إیمان أبی طالب والضجیج حوله:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
الهدایة بید الله وحده! سورة القصص / الآیة 58 ـ 60

هذا الموضوع یبدو عجیباً لمن کان من أهل البحث والمطالعة.. فکیف یصرّ جماعة من رواة الأخبار على أن یزعموا أنّ أبا طالب(علیه السلام) عم النّبی کان مشرکاً وغیر مؤمن وأنّه مات کافراً!! وهو بإجماع المسلمین کان من الذین بذلوا تضحیات منقطعة النظیر، وحمى نبیّ الإسلام(صلى الله علیه وآله) وضحّى من أجله؟!

ولم لا یکون هذا الإصرار بالنسبة للآخرین الذین لا حظّ لهم فی تأریخ الإسلام؟!

هنا نعرف أنّ المسألة لیست مسألة عادیة.. ثمّ بأقل ملاحظة وتدقیق نصل إلى هذه النتیجة، وهی أنّ وراء هذه البحوث التاریخیة والروائیة لعبة سیاسیّة خطیرة من أعداء علی(علیه السلام) ومناوئیه! فقد کانوا یصرّون على سلب کل فضیلة له، حتى جعلوا أباه المضحّی والفادی للنّبی والمؤثر له على نفسه یموت کافراً بزعمهم!!.

ومن المؤکّد أنّ بنی أمیة ومریدیهم فی عصرهم، وقبل أن یصلوا إلى دفة الحکومة، سعوا ما استطاعوا إلى ذلک سبیلا لإثبات مدعاهم بالشواهد والحجج الواهیة.

ونحن بقطع النظر عن هذه الأمواج السیاسیة المنحرفة والملوثة، التی هی بنفسها تستحق المطالعة من جهات متعددة... نبحث المسألة على أساس أنّها مسألة بنفسها تستحق المطالعة من جهات متعددة... نبحث المسألة على أساس أنّها مسألة تأریخیة وتفسیریة بحتة، بشکل موجز ومضغوط (کما یقتضیه وضع الکتاب) لیتّضح أن لیس وراء هذا الضجیج أی سند معتبر، بل هناک شواهد حیّة ضده!.

إنّ الآیة محل البحث (إنّک لا تهدی من أحببت) لیس لها علاقة بأبی طالب کما بیّنا، وقلنا: إنّ الآیات التی جاءت قبلها تدل بصورة واضحة أنّها فی شأن جماعة من أهل الکتاب المؤمنین، فی مقابل مشرکی مکّة.

الطریف أن الرازی الذی یزعم أنّ الآیة نزلت فی أبی طالب(علیه السلام) بإجماع المسلمین!! یصرّح بأنّ الآیة لیس فیها أقل دلالة على کفر أبی طالب(1).

ولکن مع هذه الحال فلماذا یصرون فیها على أن یکون أبو طالب(علیه السلام)مشرکاً؟ فهذه مسألة غریبة ومدعاة للدهشة!

وأهم دلیل لدیهم فی هذا المجال أنّهم ادعوا إجماع المسلمین على أنّ أباطالب مات مشرکاً!.

فی حین أنّ مثل هذا الإجماع کذب محض لا أساس له، وهو عار عن الصحة.

فالمفسّر المعروف «الآلوسی» ـ وهو من علماء السنة ـ صرح فی تفسیر روح المعانی أنّ هذه المسألة لیست إجماعیة، وحکایة الإجماع من قبل المسلمین أو المفسّرین على أنّ الآیة المتقدمة نزلت فی أبی طالب تبدو غیر صحیحة... لأنّ علماء الشیعة وجمع کثیر من المفسّرین یعتقدون بإسلام أبی طالب، وادّعى أئمّة أهل البیت(علیهم السلام) الإجماع على ذلک، إضافة إلى أنّ أکثر قصائد أبی طالب تشهد على إیمانه(2).

التدقیق والبحث یدل على أنّ هذا الإجماع المزعوم هو من قبل أخبار الاحاد الذین لا اعتبار لهم، وفی سند هذه الروایات أفراد مشکوک فیهم کذابون.

ومن هذه الرّوایات ما نقله ابن «مردویه» بسنده عن ابن عباس أن آیة (إنّک لا تهدی من أحببت) نزلت فی شأن أبی طالب، وقدأصرّ النّبی(صلى الله علیه وآله) علیه أن یؤمن فلم یؤمن(3).

فی حین أنّ فی سند هذه الروایة «أبو سهل السری» الذی عرف بین کبار أصحاب علم الرجال بأنّه من الکذابین الوضّاع السارقین للحدیث. کما أنّ فی سند هذه الرّوایة «عبد القدوس أبو سعید الدمشقی» وهو من الکذابین أیض(4).

وظاهر تعبیر الحدیث یدل على أنّ ابن عباس ینقل هذا الحدیث من غیر واسطة وکان شاهداً على ذلک، فی حین أنّنا نعرف أن ابن عباس ولد قبل الهجرة بثلاث سنوات، فعلى هذا کان لا یزال رضیعاً عندما مات أبو طالب(علیه السلام)... ومن هنا نستنتج أنّ واضعی الحدیث حتى فی هذا العمل کانوا مبتدئین وناشئین!!.

وهناک حدیث آخر فی هذا المجال ینقله «أبو هریرة» إذ یقول: حین دنت وفاة أبی طالب قال له النّبی(صلى الله علیه وآله): یا عم قل: لا إله إلاّ الله، لأشهد لک یوم القیامة عند الله بالتوحید، فقال أبو طالب: لولا أنّ قریشاً تقول إنّ أبا طالب أظهر الإیمان حال الموت خوفاً، لکنت أشهد بالتوحید وأقرّ عینیک، فنزل قوله تعالى: (إنّک لا تهدی من أحببت)(5).

ویبدو من ظاهر هذا الحدیث أنّ أبا هریرة کان شاهداً على هذه القضیة، فی حین أنّنا نعرف أنّ أبا هریرة أسلم سنة فتح خیبر، بعد الهجرة بسبع سنین، فأین  أبو هریرة  من وفاة أبی طالب التی حدثت قبل الهجرة؟!!

وإذا قیل أنّ ابن عباس وأبا هریرة لم یکونا شاهدین على هذه القضیة، وسمعا هذه القصّة من شخص آخر فإننا نسأل من هو هذا الشخص؟! فالذی نقل هذا الحدیث لهذین الشخصین ـ إذاً ـ مجهول، ومثل هذا الحدیث یعرف عند أهل الحدیث بالمرسل، والجمیع یعلمون بأن لا اعتبار للمراسیل!

ومن المؤسف أنّ جماعة من رواة الأخبار والمفسّرین نقلوا هذا الحدیث بعضهم عن بعض دون تدقیق فی کتبهم، وشیئاً فشیئاً کوّنوا إجماعاً لهذا الحدیث! ولکن أیّ إجماع هذا؟ أم أی حدیث معتبر!؟!

وبعد هذا کلّه، فإنّ متن هذه الأحادیث الموضوعة یدل على أنّ  أبا طالب(علیه السلام) کان مؤمناً بحقانیة النّبی، غایة ما فی الأمر لم یجر ذلک على لسانه لملاحظات خاصة... ونحن نعرف أنّ الإیمان هو بالقلب، وأمّا اللسان فهو طریق القلب، وفی بعض الأحادیث الإسلامیة شبه أبو طالب بأصحاب الکهف الذین کانوا مؤمنین وإن لم یقدروا على إظهار الإیمان على ألسنتهم(6).

ثمّ هل یمکن القناعة بروایة مرسلة عن أبی هریرة أو ابن عباس فی مثل هذه المسألة المهمّة، فلم لا یؤخذ بإجماع أئمة أهل البیت(علیهم السلام) وإجماع علماء الشیعة، وهم أعرف بحال اُسرة النّبی وأهله!!

إنّنا الیوم نحتفظ بأشعار کثیرة لأبی طالب توضح إیمانه بالإسلام ورسالة النّبی (محمّد)(صلى الله علیه وآله)، وقد نقل هذه الأشعار طائفة من العلماء والأفاضل فی کتبهم (وقد نقلنا طائفة منها فی ذیل الآیة 26 من سورة الأنعام من مصادر سنیة معروفة)!.

ومع غض النظر عن جمیع ما تقدم، فإنّ تاریخ حیاة أبی طالب وتضحیاته العظیمة للنّبی(صلى الله علیه وآله) وعلاقة النّبی(صلى الله علیه وآله) والمسلمین الشدیدة به إلى درجة أنّ النّبی سمى عام وفاته بـ «عام الحزن» کل ذلک یدل على أنّه کان یعشق الإسلام، ولم یکن دفاعه عن النّبی على أنّه أحد أرحامه، بل دفاع رجل مؤمن مخلص وعاشق نظیف وجندی مضحٍّ عن قائده وإمامه.. فمع هذه الحالة، کم یبلغ الجهل والغفلة والظلم وعدم الشکر بطائفة أن تصرّ على أنّ هذا الرجل المخلص المؤمن الموحّد مات مشرک(7).


1. التّفسیر الکبیر، ج 25، ص 3.
2. تفسیر روح المعانی، ج 20، ص 84، ذیل الآیة مورد البحث.
3. تفسیر الدرالمنثور، ج 5، ص 133.
4. الغدیر، ج 8، ص 20.
5. تفسیر الدرالمنثور، ج 5، ص 133.
6. راجع فی هذا الصدد تفسیر الصافی وتفسیر البرهان ذیل الآیة مورد البحث.
7. هناک بحث مفصل أوردناه لدى تفسیر الآیة 36 من سورة الأنعام.
الهدایة بید الله وحده! سورة القصص / الآیة 58 ـ 60
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma