الخصام بین المشرکین ومعبوداتهم:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
سورة الشّعراء / الآیة 88 ـ 104 1ـ القلب السلیم ـ وحده ـ وسیلة النجاة

اُشیر فی آخر آیة من البحث السابق إلى یوم القیامة ومسألة المعاد... أمّا فی هذه الآیات فنلحظ تصویر یوم القیامة ببیان جامع، کما نلاحظ فیها أهم المتاع «فی تلک السُوق»، وعاقبة المؤمنین وعاقبة الکافرین والضالین وجنود إبلیس، ویدلُّ ظاهر الآیات أنّ هذا الوصف وهذا التصویر هو من کلام إبراهیم الخلیل، وأنّه ختام دعائه ربَّه، وهکذا یعتقد ـ أیضاً ـ أغلب المفسّرین... وإن کان هناک مَنْ یحتمل أنّه هو من کلام الله، وأنّ الآیات محل البحث هی منه سبحانه جاءت مکملةً لکلام إبراهیم(علیه السلام) وموضحة له، إلاّ أنّ هذا الاحتمال یبدو ضعیفاً!

وعلى کل حال، فأوّل ما تبدأ به هذه الآیات هو (یوم لا ینفع مالٌ ولا بنون).

وفی الحقیقة إنّ هاتین الدعامتین المهمتین فی الحیاة الدنیا «المال والبنون» لیس فیهما

أدنى نفع لصاحبهما یوم القیامة، وکل ما کان دون هاتین الدعامتین رتبةً من الاُمور الدنیویة ـ من باب أولى ـ لا نفع فیه، ولا فائدة من ورائه!

وبدیهی أنّ المراد من المال والبنین هنا لیس هو ما یکون ـ من المال والبنین ـ فی مرضاة الله، بل المراد منه الاستناد إلى الاُمور المادیّة، فالمراد إذاً هو أنّ هذه الدعامات المادیة لا تحلُّ معضلا فی ذلک الیوم... أمّا لو کان أیٌّ من البنین والمال فی مرضاة الله فلن یکون ذلک مادّیاً... إذ یصطبغ بصیغة الله ویُعدّ من «الباقیات الصالحات»!

ثمّ یضیف القرآن فی ختام الآیة، على سبیل الاستثناء (إلاّ من أتى اللّهَ بقلب سلیم) .

وهکذا یتّضح أنّ أفضل ما ینجى یوم القیامة هو القلب السلیم، ویاله من تعبیر رائع جامع، تعبیر یتجسد فیه الإیمان والنیة الخالصة، کما یحتوی على کل ما یکون من عمل صالح! ولم لا یکون لمثل هذا القلب من ثمر سوى العمل الصالح؟!

وبتعبیر آخر: کما أنّ قلب الإنسان وروحه یؤثران فی أعماله، فإنّ أعماله لها أثر واسع فی القلب أیضاً، سواءً کانت أعمالا رحمانیة أم شیطانیة!

ثمّ یبیّن القرآن الجنّة والنار بالنحو التالی فیقول: (واُزلفت الجنّة للمتّقین(1) * وبُرّزت الجحیم للغاوین). أی الضالین.

وهذا الأمر ـ فی الحقیقة ـ قبل ورود کلٍّ من أهل الجنّة والنار إلیهما! فکلّ طائفة ترى مکانها من قریب. فیفرح المؤمنون ویستولی الرعب على الغاوین، وهذا أوّلَ جزائهما هناک!

الطریف هنا أنّ القرآن لا یقول: اقترب المتقون أو أزلف المتقون إلى الجنّة، بل یقول: (واُزلفت الجنّة للمتّقین) وهذا یدل على مقامهم الکریم وعِظَمِ شأنِهم!

کما ینبغی الإشارة إلى هذه اللطیفة، وهی أنّ التعبیر بالغاوین هو التعبیر ذاته الوارد فی قصة الشیطان، إذ طرده الله عن ساحته المقدسة فقال له: (إنّ عبادی لیس لک علیهم سلطان إلاّ من اتّبعک من الغاوین).(2)

ثمّ یتحدث القرآن عن ملامةِ هؤلاء الضالین، وما یُقالُ لهم من کلمات التوبیخ أو العتاب، فیقول: (وقیل لهم أین ما کنتم تعبدون * من دون الله) فهل یستطیعون معونتکم فی هذه الشدة التی أنتم فیها، أو أن یطلبوا منکم أو من غیرکم النصر والمعونة (هل ینصرونکم أو ینتصرون)(3).

إلاّ أنّهم لا یملکون جواباً لهذا السؤال! کما لا یتوقع أحد منهم ذلک!... (فکُبکُبوا فیها هم والغاوون).

کما یقول بعض المفسّرین: إن کلاًّ منهم سیُلقى على الآخر یوم القیامة! (وجنود إبلیس أجمعون).

وفی الحقیقة أن هذه الفرق الثلاث، الأصنام والعابدین لها وجنود إبلیس الدالین على هذا الإنحراف، یساقون جمیعاً إلى النار... ولکن بهذه الکیفیة... وهی أن تلقى الفرق فرقةً بعد أخرى فی النار. لأن «کُبکِبوا» فی الأصل مأخوذة من (کبّ)، و(الکبّ) معناه إلقاء الشیء بوجهه فی الحفرة وما أشبهها، وتکراره «کبکب» یؤدّی هذا المعنى من السقوط، وهذا یدلّ أنّهم حین یُلقون فی النار مثلهم کمثل الصخرة إذ تهوى من أعلى الجبل أو تلقى من قمة الجبل، فهی تصل أولا نقطةً ما فی الوادی ثمّ تتدحرج إلى نقاط اُخر حتى تستقرّ فی القعر!.

إلاّ أنّ الکلام لا یقف عند هذا الحدّ، بل یقع النزاع والجدال بین هذه الفرق أو الطوائف الثلاث، فیجسم القرآن مخاصمتهم هنا، فیقول: (قالوا وهم فیها یختصمون).

أجل... إنّ العبدَةَ الضالین الغاوین یقسمون بالله فیقولون: (تالله إن کنّا لفی ضلال مبین *(4) إذ نسوّیکم بربّ العالمین(5) * وما أضلّنا إلاّ المجرمون).

المجرمون الذین کانوا سادة مجتمعاتنا ورؤساءنا وکبراءنا، فأضلونا حفظاً لمنافعهم، وجرّونا إلى طریق الشقوة والغوایة... کما یحتمل أن یکون المراد من المجرمین هم الشیاطین أو الأسلاف الضالین الذین جرّوهم إلى هذه العاقبة الوخیمة.

(فما لنا من شافعین * ولا صدیق حمیم).

والخلاصة أنّ الأصنام لا تشفع لنا کما کنّا نتصور ذلک فی الدنیا، ولا یتأتى لأی صدیق أن یعیننا هنالک.

وممّا ینبغی الإلتفات إلیه، أنّ کلمة (شافعین) جاءت فی الآیة السابقة بصیغة الجمع کما ترى، إلاّ أنّ کلمة (صدیق) جاءت بصیغة الإفراد، ولعلّ منشأ هذا التفاوت والاختلاف، هو أنّ هؤلاء الضالین یرون بأمُ أعینهم المؤمنین الجانحین یشفع لهم الأنبیاء والأوصیاء أو الملائکة وبعض الأصدقاء الصالحین، فاُولئک الضالون یتمنون الشافعین أیضاً، وأن یکون عندهم صدیق هنالک!

إضافةً إلى ذلک فإن کلمتی (الصدیق) و(العدو) کما یقول بعض المفسّرین، تطلقان على المفرد والجمع أیضاً.

إلاّ أنّهم ما أسرع أن یلتفتوا إلى واقعهم المرّ، إذْ لا جدوى هناک للحسرة  ولا مجال للعمل فی تلک الدار لجبران ما فات فی دنیاهم، فیتمنون العودة إلى دار الدنیا... ویقولون: (فلو أنّ لنا کرّةً فنکون من المؤمنین).

وصحیح أنّهم فی ذلک الیوم وفی عرصات القیامة یؤمنون بربّهم، إلاّ أنّ هذا الإیمان نوع من الإیمان الاضطراری غیر المؤثر، ولیس کالإیمان الاختیاری، وفی هذه الدنیا حیث یکون أساساً للهدایة والعمل الصالح.

ولکن لا یحقق هذا التمنی شیئاً، ولا یحلُّ مُعْضلا، ولن تسمح سنّة الله بذلک، وهم یدرکون تلک الحقیقة، لأنّهم یتفوّهون بکلمة «لو»(6).

وأخیراً بعد الإنتهاء من هذا القِسمِ من قصة إبراهیم، وکلماته مع قومه الضالین، ودعائه ربَّه، ووصفه لیوم القیامة، یکرر الله آیتین مثیرتین بمثابة النتیجة لعباده جمیعاً، وهاتان الآیتان وردتا فی ختام قصة موسى وفرعون، کما وردتا فی قصص الأنبیاء الآخرین من السورة ذاتها فیقول: (إنّ فی ذلک لآیةً وما کان أکثرهم مؤمنین * وإنّ ربّک لهو العزیز الرّحیم).

وتکرار هاتین الآیتین، هو للتسریة عن قلب النّبی(صلى الله علیه وآله) وتسلیته ومن معه من الصحابة القلة وکذلک المؤمنین فی کل عصر ومصر لئلا یستوحشوا فی الطریق من قلة أهله وکثرة الأعداء... ولیطمئنوا إلى رحمة الله وعزته، کما أنّ هذا التکرار بنفسه تهدید للغاوین الضالین، وإشارة إلى أنّه لو وجدوا الفرصة فی حیاتهم وأمهلهم الله إمهالا فلیس ذلک عن ضعف منه سبحانه، بل هو من رحمته وکرمه!


1. «أُزلفت»: فعل مشتق من «الزلفى» على وزن (کبرى) ومعنى الفعل «قربت».
2. الحجر، 42.
3. قد یکون المراد من (ینتصرون) هو أن یطلبوا العون والنصر لأنفسهم أو لغیرهم... أو مجموعهما، لاننا سنلاحظ فی الآیات المقبلة أن العَبدَةَ ومعبودیهم یساقون إلى النار.
4. (إن کنا) مخففة من (إنّا کنا)...
5. یُحتمل أن تکون (إذ) هنا للظرفیة، کما یحتمل أن تکون تعلیلیة...
6. تعدّ (لو) من حروف الشرط ـ وعادةً ـ تستعمل حینما یکون الشرط محالا...
سورة الشّعراء / الآیة 88 ـ 104 1ـ القلب السلیم ـ وحده ـ وسیلة النجاة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma