
2. قال أهل اللغة: إنّ کلمة «سرمدی» تطلق على ما لیس له بدایة ولا نهایة، و«الأزلی» ما لیس له بدایة، و«الأبدی» ما لیس له نهایة.
3. التعبیر بـ «نزعنا» التی تعنی جذب الشیء من مقرّه، هی إشارة إلى إحضار الشهود من بین کل جماعة واُمة.
4. تفسیر المیزان، ج 16، ص 200.
سورة القصص / الآیة 71 ـ 75 سورة القصص / الآیة 76 ـ 78
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma