حرکة الأرض إحدى معاجز القرآن العلمیّة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
سورة النّمل / الآیة 86 ـ 88 وتوضیح ذلک:

مرّة اُخرى تتحدث هذه الآیات عن مسألة المبدأ والمعاد، وآثار عظمة الله، ودلائل قدرته فی عالم الوجود، وحوادث القیامة، فتقول: (ألم یروا أنّا جعلنا اللیل لیسکنوا فیه والنّهار مبصر) وفی ذلک علائم ودلائل واضحة على قدرة الله وحکمته لمن کان مستعداً للإیمان (إنّ فی ذلک لآیات لقوم یؤمنون).

وهذه لیست أوّل مرّة یتحدث فیها القرآن عن اللیل والنهار الحیویّة، ونظامی النور والظلمة، کما أنّها لیست آخر مرّة أیضاً.. وذلک لأنّ القرآن کتاب تعلیم وتربیة، وهو یهدف إلى بناء الشخصیة الإنسانیة... ونحن نعرف أنّ أصول التعلیم والتربیة تقتضی أحیاناً أن یتکرر الموضوع فی «فواصل» مختلفة، وأن یذکّر الناس به لیبقى فی الذهن کما یقال.

فالسکن أو الهدوء الذی یحصل من ظلمة اللیل، مسألة علمیة وحقیقة مسلّم بها، فسُدل اللیل لیست أسباباً إجباریة لتعطیل النشاطات الیومیة فحسب، بل لها أثر عمیق على سلسلة الأعصاب فی الإنسان وسائر الحیوانات، ویجرها إلى الراحة والنوم العمیق، أو کما یعبر القرآن عنه بالسکون!.

وکذلک العلاقة بین ضوء النهار والسعی والحرکة التی هی من خصائص النور من الناحیة العلمیة ـ أیضاً ـ ولا مجال للتردد فیها. فنور الشمس لا یضیء محیط الحیاة لیبصر

الإنسان به مأربه فحسب، بل یوقظ جمیع ذرات وجود الإنسان ویوجهه إلى الحرکة والنشاط!.

فهذه الآیة توضح جانباً من التوحید الرّبوبی، ولما کان المعبود الواقعی هو ربّ «عالم الوجود» ومدبّره، فهی تشطب بالبطلان على وجوه الأوثان!... وتدعو المشرکین إلى إعادة النظر فی عبادتهم.

وینبغی الإلتفات إلى هذه اللطیفة، وهی أنّ على الإنسان أن یجعل نفسه منسجماً مع هذا النظام، فیستریح فی اللیل ویسعى فی النهار، لیبقى نشطاً صحیحاً دائماً... لا کالمنقاد لهواه الذی یطوی اللیل یقظاً ساهراً وینام النهار حتى الظهر!.

والطریف أن کلمة «مبصر» نسبت إلى النهار ووصف بها، مع أنّها وصف للإنسان فی النهار، وهذا نوع من التأکید الجمیل للإهتمام بالنشاط فی النهار، کما یوصف اللیل أحیاناً بأنه «لیل نائم»(1).

وهذا التفاوت فی التعبیر فی الآیة، هو لبیان فائدة اللیل والنهار، إذ جاء فی شأن اللیل (لتسکنوا فیه) وعبر عن النهار ب(مبصر) فلعل هذا الاختلاف فی التعبیر إشارة إلى أنّ الهدف الأصلی من وجود اللیل هو السکون والهدوء، والهدف من الضوء والنهار لیس النظر فحسب، بل رؤیة الوسائل الموصلة إلى مواهب الحیاة والإستمتاع بها «فلاحظوا بدقة».

وعلى کل حال، فهذه الآیة وإن کانت تتکلم مباشرةً عن التوحید وتدبیر عالم الوجود، إلاّ أنّها ربّما کانت إشارة لطیفة إلى مسألة المعاد، لأنّ النوم بمثابة الموت، والیقظة بمثابة الحیاة بعد الموت!.

والآیة التالیة تتحدث عن مشاهد القیامة ومقدماتها، فتقول: (و) اذکر (یوم ینفخ فی الصّور ففزع من فی السّماوات ومن فی الأرض إلاّ من شاء الله وکلّ أتوه داخرین) أی خاضعین.

ویستفاد من مجموع آیات القرآن أنّ النفخ فی الصور یقع مرّتین أو ثلاث مرات.

فالمرّة الاُولى یقع النفخ فی الصور عند نهایة الدنیا وبین یدی القیامة! وبها یفزع من فی السماوات والأرض إلاّ من شاء الله!

والثّانیة «عند النفخ» یموت الجمیع من سماع الصیحة، ولعل هاتین النفختین واحدة.

والمرّة الثّالثة ینفخ فی الصور عند البعث وقیام القیامة.. إذ یحیا الموتى جمیعاً بهذه النفخة، وتبدأ الحیاة الجدیدة معها.

وهناک کلام بین المفسّرین إلى أنّ الآیة محل البحث هل تشیر إلى النفخة الاُولى أم الثّانیة أم الثّالثة؟!.. القرائن الموجودة فی الآیة وما بعدها من الآیات تنطبق على النفختین، وقیل: بل هی تشمل الجمیع.

إلاّ أنّ الظاهر من الآیة یدل على أنّ النفخة هنا إشارة إلى النفخة الاُولى التی تقع فی نهایة الدنیا، لأنّ التعبیر بـ (فزع) وهو یعنی الخوف أو الإستیحاش الذی یستوعب جمیع القلوب، یعدّ من آثار هذه النفخة... ونعلم أنّ الفزع فی یوم القیامة هو بسبب الأعمال لا من أثر النفخة!.

وبتعبیر آخر: إنّ ظاهر «فاء» التفریع فی «ففزغ» أنّ الفزع ناشىء من النفخة فی الصور، وهذا خاص بالنفخة الأولى، لأنّ النفخة الأخیرة لیست لا تثیر الفزع فحسب، بل هی مدعاة للحیاة والحرکة، وإذا حصلت حالة فهی من أعمال الإنسان نفسه!.

وأمّا ما المراد بالنفخ فی الصور،؟ هناک کلام طویل بین المفسّرین سنتناوله فی ذیل الآیة 68 من سورة «الزمر» بإذن الله!.

وأمّا جملة (إلاّ من شاء الله) المذکورة للاستثناء من الفزع العام، فهی إشارة للمؤمنین الصالحین سواءً کانوا من الملائکة أو سائر المؤمنین فی السماوات والأرض، فهم فی اطمئنان خاص! لا تفزعهم النفخة فی الصور الاُولى  ولا الاُخرى .. إذ نقرأ فی الآیات التی تلی هذه الآیات قوله تعالى: (من جاء بالحسنة فله خیر منها وهم من فزع یومئذ آمنون).

وأمّا جملة (وکلّ أتوه داخرین) فظاهرها عامٌ ولیس فیه أی استثناء، حتى الأنبیاء والأولیاء یخضعون لله ویذعنون لمشیئته، وإذا ما لاحظنا قوله تعالى فی الآیة 127 من سورة الصافات: (فإنّهم لمحضرون * إلاّ عباد الله المخلصین)، فلا منافاة بینها وبین عموم الآیة محل البحث، فالآیة محل البحث إشارة إلى أصل الحضور فی المحشر، وأمّا الثّانیة فهی إشارة إلى الحضور للمحاسبة ومشاهدة الأعمال!.

والآیة التالیة تشیر إلى إحدى آیات عظمة الله فی هذا العالم الواسع، فتقول: (وترى الجبال تحسبها جامدة وهی تمرّ مرّ السّحاب صنع الله الّذی اتقن کلّ شیء)(2).

فمن یکون قادراً على کل هذا النظم والإبداع فی الخلق، لا ریب فی علمه و (إنّه خبیر بما تفعلون).

یعتقد کثیر من المفسّرین أنّ هذه الآیة تشیر إلى الحوادث التی تقع بین یدی القیامة، لأننا نعرف أنّ فی نهایة هذه الدنیا تقع زلازل وانفجارات هائلة، وتتلاشى الجبال وتنفصل بعضها عن بعض، وقد اُشیر إلى هذه الحقیقة فی السور الأخیرة من القرآن کراراً.

ووقوع الآیة فی سباق آیات القیامة دلیل وشاهد على هذا التّفسیر.

إلاّ أنّ قرائن کثیرة فی الآیة تؤید تفسیراً آخر، وهو أنّ الآیة آنفة الذکر من قبیل آیات التوحید ودلائل عظمة الله فی هذه الدنیا، وتشیر إلى حرکة الأرض التی لا نحس بها.


1. هذا النوع من التعبیر یسمّى عند البلاغیین بـ «المجاز العقلی»، ویراد منه إسناد الفعل أو ما فی معناه «کاسم الفاعل واسم المفعول» لغیر ما وضع له لعلاقة، منها العلاقة الزمانیة، فیقال مثلا: نهار الزاهد صائم ولیله قائم. (المصحح) 2. «صنع الله» منصوب بفعل محذوف تقدیر (أنذر صنع الله) أو ما شاکله.
سورة النّمل / الآیة 86 ـ 88 وتوضیح ذلک:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma