آفات العمل الصالح:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
الإدعاءات الکبیرة: سورة الفرقان / الآیة 25 ـ 26

کلمة «هباء» بمعنى ذرات الغبار الصغیرة جدّاً التی لا تُرى بالعین المجرّدة وفی الحال العادیة أبداً إلاّ فی الوقت الذی یدخل نور الشمس إلى الغرفة المظلمة من ثقب أو کُوّة، فیکشف عن هذه الذرات ویمکن مشاهدتها.

هذا التعبیر یدل على أن أعمال اُولئک لا قیمة لها ولا اثر إلى حدّ کأنّهم لم یعملوا شیئاً، وإن کانوا قد سعوا واجتهدوا سنین طویلة.

هذه الآیة نظیرة الآیة 18 من سورة إبراهیم التی تقول: (مثل الّذین کفروا بربّهم أعمالهم کرماد اشتدّت به الرّیح فی یوم عاصف).

الدلیل المنطقی لذلک واضح أیضاً، لأنّ الشیء الذی یعطی عمل الإنسان الشکل والمحتوى، هو النّیة والدافع وغایة العمل النهائیة، فأهل الإیمان یتوجهون لإنجاز أعمالهم بدافع إلهی وعلى أساس أهداف مقدسة طاهرة، وخطط سلیمة صحیحة، فی حین أن من لا إیمان لهم، فغالباً یقعون أسارى التظاهر والریاء والغرور والعجب، فیکون سبباً فی انعدام أیة قیمة لأعمالهم.

على سبیل المثال، نحن نعرف مساجد من مئات السنین، لم تترک علیها القرون الماضیة أدنى تأثیر، وبعکسها نرى بیوتاً تظهر فیها الشروخ وعلامات الضعف مع مضی شهر واحد أو سنة واحدة، فالاُولى بنیت من کل النواحی بناءً محکماً بأفضل المواد مع توقع الحوادث المستقبلیة، أمّا الثّانیة فلأن الهدف من بنائها هو تهیئة المال والثروة عن طریق المظاهر والحیلة، فالعنایة فیها کانت بالزخرفة فقط.(1)

من وجهة نظر المنطق الإسلامی، فإن للأعمال الصالحة آفات، ینبغی مراقبتها بدقة، فقد یکون العمل أحیاناً خراباً وفاسداً منذ البدایة، کمثل العمل الذی یتخذ (ریاءً).

و أحیاناً اُخرى یلحقه الفساد أثناء العمل کما لو اصاب الإنسان الغرور والعجب حینه فتزول قیمة عمله بسبب ذلک.

و قد یمحى أثر العمل الصالح بعد الانتهاء منه بسبب القیام بأعمال مخالفة ومنافیة، کمثل الإنفاق الذی تتبعه «منّة»، أو کالأعمال الصالحة التی یعقبها کفر وارتداد.

حتى ارتکاب الذنوب أحیاناً یترک أثره على العمل الصالح بعدها ـ طبقاً لبعض الرّوایات الإسلامیة ـ کما نقرأ فی مسألة شارب الخمر حیث لا تقبل أعماله عند الله أربعین یوماً.(2)

على أیة حال، فللإسلام منهج فذ، دقیق وحساس فی مسألة خصوصیات العمل الصالح. نقرأ فی حدیث عن الإمام الباقر(علیه السلام) قال:

«یبعث الله عزَّوجلّ یوم القیامة قوماً بین أیدیهم نور کالقباطی، ثمّ یقول له: (هباءً منثور)ثمّ قال: أمّا والله ـ یا أبا حمزة ـ إنّهم کانوایصومون ویصلون، ولکن کانوا إذا عرض لهم شیء من الحرام أخذوه، وإذا ذکر لهم شیء من فضل أمیر المؤمنین(علیه السلام) أنکروه، قال: والهباء المنثور هو الذی تراه یدخل البیت من الکوة مثل شعاع الشمس».(3)

و بما أنّ القرآن ـ عادة ـ یضع الحسن والسیء متقابلین حتى یتّضح وضع کل منهما بالمقایسة فإنّ الآیة التی بعدها تتحدث عن أهل الجنّة فتقول: (أصحاب الجنّة یومئذ خیر مستقرّاً وأحسن مقیل).

لیس معنى هذا الکلام أنّ وضع أهل جهنم حسن، ووضع أهل الجنّة أحسن، لأنّ صیغة «أفعل التفضیل» تأتی أحیاناً حیث یکون أحد الأطراف واجداً للمفهوم، وآلاخر فاقداً له کلیاً. مثلا نقرأ فی الآیة 40 من سورة فصّلت: (أفمن یُلقى فی النّار خیر أم من یأتی آمناً یوم القیامة).

«مستقر» بمعنى محل الإستقرار.

و «مقیل» بمعنى محل الإستراحة فی منتصف النهار، من مادة «قیلولة»، وقد جاءت بمعنى النوم منتصف النهار.


1. بحثنا فی هذا الصدد بصورة أکثر تفصیلا فی هذا التفسیر ذیل الآیة 18 من سورة إبراهیم.
2. سفینة البحار، ج 1، ص 427، مادة «خمر».
3. تفسیر علی بن إبراهیم طبقاً لنقل تفسیر نورالثقلین، ج 4، ص 9.
الإدعاءات الکبیرة: سورة الفرقان / الآیة 25 ـ 26
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma