ردّ على استفسار:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
جانب آخر من الخلق العجیب: 1ـ ماذا یعنی الماء هنا؟

السؤال الذی بقی هنا هو: ما هذا الجبل الذی فی السماء ینزل منه البَرَد؟ أجاب المفسّرون عن هذا الاستفسار بأجوبة مختلفة، هی:

قال البعض: إنَّ کلمة الجبال هنا کنایة، مثلما نقول جبل من غذاء أو جبل من علم. وعلى هذا فإنّ مفهوم الآیة السابقة، هو أنّ هناک بَرَداً متراکماً کالجبل فی قلب السماء أوجد السحاب، وینزل قسم منه فی المدن، وقسم آخر فی الصحراء، ویصیب به من یشاء.

وقال آخرون: المقصود من الجبال السحب المتراکمة بحیث تشبه الجبل.

وذکر صاحب تفسیر «فی ظلال القرآن»، بیاناً آخر هو الأوفق حسب الظاهر، وهو: «إن یدالله تزجی السحاب وتدفعه من مکان إلى مکان، ثمّ تؤلف بینه وتجمعه فإذا هو رکام بعضه فوق بعض، فإذا ثقل خرج منه الماء والوبل الهاطل، وهو فی هیئة الجبال الضخمة الکثیفة، فیها قطع البرد الثلجیة الصغیرة، ومشهد السحاب کالجبال لا یبدو لنا کما یبدو لراکب الطائرة وهی تعلو فوق السحب أو تسیر بینها، فإذا المشهد مشهد جبال حقاً، بضخامتها ومساقطها وارتفاعها وانخفاضها، وإنّه لتعبیر مصور للحقیقة التی لم یرها الناس إلاّ بعد ما رکبوا الطائرات»(1).

ویمکن أن یضاف إلى ذلک أنَّ العلماء یرون فی کیفیة تکون البَرد فی السماء أنَّ قطرات المطر تنفصل من السحاب، وإذا مرت بطبقة باردة من الهواء أصبحتْ ثلجاً، ثمّ تدفعها أحیاناً العواصف الموجودة هناک إلى الأعلى، فتدخل قطع الثلج هذه إلى داخل السحب، ویکتسب بعضها میاهاً جدیدة ثمّ تهبط، فتجمد ثانیة عند مرورها بطبقة من الهواء البارد جدّاً.

وکلما تکرر وقوع هذا العمل نَمَت هذه القطع من الثلج وإزداد وزنها، إلى أنْ تقع على الأرض بعد أن تعجز الأعاصیر عَنْ دفعِها إلى الأَعلى مرّة اُخرى. أو أنَّ الإعصار یهدأ فیسقط البرد على الأرض.

وبهذا الشرح العلمی یتّضح لنا المراد من کلمة «الجبال» التی وردت فی هذه الآیة، لأن تکوّن البَرَد بقطع کبیرة وثقیلة ممکن فی حال تراکم السحب، حتى یقذف الإعصار حبّات البَرَد وسطها، لتکسب هذه الحبّات قدراً أکبر من میاه السحب.

وذلک ممکن فی حالة وجودِ جبال مرتفعة من السحب، لتکون مصدراً جیداً لتکونَ البَرد.(2)

ونقرأ هنا تحلیلا آخر ذکره بعضُ الکتّاب، وخلاصته کالآتی: «أشارت الآیات موضع البحث بصراحة إلى الجبال الثلج، أی الجبال التی فیها نوع من الثلوج.

وهذا یثیر الإنتباه کثیراً، لأنّ اختراع الطائرات والتمکن من التحلیق بها فی مستوىً مرتفع زاد من آفاق علم البشر، فقد تمکّن العلماء من الوصول إلى سُحب مستورة ومتکونة من تراکمات ثلجیة، وحقّاً ممکن أن تسمى بجبال الثلج.

وممّا یثیر الدهشة أنَّ أحد علماء السوفیت استخدم ـ لعدة مرات ـ اسم «جبال السحب» و«جبال الثلج» خلال شرحه موضوع سُحُب العواصف الثلجیة، وبهذا یتّضح لنا وجود جبال من الثلج فی السماء.

وأشارت الآیة التالیة إلى إحدى معاجز الخلق ودلائل عظمة الله، وهو خلق اللیل والنهار بما فیهما من خصائص، حیث تقول: (یقلب الله اللیل والنهار إن فی ذلک لعبرة لأولی الأبصار).

وذکرت لمعنى «یقلّب» عدّة تفاسیر، فقال البعض: إنَّ تقلب اللیل والنهار هو أنْه إذا حَلَّ أحدهما مَحَا الآخر.

وقال البعض: إنَّه قصر أحدهما وطولُ الآخر، ویَحْدُثُ ذلک بصورة تدریجیة وله إرتباطٌ بالفصول الأربعة.

واعتبر آخرون تقلبات الحرّ والبرد، وحوادث اُخرى تقع فی اللیل والنهار(3).

ولیس بین هذه التفاسیر أیُ تناقض، بل یمکن جمعُها فی مفهوم عبارة «یقلب»، ولا ریب ـ وقَدْ برهن العلم على ذلک ـ أنَّ لتعاقب اللیل والنهار والتغییرات التدریجیة الحاصلة منه أثر فَعّال فی استدامة الحیاة وبقاء الإنسان، وفی ذلک عبرة لاُولی الأبصار.

وإذا کانت حرارة الشمس على نسق واحد، فإنَّها ترفع درجة حرارة الهواء، وتقتل الأحیاء وتتعب الأعصاب، لکنَّ وقوع اللیل بین نهارین یعدِّل من أثر الشمس القوی ویلائمه.

کما إنّ التغییرات التدریجیة فی ساعات اللیل والنهار هی السبب فی ظهور الفصول الأربعة، وعامِلٌ مؤثِّرٌ جدّاً فی نمو النباتات وحیاة جمیع الأحیاء وهطول المطر وتکوین المیاه الجوفیة التی هی مِنْ کنوزِ الأرض(4).

وأشارت آخر الآیات ـ موضع البحث ـ إلى أبرز صورة وأوضح دلیل على التوحید، وهی مسألة الحیاة بصورها المختلفة، فقالت: (والله خلق کلّ دابّة من ماء) أی أنّ أصلها جمیعاً من ماء، ومع هذا فلها صور مختلفة (فمنهم من یمشی على بطنه)کالزواحف. (ومنهم من یمشی على رجلین) کالإنسان والطیور (ومنهم من یمشی على أربع)کالدواب.

ولیس الخلق محدداً بهذِهِ المخلوقات، فالحیاة لها صور اُخرى متعددةٌ بشکل کبیر، سواءَ کانت أحیاء بحریة أم حشرات بأنواعها المتعددة التی تبلغ آلاف الأنواع، لهذا قالت الآیة فی الختام (یخلق اللّه ما یشاء إن الله على کل شیء قدیر).


1. تفسیر فی ظلال القرآن، ج 6، ص 109.
2. تکرر حرف (من) ثلاث مرات فی عبارة (وینزل من السماء من جبال فیها من یرد) أولاها ابتدائیة، وثانیتها لها نسبة مع ابتدائیة، وأمّا الثّالثة فقد اختلف فی تفسیرها کما ذکرنا أعلاه، فهی بحسب التّفسیر الأوّل بیانیة، ویکون مفهوم الجملة هو ینزل من السماء من جبال من برد. وقد حذف مفعول الفعل (ینزل) وهو البرد، ویفهم ذلک من قرینة فی الکلام، وعلى حسب التفسیرین الثّانی والثّالث اللذین اخترناهما تکون «من» إمّا زائدة (حسبما نقله تفسیر روح المعانی عن الأخفش) أو هی للتبعیض.
3. التّفسیر الکبیر، ج 24، ص 15، وتفسیر مجمع البیان، ج 7، ص 148، وتفسیر روح المعانی.
4. بحثنا فی هذا المجال فی التّفسیر الأمثل، عند تفسیر الآیة 6، من سورة یونس.
جانب آخر من الخلق العجیب: 1ـ ماذا یعنی الماء هنا؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma